يُعد الفكر السعودي في الحكم وإدارة شؤون البلاد تجربة فريدة، ونسيجاً متفرداً في صبغته ومقوماته، فمنذ تشكلت ملامح المملكة وترسية حدودها على يد المغفور له بإذن الله الملك عبدالعزيز، ارتأى بحكمته وحنكته أن حكم تلك المساحات الشاسعة وتوفير مصالحها الخدمية يستدعي تأسيس علاقة تُقصّر المسافات وتعزز المكتسبات الوطنية، فكان تجسيد مبدأ الشورى أحد أنفذ تلك الوسائل التي انتهجها المؤسس.

وقد نهج أبناؤه البررة من بعده على تعاهد ذُرى الوحدة الوطنية التي شكلت نسيج المملكة، فكان ميعاد افتتاح أعمال دورة مجلس الشورى مناسبة متجددة لترسيخ تلك المبادئ العميقة التي تكمل يوبيلها الذهبي هذا العام بعد مضي قرنٍ هجري كامل على انطلاق المرحلة الأولى للمجلس.

ويمثل الخطاب السنوي لخادم الحرمين الشريفين في محفل الشورى حجر الزاوية التي تنهض بمسيرة الوطن التنموية الشاملة، وتضع النقاط على الحروف نحو ما نصبو إليه من أمن ورخاء وازدهار ورفاه، كما يستعرض الخطاب خارطة التنمية التي ستشهدها المملكة خلال الفترة المقبلة.

وفي الوقت الذي تتجه فيه أنظار المواطنين صوب منبر الشورى الذي يشكل منصة تصدر عنها السياسة العامة للدولة داخلياً وخارجياً، وتكشف الأهداف والغايات التي تسعى مختلف قطاعات الدولة لإنجازها، تتطلع المنطقة ودول العالم للمواقف والسياسات التي ستنتهجها المملكة في الفترة المقبلة تجاه أبرز القضايا والملفات والمستجدات، بما يعزز المساعي الطموحة لرؤية المملكة 2030 وبرامجها النهضوية وتنميتها المستدامة.

وستبقى الكلمات الوضاءة لخادم الحرمين الشريفين منبع سمو وفخر لأبنائه المواطنين، وحافزاً لمضاعفة الجهود لمواصلة الارتقاء بمستوى الأداء العام في مختلف الجهات، ومضاعفة الاهتمام بما يحقق آمال الوطن وقيادته، وبما يستديم وحدته خلف قيادته ويستكمل مسيرته نحو ذُرى المجد والعلياء.