خطاب خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود -يحفظه الله- في مجلس الشورى، أكد على ما انتهجته حكومة المملكة منذ تأسيسها على يد جلالة الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود -رحمه الله- من عمل بشريعة الإسلام، ومن ذلك العمل بمبدأ الشورى منهجاً في الحكم لا تحيد عنه. الخطاب الملكي السنوي في مجلس الشورى كلمة الكل يترقبها لأنها تحمل في طياتها الكثير من الدلالات والأبعاد، كلمة تقيم الواقع الحالي بمعطياته وتستشرف المستقبل برؤية ثاقبة منبثقة من رؤية المملكة 2030.

جاءت كلمة خادم الحرمين الشريفين شاملة وافية وكافية لمواقف المملكة الداخلية والخارجية اقتصادياً وإدارياً وسياسياً وأمنياً وتعليمياً وصحياً وبيئياً، كانت الكلمة بالفعل بمثابة خارطة طريق واضحة المعالم جسدت بوضوح تام ومفصل واقع المملكة داخلياً وخارجياً، وهو واقع يدعو للاطمئنان والتفاؤل بمستقبل مشرق بإذن الله.

ففي الجانب الإداري عملت الحكومة على الإصلاحات الإدارية من خلال تطوير الجهاز الإداري الذي شمل جميع المؤسسات والخدمات والسياسات الحكومية، ما يسهم بكل تأكيد في الارتقاء بالقدرات التنافسية للاقتصاد الوطني والارتقاء بجودة الخدمات ورفع كفاءتها.

لا شك أن الاستراتيجية الوطنية للاستثمار التي أطلقها صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان ولي العهد -يحفظه الله- تشكل أحد الروافد المهمة لتحقيق مستهدفات رؤية المملكة 2030، هذه الرؤية الطموحة الواعدة التي من خلالها ضخ استثمارات تفوق 12 تريليون ريال في الاقتصاد المحلي حتى عام 2030، في الوقت الذي نرى اقتصادات دول أخرى تتهاوى بصرف النظر عن مكانتها وجغرافيتها وعوامل الضعف والتراخي الاقتصادي. فالاقتصاد السعودي -ولله الحمد- نجح في تجاوز الكثير من العقبات والتحديات التي واجهها العالم بسبب جائحة كورونا حتى هذا اليوم، وقد أكد صندوق النقد الدولي استمرار التعافي في اقتصاد المملكة.

وفي الجانب الأمني حققت المملكة -ولله الحمد- المرتبة الأولى عالمياً في عدد من المؤشرات الأمنية مقارنة بالدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي ودول مجموعة العشرين، كما جاءت المملكة الثانية عالمياً في المؤشر العالمي للأمن السيبراني. الأمر الذي يعكس اهتمام الدولة بهذا المجال الحيوي المهم الذي يعد مطلباً ضرورياً وحتمياً للتنمية المستدامة والرخاء والازدهار.

كلمة خادم الحرمين الشريفين لم تغفل الالتفات للأوضاع في الساحة العربية والإسلامية كأفغانستان والسودان ولبنان واليمن، والتأكيد المتكرر على محورية القضية الفلسطينية كقضية العرب والمسلمين وعلى رأس أولويات سياسة المملكة الخارجية ولا أحد يزايد على ذلك. كذلك أوضحت الكلمة قلق المملكة والعالم أجمع من التسلح النووي الإيراني الذي يهدد السلام الإقليمي والعالمي، ما يستوجب تعاون إيران مع المجتمع الدولي في هذا الخصوص.

موضوعات عديدة ومهمة تتعلق بالشأن الداخلي والخارجي شملتها كلمة خادم الحرمين الشريفين، وضعت النقاط على الحروف، وجسدت الواقع، ورسمت خارطة المستقبل.