هل طريق الحرير إلى الحرير؟


في ضوء ما يحياه العالم الآن من تقدم صناعي وتكنولوجي فاق الأزمنة السابقة والعصور اللاحقة لها نشهد إجماع العالم على إعادة إحياء هذا الطريق، لكن كل دولة تسعى إلى أن تكون مركزا تجاريا لهذا الطريق كنوع من الاستراتيجية الاقتصادية لها فهل يمر إحياء هذا الطريق بسلام؟..

طريق قديم قدم التاريخ يربط بين الشرق والغرب، استخدمه العالم القديم للسوق التجارية العالمية، فعمره ما يربو على ألفي عام، حيث كان يربط بين أكثر من ستين دولة من آسيا وإفريقيا وأوروبا حيث كانت النهضة التجارية العالمية في أوجها آخذة في التطور، مما شكل شبكة برية بحرية بين أجزاء هذه الدول جميعها وأطلق عليه حينها (الحرير الصيني)، نظرا لتطور الصناعة الصينية للحرير، بالرغم أنه لم يكن المعني بالحرير فحسب، وإنما كان لكل أنواع التجارة بين هذه الأقطاب جميعها من عطور وتوابل وبخور وغير ذاك، فقد كان طوله حينذاك أكثر من اثني عشر ألف كلم بحسب المصادر في هذا الشأن.

لقد كانت الدول جميعها تحرص على مرور هذا الطريق عبر أراضيها كونه نوعا استراتيجيا لاقتصاد هذه الدول، فقد حرصت كل من شرق أوروبا والبحر الأسود، وشبه جزيرة القرم وصولا البندقية على أن يمر بها محوره الشمالي، أما محوره الجنوبي فقد كان يمر عبر سورية وصولا إلى كل من مصر ودول شمال إفريقيا، أو عبر العراق وتركيا إلى البحر الأبيض المتوسط، وقد أطلق عليه ذلك اللقب سنة 1877 م من قبل العلم الجيولوجي الألماني البارون فرديناند فون ريشتهوفن.!

لقد كان القدماء يهتمون بمفكري تلك العصور كسلاح ناعم يُسمع له ويُطاع، ذلك أن هؤلاء العلماء هم أنفسه شركاء في تأسيس دولهم، ولديهم من الهم ما ينقذ بلادهم ويصعد بها نحو التقدم والرفاه، فلم يكن ذلك همهم فحسب، وإنما كان هما إنسانيا محبا للخير وللسلام ولنهضة الشعوب برغم ما كان يعتري هذه البلاد أو تلك من الصراعات، فهي دائمة أبدية بطبيعة الحال، إلا أن الفكر الإنساني وهم الإصلاح لم يكونا ليتعارضا أو يتقاطعا في ذلك وإنما كانا يسيران بخطوط متوازية لا يتقاطعان.!

يقول أحد المفكرين العظام في هذا الصدد: "ساهم" طريق الحرير" منذ آلاف السنين في تحقيق النمو والتكامل الاستراتيجي على مستوى البنى التحتية وكذلك التنمية الاقتصادية خلال العقود الماضية، إلى أن حدث التراجع بسبب المسارات الجديدة التي اعتمدت عليها حركة الدولية، كما ساهم الطريق في تحقيق الازدهار للعديد من الحضارات القديمة منها المصرية والصينية والرومانية والهندية، فضلًا عن الالتقاء والتنوع الثقافي والتبادل الفكري وهو ما أثرى أيضا الحياة في المدن الساحلية المحاذية للطريق، وقد توقف كخط ملاحي للحرير".

وفي ضوء ما يحياه العالم الآن من تقدم صناعي وتكنولوجي فاق الأزمنة السابقة والعصور اللاحقة لها نشهد إجماع العالم على إعادة إحياء هذا الطريق، لكن كل دولة تسعى إلى أن تكون مركزا تجاريا لهذا الطريق كنوع من الاستراتيجية الاقتصادية لها فهل يمر إحياء هذا الطريق بسلام؟

من هنا بدأت الاجتماعات والمؤتمرات حول إمكانية الظفر بأن تكون كل دولة هي مركز تجاري ورابط بين أجزاء هذا الطريق، فقد شاركت أكثر من ألفي جهة ممثلة في ستين دولة وسبعين عمدة من دول طريق الحرير وثلاثين من القادة السياسيين، ورؤساء بلديات المدن الكبرى مثل لندن وبانكوك وسيدني ومئتي ممثل لغرف التجارة والصناعة والشركات الوطنية في العالم وأكثر من 150 متحدثا أجنبيا لمناقشة برنامج "الحزام الطريق" ذلك في أستانا في العاصة الكازخية.

لم يكن هذا الأمر يخص التجاريين ورجال الأعمال ومهندسي الإستراتيجيات فحسب بل كان الأدباء والنقاد هم العصب الأول في دفع عجلة التفكير وإيقاظ الوعي العالم لشعوبهم، فقد تم انعقاد المنتدى العربي الصيني الأدبي الأول، والذي أُقيم ضمن مبادرة "الحزام والطريق" الصينية، بعنوان "الإبداع الأدبي على طريق الحرير الجديد"، تناولت فعالياته ثلاثة محاور رئيسة جامعة للقاء الأدبي عبر طريق الحرير الجديد، الأول تعلق بالتراث والماضي وحضوره ودوره في الأدب بعنوان "التراث والإبداع الأدبي"، والثاني "الأدب في الحياة المعاصرة" والثالث "حركة ترجمة الأعمال الأدبية بين اللغتين العربية والصينية"، بمشاركة أدباء من الصين ومصر والإمارات والسودان واليمن وعمان والكويت وفلسطين والجزائر والأردن وتونس، وغيرها من الدول العربية.

إن القاعدة العامة والتي تمثل الأرض الصلبة التي تقوم عليها الدول التي اكتسبت اسمها من صفتها، هي المنوطة بالعلم والمعرفة والفهم عن ما تخطط له دولهم وفيما يتحركون ولكي تكون إدارة الوعي العام والنهوض به أداة من أدوات اقتصاد الدول بدلا من أن نجد الشجب أو التذمر على المقاهي وعلى وسائل التواصل الاجتماعي بينما العالم يتحرك من حولنا كموج البحر وقاعدة لا تتابع ما يجري حولها من حركات اقتصادية ممنهجة وخاصة في ضوء الأزمات الاقتصادية التي تجوب العالم، ولذا ننشئ هذا التساؤل وفي ظل هذا الصراع العالمي والعربي حول هذا الموضوع الذي قطعت العديد من الدول العربية والأجنبية شوطا كبيرا في تنفيذه وإنشاء مراكزه: هل طريق الحرير حرير؟!

* نقلاً عن صحيفة "الرياض".

تاريخ الخبر: 2022-01-06 11:18:56
المصدر: العربية - السعودية
التصنيف: سياسة
مستوى الصحة: 84%
الأهمية: 88%

آخر الأخبار حول العالم

السكوري: المغرب قطع أشواطا هامة في مسار بناء الدولة الاجتماعية

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-01 00:25:53
مستوى الصحة: 57% الأهمية: 55%

السكوري: المغرب قطع أشواطا هامة في مسار بناء الدولة الاجتماعية

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-01 00:26:02
مستوى الصحة: 54% الأهمية: 54%

الحسم في بيرنابيو.. التعادل يحسم ذهاب ريال مدريد وبايرن ميونخ

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-01 00:26:04
مستوى الصحة: 53% الأهمية: 55%

الحسم في بيرنابيو.. التعادل يحسم ذهاب ريال مدريد وبايرن ميونخ

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-01 00:26:09
مستوى الصحة: 47% الأهمية: 54%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية