أصدرت الدار المصرية اللبنانية كتاب "العمران _ فلسفة الحياة في الحضارة الإسلامية" للدكتور خالد عزب، والذي نكتشف من خلال مؤلفه الأربعين في سلسلة كتاباته ومؤلفاته العميقة، فيما يخص أشكال وركام وتكوينات الإرث الجمالي والتاريخي للعمارة العربية / الإسلامية: والمصرية بل والعالمية.

المؤلف يكشف وينقب عبر خمسة فصول ومقدمة وافية شارحة، فلسفة العمران فيما يخص ماهية البناء وزخرفه مع الإتقان والإبداع والجمال في الشكل والمضمون، مع تعدد الطراز، حيث إن الشرح التفصيلي فيما يخص رؤية المؤلف العاشق للعمارة، هو أن العمران أدى إلى نظام دائم الفاعلية في الكون بشتى مظاهرة الروحية والمادية ـ وهو ما أفضى إلى تأسيس منظومة فكرية التحمت بالواقع عبر فضاء العمران, ففلسفة العمران أتاحت للإنسان أن يطبق معاييرها دون أن يدرك ذلك, يقوده إليها الإيمان المطلق بالله الواحد الأحد ولأنه الواحد. 

فقد جعل بعض فلاسفة وعلماء الإسلام بداية الأعداد ( 2) لاختصاص العدد ( 1) بالله سبحانه وتعالى, وهم بذلك يردون كل شيء في الكون إليه، فالمبدع المتقن هو الله سبحانه وتعالى, يسعى الإنسان إليه عبر الإيمان به، وبالتالي كان الاتقان والابداع والعمل سعياً للوصول إلى مبدع هذا الكون الذي جعل عمارة الأرض وظيفة الإنسان الأولى ثم بعدها عبادته..

يقول دكتور خالد عزب في إحدى فصول الكتاب، إن العناية الفائقة بفكرة إتاحة سبل عمارة الأرض هي التي أدت إلى نشوء علم العمران وفلسفته حتى رأينا بعضه في بطون الكتب وفي التراث المادي والشفاهي للمسلمين، وقد اقترب المسلمون من هذه المثالية تارة وابتعدوا عنها تارة أخرى, فلما بعدت الهوة بينها وبين التطبيق أنهارت حضارة العمران وضاع سبقهم ومجدهم وأضاعوا الدنيا بعد أن كانوا سادتها.

في الفصل الثاني من الكتاب يتحدث المؤلف لكتاب (العمران فلسفة الحياة في الحضارة الإسلامية) عن العتبات الأولية للوصول للعمارة متسقة البناء متعددة الدلالات فيما يخص الاتقان والضمان الجمالي والفني بالبحث في الزخارف والحلى التي تزين العمارة في المهد كونها فكرة وحتى قبل أن توضع أساساتها حتى اختيار الشكل والطراز مع وجود المقرنصات والأطباق النجمية، وصولا للفصل الثالث الذي يوغل بدقة في ارتباط معنى البناء, بالسياسة والحق والعرف والزمن وصولا لفقه العمران والذي يؤكد الهوية ومن قبله تحديد الرؤية وإلى أى النهايات في ارتباط الشكل بالمضمون ورسالة المشيد للعمارة وقوفا عند " التوثيق" لكل ماهو مادي وفني وجمالي وحتى روحي_ مبتعى من بناء كل شكل عمارة أو مبنى أثرى أو حتى كنيسة أو مسجد. 

الكتاب يعتبر إضافة هامة للمكتبة العربية والمصرية، وتحديدا في مجال العمارة التي باتت هي الشغل الشاغل لكافة دول العالم بحضاراتها المختلفة، كونها المعبر الأول عن الهوية وأشكال الموروث والبني الحضاري الإنساني.