أمام أنفسنا وخلف الحياة


لم تعد الحياة تدهشني فمتى تفرغ جعبتها من المفاجآت؟ قد يشعر البعض بالراحة لو يصبح المستقبل متوقعاً ومعروفا.. ولكن أجزم أنه لن يكون مقبولاً بمرارته وفرحه.

أحيانا يكون نبض قلوبنا يحاكي نبض الحياة المتسارع وغالبا تتباطأ مشاعرنا، وتتأخر أحاسيسنا خلفها.. حتى تنقطع أنفسنا من اللهث ورائها محاولين عبور تلك الجسور القصيرة من أقصى محطات الحزن إلى أقصى محطات السعادة، ونجتهد في أن نصالح الزمن، ونعاكس كل التيارات الجارفة لنا.

تساؤل: هل أحلامنا نحميها ولا ندع أحداً على الإطلاق يحبطنا، أو يقلل معنوياتنا؛ بإخبارنا بأنه لا يمكن فعل شيء ما، فعلا إذا أردنا شيئاً فلننهض ونحميه.

نواجه الأحداث الروتينية، ونصارع تلك الرتابة.. ربما نجد الحياة هي الميناء، وهي السفينة وأحيانا هي البحر، وهي الغرق مليئة بالخفايا قدر المكشوف، ومكشوفة الزوايا قدر المخفي.. فيها من المألوف مثل المستغرب، وبها من الغريب مثل المعروف، وفيها من الوضوح قدر الغموض، ومن الغموض قدر الوضوح. هي أقرب للتناقض، وأدنى من التآلف.. تلك الحياة التي نعرف أننا لا نعرفها، وندرك أن الله وحده عز وجل خالقها هو من يدركها.

هل من الصحيح في هذه الحياة علينا إثبات أي شيء لأي شخص أم نقنع انفسنا بقدراتنا. إذا كنا نريد أن نعيش، فعلينا بالاكتشاف وعدم الاكتراث بالخطر، فالمختبئ خلف الجدران لن يظهر لنا دون أن نبحث عنه.

من يتشبع بالحياة ويعشقها يملّها، من يجعلها في قلبه سيتخبط.. وتبقى هي طاقة العيش المتفجرة التي يحاول هذا الإنسان أو ذاك في تطويعها ليكون سعيدا في قناعته، وراضيا في داخله، ومتشبعا منها في فكره وجسده.

كم من البشر يعيش بلا حياة حقيقية، وكم من الناس من يحيا بلا عيشة ومع ذلك الكل يظن أن الحياة هي مساحته وحده.. منذ الأزل والإنسان بحث عن حياة، وهناك من بحثت عنه الحياة فمنهم من وجد حياة ولم يهنأ، ومنهم من وجد الحياة الرغيدة وهنأ بها.. من لم يربط الإيمان بقلبه فقد انصرفت عنه الحياة الرغيدة إلى حياة غير معرفّة محاطة بالتوتر، والاهتزاز النفسي.

مشكلتنا أننا دوما ما نحرص ونهتم بما نبحث عنه ولا نلتفت لمن يبحث عنا.. ونريد ما لدى الآخر مع أن الآخر يريد ما لدينا.. مشكلتنا أننا لا نرى الحياة وهي تسع الناس كلهم بجميع مافيها.

ما ذنب الحياة في مشاكلنا وتعبنا وما حجمها في أرواحنا لنلقي اللوم عليها.. وهي كما خلقها الله عز وجل لا تسوى عند الله جناح بعوضة.. ونحن ندرك أن الحياة الأخرة هي مبتغى كل عاقل.

تبقى علينا أن نفهم طبيعتنا، ونسعى لاكتشاف حقيقة حياتنا الدنيا بجميع حواسنا وألا نزرعها في كوامننا.. لنجعل لكل مرحلة في حياتنا خصوصيتها، وسماتها، وملامحها المناسبة، وكذلك متعتها المفروضة المقبولة. ونعرف أن لكل منّا حياة في الحياة.

نقلا عن الرياض

تاريخ الخبر: 2022-01-13 01:18:34
المصدر: العربية - السعودية
التصنيف: سياسة
مستوى الصحة: 85%
الأهمية: 90%

آخر الأخبار حول العالم

مجلس الحكومة يصادق على مقترحات تعيين في مناصب عليا

المصدر: موقع الدار - المغرب التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2024-05-02 18:25:15
مستوى الصحة: 58% الأهمية: 54%

مركز دراسات مصري : المغرب رائد إقليمي في مجال صناعة السيارات

المصدر: موقع الدار - المغرب التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2024-05-02 18:25:06
مستوى الصحة: 48% الأهمية: 70%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية