انتظر حتى هدأ بركان الحزن قليلًا على صديقه، ليفجِّر مفاجأة مدوية تخص ما تعرض له الإعلامي وائل الإبراشي، قبل وفاته، وبالأخص خلال فترة علاجه من آثار فيروس كورونا تحت رعاية أحد أطباء العيادات الخاصة، والذي اعتبرها الطبيب خالد منتصر، جريمة طبية متكاملة الأركان وليست مجرد خطأ طبي فقط، هكذا صرح عبر صفحته الشخصية بموقع «فيسبوك».

القصة التي رّواها الطبيب مؤخرًا، سلطت الضوء على حوادث خداع المرضى التي يتعرض لها الضحايا بشكلٍ يومي داخل العيادات الخاصة البعيدة عن أعين الجهات الرقابية، وتحديدًا في الوقت الذي انتشرت فيه الجائحة، وأصبحت «سبوبة» لترّويج عقاقير ليست لها أي علاقة بعلاج المرض.

من قتل «الإبراشي»؟
سؤال راود أذهان المصريين في الساعات القليلة الماضية، بعد المستندات التي نشرها الدكتور خالد منتصر، مطالبًا الجهات الأمنية بالتدخل السريع لمحاسبة الطبيب المتورط في موت «الإبراشي»، وردع أي طبيب يملك عيادة خاصة ويرّوج عقاقير طبية زائفة بزعم علاجها لفيروس كورونا.

اتجهت «الدستور» في السطور التالية للبحث عن ضحايا أدوية «كورونا» الزائفة، والذين يتم اصطيادهم عبر المجموعات السرية بموقع «فيسبوك»، وأحيانًا ما يتعرضون لذلك داخل العيادات الخاصة والصيدليات، دون إدراكٍ منهم بمدى جدوى العقار المستخدم في علاج المرض.

16 يومًا من المعاناة الشديدة مّروا على محمد السعيد، أحد قاطني منطقة فيصل، إثر إصابته بفيروس كورونا، لكن ما هو أكثر صعوبة كان بعد تعافيه من المرض، حين تابع حالته الصحية مع أحد أطباء العيادات الخاصة المتواجدين بالمنطقة، والذي أرشده إلى تناول عدد من العقاقير الطبية ليست لها أي علاقة بعلاج الفيروس.

لحظات الألم التي شعر به الشاب الثلاثيني فور تناول العقاقير الزائفة، وصفها خلال حديثه مع «الدستور»: «اكتشفت أن الأعراض الجانبية التي أصابتني بعد التعافي من فيروس كورونا لم تكن بسبب مرضي، بل كان السبب الوحيد هو الدواء الذي وفره لي الطبيب داخل عيادته، وأبلغني حينها بفعاليته الكبيرة في العلاج من المرض، مستندًا على الحالات التي تتابع معه وتحسنت بسبب تناول العقار».

مسافة قريبة من الموت كان «سعيد» على وشك أن يتخطاها لولا التدخل السريع من قبل طبيب متخصص بمستشفى القصر العيني، حين تعرض لأزمة قلبية حادة داخل غرفته خلال فترة العزل، واصطحبته زوجته على الفور إلى الطبيب المذكور، للاطمئنان على حالته الصحية، وهناك تّبينت حقيقة تناوله لدواء زائف كاد أن يقضي على حياته.

مرّوجي الموت 

وبالبحث المكثف داخل المجموعات السرية، التي امتلأت بعصابات الدواء منذ ظهور الجائحة في مصر، وجدنا عددًا من المحتالين يصطادون ضحاياهم بكلمات خبيثة، يدعون امتلاكهم الطريقة الوحيدة التي تخلصهم من الفيروس القاتل، لكن الحقيقة أنهم لا يختلفون كثيرًا عن القتلة المأجورين، الذين يكرسون حياتهم لإيذاء الغير بهدف الحصول على أموال غير مشروعة.

لحظات من تصفح المنشورات كانت كافية للتطلع على خبايا ترويج عقاقير طبية زائفة، تختلف أسعارها كثيرًا عن السعر الرسمي لعلاجات الفيروس المعتمدة من قِبَل منظمة الصحة العالمية، والضحايا عادة ما يكونوا بسطاء يجهلون تمامًا حقيقة هذه العقاقير، لكنهم يتمسكون بأي أمل في الشفاء.

لذا، تواصلنا مع الدكتور أحمد أبو طالب، عضو نقابة الصيادلة، لسؤاله عن الموقف القانوني تجاه مرّوجي العقاقير الزائفة الخاصة بعلاج فيروس «كورونا»، والذي حذر خلال حديثه مع «الدستور»، من انتشار أي إدعاءات وإعلانات مضللة عبر منصات التواصل الاجتماعي أو داخل العيادات الخاصة والصيدليات، والاكتفاء فقط بما نصت عليه وزارة الصحة والسكان من تعليمات واضحة للتعامل السليم مع الوباء.

وأوضح: «من المفترض منع استخدام هذه العقاقير المنتشرة وغير الرسمية، وذلك يتم تحت إشراف أطباء المستشفيات الحكومية والوحدات الصحية، لأن هذه الأدوية تتسبب في حدوث أضرار جانبية شديدة تؤثر في القلب مباشرة، وتدمير شبكات العين».

أما عن الصيادلة المتورطين في تّرويج عقاقير زائفة: «يتم التحقق من الشكاوى المقدمة ضدهم من خلال رصد الصيدلية وإجراء تفتيشًا مفاجئًا عليهم، وفي حالة اكتشاف ترويجهم لأدوية غير مطابقة لمواصفات العلاج من فيروس كورونا، يتم شطبهم على الفور من النقابة، وتحويلهم إلى التحقيق القضائي إذ تسببوا في حدوث مشكلة صحية للمواطنين».