قال إمام وخطيب المسجد النبوي الشيخ د. عبدالمحسن بن محمد القاسم - في خطبة الجمعة - : هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم أكمل الهدي وطريقته أكمل الطرق ومعاملته أرفع المعاملة، وصغار اليوم هم أمل الأمة وعمادها ومن ابتغى الخير للناشئة فليلزم هدي النبي عليه الصلاة والسلام في تعامله معهم وبعنايته عليه الصلاة والسلام بصغار أصحابه وشبابهم آل إليهم العلم وانتفعت الأمة بهم، ومن توفيق الله للصبيان تيسير عالم لهم يعلمهم دينهم ويؤدبهم بأخلاق الأنبياء عليهم السلام وعلى وليه أن يسعى له بذلك.

وأضاف : جعل الله سبحانه في الحياة قوة بين ضعفين وتلك القوة هي العماد في الحياة والثمرة في الآخرة، وسن الشباب هو القوة بعد الضعف وفيه توقد العزيمة وعلو الهمة نفعهم عبر العصور كبير ، قال قوم إبراهيم عليه السلام عنه " سَمِعْنَا فَتًى يَذْكُرُهُمْ يُقَالُ لَهُ إِبْرَاهِيمُ ".

وقال : سيرة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم مع صغار الصحابة وشبابهم أعظم سيرة، تواضع لهم وجالسهم وزارهم وعلمهم ورفع هممهم، فخرج منهم أعظم جيل، فمن تواضعه عليه الصلاة والسلام إذا مر بصبيان سلم عليهم.

وأضاف : كان صلى الله عليه وسلم يستشرف نبوغ كل واحد منهم فيوجهه بما ينفع نفسه وأمته، قدم صلى الله عليه وسلم المدينة ورأى زيد بن ثابت رضي الله عنه وهو دون الخامسة عشرة يحسن الكتابة فجعله من كتاب الوحي وأبصر فيه ذكاء فطلب منه تعلم لغة اليهود ليترجم له ما يكتب بلسانهم، قال زيد رضي الله عنه : ( فتعلمت له كتابتهم ما مرت بي خمس عشرة ليلة حتى حذقته وكنت أقرأ له كتبهم إذا كتبوا إليه وأجيب عنه إذا كتب ).

وأشار إلى أن لمعاملة النبي صلى الله عليه وسلم الفريدة للصغار جعلتهم يحبوه حباً جماً فكان إذا قدم من سفر خرجوا من المدينة لاستقباله، قال السائب رضي الله عنه : ( خرجت مع الصبيان نتلقى النبي صلى الله عليه وسلم إلى ثنية الوداع مقدمة من غزوة تبوك ).

وتابع : كلما علت أخلاق العظماء تواضعت للصبيان، والصغير مجبول على محبة من دنا منه وعلمه، وإدراكه في الحفظ والفهم قد يفوق الكبار، ودين الإسلام موافق لفطرتهم يحبونه ويحبون آدابه وشرائعه وهدي النبي صلى الله عليه وسلم تنشئتهم عليه، واحتقارهم والإعراض عنهم لا يوافق شيم العقلاء، قال عليه الصلاة والسلام : " بحسب امرىء من الشر أن يحقر أخاه المسلم ".