أطلق الأمن التونسي الجمعة، غازاً مُسيلاً للدموع لتفريق مئات المتظاهرين في العاصمة تونس، منعاً لوصولهم إلى شارع "الحبيب بورقيبة".

وذكر مراسل وكالة الأناضول أنّ المتظاهرين كسروا طوقاً أمنياً في شارع "محمد الخامس"، قبل أن تطلق قوات الأمن قنابل الغاز واستخدام خراطيم المياه لتفريقهم.

وأضاف أنّ المتظاهرين كانوا في طريقهم إلى شارع "الحبيب بورقيبة" احتفالاً بالذكرى الـ11 للثورة التونسية، الّتي أطاحت بنظام حكم الرئيس السابق زين العابدين بن علي (1987-2011).

"عودة دولة البوليس"

نُظِّمت المظاهرة رفضاً لإجراءات "استثنائية" اتّخذها الرئيس قيس سعيّد، في 25 يوليو/تمّوز الماضي، وتزامناً مع الذكرى الـ11 للثورة.

ودعا إلى المظاهرة، مبادرة "مواطنون ضد الانقلاب"، وأحزاب "النهضة" و"التيار الديمقراطي" و"الجمهوري" و"العمال".

وعقب رفض المتظاهرين مغادرة الشارع، بدأت عمليات كرّ وفرّ مع قوات الأمن، مع استخدام الغاز المسيل للدموع وخراطيم المياه.

وقال جوهر بن مبارك، عضو المكتب التنفيذي لمبادرة "مواطنون ضد الانقلاب"، إنّ "ما يحصل اليوم عودة إلى دولة البوليس".

وأضاف خلال مشاركته في المظاهرة: "المدينة باتت مُعتقلاً وحصناً مُغلقاً على المواطنين تمنع فيه الحريات والتعبير عن آرائهم".

و"مواطنون ضد الانقلاب" مبادرة شعبية قدّمت مقترح خريطة طريق لإنهاء الأزمة السياسية في تونس، تتضمن إجراء انتخابات رئاسية وتشريعية مبكّرة في النصف الثاني من 2022‎.

رمزية ثورة 2011

وفي السياق ذاته انطلقت مسيرة نظّمها "العمال" من ساحة "الباساج" وسط العاصمة تونس في اتّجاه البنك المركزي وجابت الشوارع المتفرّقة.

ورفع المحتجّون شعارات أبرزها: "كفى كذباً على الشعب ولا مكان لليمين في قضايا الشغالين"، و"نرفض بيع البلاد والارتهان للخارج".

وشهدت المسيرة حضوراً مكثّفاً لقوات الأمن التونسي، وفق مراسلة وكالة الأناضول.

وانتقد حمة الهمامي، الأمين العام لحزب "العمال" تعرّض الأمن التونسي لمسيرات متزامنة قائلاً: "لا قيس سعيّد بصفته رئيس البلاد أو غيره من حقه أن يمنعنا من إحياء هذه الذكرى لرمزيتها التاريخية".

ورأى أنّ الرئيس سعيّد "يواصل انتهاج السياسات القديمة، لذلك سنقف في وجه هذه السياسات الدكتاتورية ولإسقاط الشعبوية من أجل تحقيق أهداف الثورة".

ولفت الهمامي، إلى أنّ الحزب اختار تنظيم المسيرة أمام البنك المركزي "باعتباره رمزاً للتبعية ولبيع تونس للخارج"، داعياً إلى "استقلالية البنك المركزي وللسيادة التونسية".

قمع غير مسبوق

ومنعت قوات الأمن التونسية 3 أحزاب من الوصول إلى شارع الحبيب بورقيبة وسط العاصمة، حيث دعت أحزاب "التيار الديمقراطي"، و"الجمهوري"، و"التكتّل من أجل العمل والحريات" أنصارها إلى التظاهر احتفالاً بعيد الثورة وانتصاراً للديمقراطية.

وأدّى منع قوات الأمن المتظاهرين من أنصار الأحزاب الثلاثة إلى حدوث "تدافع وتلاسن" بين عدد من قوات الأمن ومتظاهرين.

ورفع المتظاهرون القادمون من الشوارع الجانبية شعارات رافضة لما أسموه "انقلاباً على الدستور" ومندّدة بالحكم الفردي من قبيل "حريات حريات دولة البوليس وفات (انتهت)"، و "لا خوف لا رعب الشارع ملك الشعب"، و "حق التظاهر واجب"، و"حق التنقّل واجب"، و "يسقط يسقط الانقلاب".

ووفق مراسلة وكالة الأناضول، اعتدى عدد من قوات الأمن على كل من أمين عام الحزب الجمهوري عصام الشابي، وأمين عام حزب التيار الديمقراطي غازي الشواشي.

وعلى هامش التحرّك، قال الشابي: "لن نقبل أن تعود تونس دولة للاستبداد والقمع البوليسي، تمّ الاعتداء عليّ شخصياً بالغازات السامة في وجهي (...) ما يحدث الآن، لم يحدث حتّى في يوم 14 جانفي (يناير/كانون الثاني) 2011"، مؤكّداً حدوث اعتقالات في صفوف أنصار حزبه.

ولم يصدر تعليق فوري من السلطات التونسية حول هذه التطورات.

والأربعاء، أقرّت الحكومة التونسية، منع التجوال الليلي وإلغاء أو تأجيل جميع التظاهرات في الفضاءات المفتوحة والمغلقة بداية من الخميس ولمدة أسبوعين قابلة للتجديد، ضمن إجراءات الحد من تفشي فيروس كورونا.

واعتبر أمين عام حزب "التيار الديمقراطي" (22 مقعداً من أصل 217 بالبرلمان المجمّدة اختصاصاته) غازي الشواشي في مؤتمر صحفي الخميس، أنّ القرارات الّتي اتخِذَت بشأن كورونا "سياسية جاء لمنع التظاهر وإحياء ذكرى الثورة التي أراد الرئيس (قيس سعيّد) محوها بجرة قلم من الرزنامة والتاريخ".

وأضاف أنّ المنع "ذو طابع سياسي ومحاولة لتوظيف الوضع الصحي لمنع التونسيين من الاحتجاج".

وكان الرئيس التونسي قد أعلن سابقاً، تغيير تاريخ الاحتفال الرسمي بالثورة، ليصبح في 17 ديسمبر/كانون الأوّل، بدلاً من 14 يناير/كانون الثاني.

وتعاني تونس أزمة سياسية منذ 25 يوليو/تمّوز الماضي، حين فُرِضَت إجراءات استثنائية منها: تجميد اختصاصات البرلمان، وإصدار تشريعات بمراسيم رئاسية، وإقالة رئيس الحكومة، وتعيين أخرى جديدة.

وترفض غالبية القوى السياسية والمدنية بتونس، هذه الإجراءات، وتعتبرها "انقلاباً على الدستور"، بينما تؤيّدها قوى أخرى ترى فيها "تصحيحاً لمسار ثورة 2011".

TRT عربي - وكالات