نتيجة للشعور بالوحدة، خلال فترات الإغلاق التي أملتها ظروف انتشار جائحة كورونا، وبحثاً عن الحب وعن الدعم المعنوي والعاطفي، دخل الكثير من الناس حول العالم، في علاقات عاطفية، ومواعدات عبر الإنترنت.

ولم يكن حينها يتوقع أحد من هؤلاء، أن هذه العلاقات، ليست في الحقيقة سوى فخاخ عاطفية، للصوص محترفين يسعون فقط لتصيد الأموال والثروات.

وكان البريطانيون أحد أبرز هؤلاء الضحايا، الذين تسببت لهم عمليات الاحتيال العاطفي في حجم كبير من الدمار النفسي وسرقت منهم أموالاً ضخمة، وفق ما أشارت إليه الإحصائيات الرسمية المعلن عنها مؤخراً.

البريطانيون ضحايا الاحتيال العاطفي

كشف تقرير صادر مؤخراً عن المركز الوطني للإبلاغ عن جرائم الإحتيال والجرائم الإلكترونية Action Fraud، عن تلقي المكتب الوطني لاستخبارات الاحتيال بالمملكة المتحدة NFIB حوالي 8863 شكاية تتعلق بعمليات احتيال إلكتروني نتيجة المواعدة بالانترنت، وذلك في الفترة الممتدة بين شهر نوفمبر/تشرين الثاني 2020 وأكتوبر/تشرين الأول 2021.

وبلغ عدد إجمالي الشكايات في شهر مارس/آذار 2021 وحده، أي تزامناً مع مرور عيد الحب، وخلال فرض الحجر المنزلي، حوالي 901 شكاية.

ويشير التقرير، إلى أن عمليات الاحتيال العاطفي تسببت بذلك في سرقة قرابة 100 مليون جنيه استرليني، من عدد كبير من الضحايا.

ويؤكد في هذا السياق خبراء وأخصائيون، أن هذه الأرقام تعتبر في الواقع غيضاً من فيض، وأنه من المرجح أن يكون حجم الخسائر أكبر من ذلك بكثير، إذ يخشى الكثيرون منهم الاعتراف بذلك، أو إشاعة ما تعرضوا إليه وسط محيطهم.

وكانت جمعية المواعدة عبر الانترنت (ODA) البريطانية، تحدثت في وقت سابق، عن أن أكثر من 2.3 مليون شخص في مختلف أرجاء بريطانيا، يستخدمون تطبيقات المواعدة أثناء فترات الإغلاق، بحثاً عن العاطفة والحب وتخفيفاً من الوحدة.

واستغلالاً لهذه الحاجة، استدرج الكثير من المتحايلين واللصوص، الآلاف من الضحايا، وتمكنوا عبر اختلاق الكثير من الروايات، وإقناعهم أحياناً بالزواج، من سرقة أموالهم، والاختفاء بعد ذلك، مخلفين وراءهم شعوراً بالانهيار وصدمات نفسية حادة، علاوة على خسائر مادية، كارثية لعدد كبير منهم.

كيف يمكن حمايتهم؟

تعليقاً على الأرقام المفزعة، التي أظهرت وقوع الكثير من البريطانيين في فخاخ الاحتيال الرومانسي قالت لفيا جيمس، أخصائية علاج الصدمات، البريطانية : "إنها جريمة وحشية، إذ إنه بالإضافة إلى الخسارة المالية وفقدان الاستقرار المالي،يمكن أن يؤدي ذلك إلى اضطراب ما بعد الصدمة، والعديد من مشاكل الصحة العقلية.. فالتعرض إلى الخيانة من شخص كنت تعتقد أنه أقرب صديق حميم، صعب للغاية".

من جانبها، قالت، سامنثا كوبر، مديرة شركة Rouge Daters، البريطانية والمتخصصة في التحقيق في عمليات الاحتيال الرومانسي : "هذه العمليات أصبحت شائعة بشكل متزايد، خلال الفترة الأخيرة، ويبدو أن الفئات العمرية الأكثر استهداف هي الأشخاص الذين تزيد أعمارهم عن 45 عاماً، وخاصة النساء اللاتي يكن بهذا العمر قد تمكن من امتلاك منزل أو مشروع تجاري ناجح، أو حصلن على ميراث".

وأضافت كوبر:" أن العديد من الضحايا، يكافحون في البداية لمقاومة فكرة أن شريكهم خانهم، حتى بعد تقديم الأدلة" وتؤكد أن "في معظم الحالات يكون من المستحيل إعادة الأموال، لذا فإن التحدي الأكبر الذي يواجهنا هو منع حدوث ذلك في المقام الأول".

وينصح في هذا السياق الخبراء والأخصائيون، الناس، بالإحاطة بأحبائهم وأصدقائهم، لمنع وقوعهم في سراب علاقات الانترنت، التي تكون غالباً نهايتها، الاحتيال والنصب.

كما حذر المختصون البريطانيين عبر العديد من وسائل التوعية أنه "في حالة خوض محادثة مع شخص ما أو بدأت علاقة معه عبر الإنترنت، دون أن تلتقي به وجهاً لوجه، ثم انتقلت المناقشة إلى إرسال أموال، يكون الوقت حان لقطع هذه العلاقة".

TRT عربي