لا تسخر من رؤية نخبة دافوس عن المخاطر


هل أصبحت النظرة المستقبلية العالمية أكثر قتامة؟ إذا نظرت إلى أسعار الأسهم هذا الأسبوع، فقد تكون الإجابة "لا". في أمريكا، وصل معدل التضخم لتوه إلى نسبة 7 في المائة المفاجأة، والاحتياطي الفيدرالي يستعد لتشديد السياسة.
لكن أسواق الأسهم الأمريكية لا تزال مزدهرة، إلى جانب معظم المؤشرات العالمية الأخرى - بغض النظر عن التوترات حول أوكرانيا وتايوان وارتفاع أسعار النفط.
ومع ذلك، فإذا نظرت إلى الحالة المزاجية بين من يدعون بنخبة دافوس - وهم قادة شركات يحضرون عادة الاجتماع السنوي للمنتدى الاقتصادي العالمي في منتجع تزلج سويسري فاخر - فقد تشعر بالقلق أكثر.
في كل شتاء، يستطلع المنتدى الاقتصادي العالمي أراء أعضائه حول المخاطر المتصورة، وقد أصدر للتو آخر دراسة مسحية، قبل اجتماعه الافتراضي في الأسبوع المقبل. وتكشف هذه الدراسة المسحية أن 16 في المائة فقط من نخبة دافوس يشعرون "بالإيجابية" أو "بالتفاؤل" تجاه التوقعات العالمية، والبقية "قلقون" أو "متخوفون".
ليست هناك مفاجأة، كما قد تعتقد، بالنظر إلى اتجاهات كوفيد. لكن ما هو أكثر أهمية هو أن عشر نخبة دافوس فقط توقعت تعافيا عالميا متسارعا، في حين أن نسبة مشابهة تخشى وقوع كارثة - وتتوقع نسبة أربعة أخماس سيناريو "التقلب المستمر" أو "المشهد المتصدع". وهذا أمر كئيب بشكل مذهل، حتى مع الأخذ في الحسبان التحذير من أن هذه الدراسة المسحية في الأغلب ما تكون متشائمة، لأنها تركز على المخاطر.
الأمر اللافت للنظر هو التفاصيل حول ما يخيف نخبة دافوس. قبل عقد من الزمان، كانت القضايا التي تشغل بالهم تميل إلى الارتباط بالمشكلات الاقتصادية أو التكنولوجية أو السياسية مثل "الاختلالات المالية" أو "ارتفاع أسعار النفط" أو "الانهيار المالي" أو "تهديدات الأمن الإلكتروني" أو "الصراع بين الدول" -المصطلح المهذب للحرب.
تبقى هذه مخاوف، إلى درجة معينة. حيث تعد "المواجهة السياسية الجغرافية" -بمعنى آخر الحروب التجارية والصدامات الأخرى- عاشر أكبر خطر عالمي عام الآن. وتقع "أزمات الديون" في المرتبة التاسعة. وأظهرت دراسة مسحية ملحقة أكثر تفصيلا لقادة العالم أن هناك 14 في المائة من نخبة دافوس قلقون بشأن "انفجار فقاعة الأصول" في العامين المقبلين "على الرغم من أن العشر يشعر بالقلق على قائمة من عشرة".
لكن عددا أقل يقلقون بشأن الفقاعة ممن يخشون "فشل الأمن الإلكتروني" أو المشكلات البيئية أو الاجتماعية. وفي التوقعات العامة، ترتبط خمسة من أكبر عشرة مخاطر عالمية بقضايا خضراء مثل "فشل العمل المناخي" و"الطقس المتطرف" و"فقدان التنوع البيولوجي". أما البقية فهي ذات طبيعة اجتماعية وتشمل "تآكل التماسك الاجتماعي" و"أزمات سبل العيش" و"الأمراض المعدية".
علاوة على ذلك، تعرض قائمة نواحي القلق الاجتماعية مشكلات لم تظهر في هذا الترتيب من قبل. نحو 26 في المائة من المستجيبين، على سبيل المثال، قلقون الآن من "تدهور الصحة العقلية" - وهي نسبة أعلى من التعبير عن القلق بشأن الديون والمخاطر المالية أو الإلكترونية. بعبارة أخرى، إذا كانت دراسة المنتدى الاقتصادي العالمي المسحية صحيحة، فإن نخبة دافوس غارقون اليوم في نوع من مشكلات الإنسان إلى الإنسان ومن الإنسان إلى طبيعة، الذي لم يتم تدريب معظمهم على تحليله.
إذن ما الذي ينبغي أن يتوصل له المستثمرون؟ إحدى التفسيرات "الساخرة" للنتائج هو أنها تعكس ببساطة عواء خوف عام، وليس تقييما عمليا للمخاطر. تميل مجالس إدارة الشركات، مثل الجنرالات الذين يضرب بهم المثل، إلى خوض الحرب الأخيرة، أو القلق بشأن المشكلات الموجودة في الأخبار.
التركيز على القضايا البيئية والاجتماعية في دراسة المنتدى الاقتصادي العالمي المسحية هذه - الذي تردد صداه في استطلاعات الرأي السنوية مثل تلك التي أجرتها شركة إيه إكس إيه للتأمين على الحياة - ربما تكون مشوهة بسبب محادثات جلاسكو الأخيرة حول تغير المناخ وجائحة كوفيد- 19. لكن هذا لا يجعله بالضرورة دليلا جيدا لتصنيف المخاطر المستقبلية.
على العكس من ذلك، إذا نظرت إلى العقدين الماضيين، فإن إجماع نخبة دافوس وصف العالم أحيانا بشكل خاطئ، فقد ركزت الدراسة المسحية للمخاطر في 2007، على سبيل المثال، على أسعار النفط والتباطؤ الاقتصادي الصيني، وليس على الانهيار المالي، وشعرت نظيرتها في 2020 بالقلق بشأن تغير المناخ لكنها بالكاد ذكرت مخاطر الجائحة. هناك سبب يدعو بعض متداولي صناديق التحوط إلى المزاح بأن الطريقة الذكية للتداول في الأسواق تتمثل في شم الحالة المزاجية بين نخبة دافوس ثم اتخاذ الاتجاه المعاكس.
هناك مشكلة أخرى قد تؤدي أيضا إلى تشويه استطلاع الرأي، الارتباك. فقد أمضى قادة الشركات الحاليون حياتهم المهنية في تقييم المخاطر الاقتصادية الملموسة، مثل ارتفاع النسب أو أسعار النفط. وعند الضرورة، يفكرون بالقضايا السياسية أيضا. ومع ذلك، فإن عديدا من القضايا الاجتماعية والبيئية الجديدة غير معروفة. قد يفسر هذا سبب كشف الدراسة المسحية عن مستوى عال من الخوف العام، ولماذا يبدو هذا مخالفا لتجربة عديد من قادة الشركات اليوم. ومن المتوقع أن تظهر تقارير الشركات الأسبوع المقبل في أمريكا أن الأرباح قد قفزت في تسعة من الـ11 قطاعا.
ومع ذلك، فهناك تفسير آخر لما يجري، إن نخبة دافوس هم على حق في القلق، وأسواق الأسهم هي التي تخطئ. لقد ولد عقد من الأموال الفضفاضة مستويات خطيرة من التهاون بشأن المخاطر، سواء كانت اقتصادية أو بيئية أو إلكترونية.
هذه ليست النتيجة التي يرغب معظم المستثمرين في سماعها. كما أنه لا يعني أن الأسواق على وشك الانهيار - على الأقل ليس في الوقت الذي وصل فيه مؤشر بنك جولدمان ساكس للأوضاع المالية إلى مستويات قياسية فضفاضة. لكنني أعتقد أنه صحيح جزئيا. معيب أم لا، سيكون من الحماقة للمستثمرين تجاهل لهجة هذا التقرير. وربما تكون نخبة دافوس مخطئة أيضا في تصنيف "انفجار فقاعة الأصول" في مرتبة منخفضة جدا في قائمة مخاوفهم.

تاريخ الخبر: 2022-01-16 22:23:04
المصدر: صحيفة الإقتصادية - السعودية
التصنيف: إقتصاد
مستوى الصحة: 34%
الأهمية: 38%

آخر الأخبار حول العالم

لطيفة رأفت أمام قاضي التحقيق بمحكمة الاستئناف بالدار البيضاء

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-13 21:26:04
مستوى الصحة: 51% الأهمية: 61%

العثور على باندا عملاقة نادرة في شمال غرب الصين

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-13 21:25:50
مستوى الصحة: 56% الأهمية: 59%

لطيفة رأفت أمام قاضي التحقيق بمحكمة الاستئناف بالدار البيضاء

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-13 21:26:10
مستوى الصحة: 46% الأهمية: 61%

العثور على باندا عملاقة نادرة في شمال غرب الصين

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-13 21:25:55
مستوى الصحة: 53% الأهمية: 57%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية