جبل الإنسان على حب الظهور وإبراز نفسه في مجال ما سواء كان مفيداً أو غير مفيد له أو لغيره، يحب أن يكون مشهوراً أو معروفاً ولو في نطاق محدود كأسرته أو معارفه.

 وكذلك يسعى المراهق لإبراز نفسه لأهله أو محيطه بأنه أصبح كبيراً ولم يعد ذلك الطفل الصغير الذي يؤمر فيطيع.

 قبل طفرة الاتصالات والإنترنت كان الناس يحاولون الظهور بالشيء المعقول غالباً الذي لا يثير الغبار عليهم. ثم تبدل الحال فثارث جينات وغريزة حب الظهور بقضها وقضيضها عند بعض الناس فأصبحت ظاهرة واضحة للعيان خاصة مع تطور تطبيقات وسائل التواصل الاجتماعي حيث نشروا كثيراً من المشاهد والمقاطع والصور أودت بعضهم صرعى جنادل وتراب، مثل: شابة صينية مشهورة في مواقع التواصل سقطت من أعلى رافعة خلال بث مباشر لها على التيك توك! وليت الأمر اقتصر على حب الظهور بالتوافه كتصوير الموائد وأكواب القهوة وإنما تعداها إلى إشراك الأطفال الذين لا حول ولا قوة لهم في مقاطع تافهة لزيادة المشاهدات والإعجابات، وجعلهم أضحوكة للمتابعين فماذا سيقولون عن أنفسهم حين يكبرون؟

إن حب الظهور طالت أنيابه ولم يترك صغيراً وكبيراً أو سفيهاً وراشداً حتى غاص في مستنقعه بعض كبار السن فتفوقوا في مقاطعهم على الشباب المحترفين، فزال حياؤهم وضاعت هيبتهم وبركتهم ورزانتهم.

    إن طريق الشهرة والظهور بجدارة ليس مفروشاً بالورود، لكنه سهل بطريقة خالف تعرف، وتذكروا أن أحداث حياتكم الخاصة ملككم وحدكم ونشرها لن يفيد غيركم، فدعوها محفوظةً في صدوركم، وإذا أردتم نشرها فلا تنشروا ما يشينكم حياء من الله وعباده وأنفسكم، فالحياء شعبة من شعب الإيمان، واحترموا عقولنا وعقولكم، ولا تكونوا أسرى لتطبيقات ما يسمى بالتواصل الاجتماعي وتذكروا إن حب الظهور يقصم الظهور.