سيناء التاريخية هي في أرض مدين! هو عنوان أردت البداية به كونها المعلومة التاريخية غير المنتشرة والمعروفة كثيرا عند الناس. وربما ومنذ إعادة تسمية شبه الجزيرة السينائية إلى اسمها الحالي وبناء تلك الكنيسة التي بناها الرومان حين تنصرهم تيمنا بسيناء الأصلية، ذلك أعطى الانطباع بأنها المكان الأصلي والموضع الذي جرت به تلك الأحداث التاريخية والتي قادت نبي الله موسى عليه السلام لسفره إليها ومن ثم عودته مع قبيلته إليها. وفي منطقة مدين جاءت تلك الأحداث التاريخية إلا أن الدلائل تشير إلى أنها ليست في شبه جزيرة سيناء كما نعرفها اليوم فهو لم يرع الغنم بتلك النواحي إنما في أرض مدين ولم تكن بالإضافة أرض مقام النبي شعيب عليه السلام.
وردت كلمة مدين في القرآن الكريم في تسعة مواضع تحدث الله سبحانه وتعالى في سبعة منها عن نبي الله شعيب والأحداث التي جرت في زمنه والعبرة منها. اثنان منها اقترنا مع نبي الله شعيب واثنان منها خصا نبي الله موسى عليه السلام. وجاء بتلك الآيات اقتران قومية مدين بالنبي شعيب بصفة متكررة كما في سورة الأعراف (وإلى مدين أخاهم شعيبا) وكذلك في سورة العنكبوت (وإلى مدين أخاهم شعيبا).
كما وردت أرض مدين تحديدا كمنطقة ذهاب نبي الله موسى إليها في القرآن الكريم ففي سورة القصص ورد (ولما توجه تلقاء مدين قال عسى ربي أن يهديني سواء السبيل). ووردت أيضا مرة أخرى بالقصة المعروفة عن وروده عين الماء بمدين في صورة القصص (ولما ورد ماء مدين وجد عليه أمة من الناس يسقون ووجد من دونهم امرأتين تذودان ۖ قال ما خطبكما ۖ قالتا لا نسقي حتىٰ يصدر الرعاء ۖ وأبونا شيخ كبير).
ويذكر الطبري نقلا عن التوراة عن عدد أبناء سيدنا إبراهيم: «وولد لإبراهيم عليه السلام... مدن، ومدين، ويقسان، وزمران، وأسبق، وسوح، وأمهم قنطورا بنت مقطور من العرب العاربة»، وعن سعيد بن جبير: «أن أهل مدين [هم] قبيلة تنسب إلى مدين بن إبراهيم من زوجته «قطورة» التي تزوجها بعد موت سارة». كما أن النصوص تشير إلى أن مديان ومدين هما لفظان لشخص واحد أي أن ماء مدين المذكور هو في المنطقة التابعة لمديان الأخ الشقيق لسيدنا إسماعيل عليه السلام.
ورد في قصة يوسف عليه السلام عن أهل مدين في التوراة ما هو نصة «واجتاز رجال مديانيون تجار فسحبوا يوسف واصعدوه من البئر وباعوا يوسف للإسماعيليين بعشرين من الفضة. فأتوا بيوسف إلى مصر» تكوين ٣٧: ٢٨. وتذكر التوراة أن منطقة سكن نبي الله إسحاق هي في منطقة كنعان وهي ما يطلق الآن عليه الشام مما يضع مدين تحديدا في منطقة الأنباط. أي أنهم أخذوا يوسف بداية من الشام ثم باعوه عند عودهم مدين لقافلة إسماعيلية في رحلة ذهابها لمصر قادمة من مكة المكرمة.
كما جاء لفظ كلمة المنطقة التي وردت بها الأحداث التاريخية بالقرآن الكريم بطريقتين إحداهما سينين والأخرى سيناء وقد جاء بسورة «المؤمنون» (وشجرة تخرج من طور سيناء تنبت بالدهن وصبغ للآكلين) وجاء أيضا بالقرآن الكريم سورة التين (والتين والزيتون وطور سينين وهذا البلد الأمين). ويذكر المفسرون أن طور هو لفظ سرياني يعني الجبل أي بالمعنى جبل سيناء أيا كان موقعه بمنطقة مدين والتي لجأ إليها نبى الله موسى عليه السلام.
ويذكر القديس بول كاتب أحد الأناجيل أن مكان الأحداث التاريخية لموسى عليه السلام هو في بلاد الأنباط. كما للتأكيد من القرائن أن شبه جزيرة سيناء في تاريخها كله ليست جزءا من أرض مدين ولا تابعة للأنباط. وليس بالإضافة من المعقول لجوء النبي موسى عليه السلام هربا من فرعون إلى منطقة تابعة إليه.
ما ذكرت عن موقع سيناء التاريخية بمدين وبلاد الأنباط هي دلائل وقرائن وهو شيء قليل من كثير ولعل ذات يوم أحدهم من علماء الآثار يكشف الموقع الحقيقي لتلك الأحداث التاريخيه في سيناء ليأكد لنا سواء أصبنا أم أخطأنا فهي بالنهاية اجتهادات بناء على مصادر تاريخية.
@SaudAlgosaibi
