أظهرت وثائق تاريخية كُشِفَ عنها حديثاً أنّ مسؤولين إسرائيليين بذلوا جهوداً حثيثة لإخلاء الأراضي الفلسطينية في النقب بالقوة من سكانها البدو خلال الخمسينيات من القرن الماضي.

وذكرت صحيفة "هآرتس" العبرية الاثنين أنّ الوثائق ظهرت للعلن باعتبارها جزءاً من دعوى قضائية على خلفية النزاع على ملكية الأراضي، التي رفعها فلسطينيون من مواطني إسرائيل في العراقيب، وهي واحدة من عشرات القرى التي تعتبرها إسرائيل غير قانونية، وتمنع عنها الخدمات الأساسية مثل المياه والكهرباء والمواصلات.

وهُدمَت العراقيب 197 مرة من قبل إسرائيل التي استولت على أراضيها، وطالما تحدى سكانها الفلسطينيون الحكومة الإسرائيلية في المحاكم بشأن هذه القضية.

وأفادت صحيفة "هآرتس" بأنّ الحكومة الإسرائيلية تدرس القضية باعتبارها ذات أهمية "استراتيجية وطنية" لوضع حد للدعاوى القضائية الأخرى التي رفعها مواطنو إسرائيل الفلسطينيون للطعن في مصادرة أراضيهم.

وكشف غادي الغازي أستاذ التاريخ الإسرائيلي في جامعة تل أبيب عن وثائق في إطار الدعوى القانونية لمخططات عديدة لطرد الفلسطينيين، الذين استمرّوا في العيش على أراضيهم التي اغتصبتها إسرائيل خلال حرب 1948 وبعدها.

وتظهر الوثائق أنّ قائد المنطقة الجنوبية موشيه ديان شنّ عملية عسكرية في نوفمبر/تشرين الثاني 1951 لطرد البدو الفلسطينيين من مناطق في شمال غرب النقب إلى الشرق ومن شمال طريق الخليل-بئر السبع إلى الجنوب منها.

وكتب دايان في رسالة نشرتها صحيفة "هآرتس" لأول مرة: "إن نقل البدو إلى مناطق جديدة سيلغي حقهم بوصفهم ملاكاً للأراضي وستجري [معاملتهم] باعتبارهم مستأجرين لأراضٍ حكومية".

ووُوفق على خطة دايان من قبل رئيس أركان الجيش الإسرائيلي إيغال يادين، التي أشارت أيضاً إلى أنه إذا لم "ينقل الفلسطينيين طواعية" فإن القوات الإسرائيلية الوليدة "ستضطر إلى نقلهم" وإخراجهم بالقوة من أراضيهم.

وبينما يعتقد مسؤولون في وزارة العدل الإسرائيلية أنّ قضية العراقيب ستنتهي مثل سابقتها، أي لصالح الحكومة، قالت "هآرتس" إنّ هذه الوثائق التاريخية التي اكتشفها الغازي قد يكون لها آثار قانونية.

وكشفت السجلات التاريخية الجديدة أنّ الفلسطينيين قد جرى ترحيلهم قسراً في الخمسينيات من قِبل القوات الإسرائيلية التي نشرت التهديدات والعنف والرشوة والاحتيال، حسبما ذكرت صحيفة "هآرتس".

وقال الغازي لصحيفة "هآرتس" إن مسؤولين إسرائيليين كباراً كانوا يعرفون أن عملية إبعاد الفلسطينيين من النقب كانت "غير قانونية" ، وبالتالي تجنبوا إعطاءهم "أوامر إخلاء مكتوبة".

وأضاف أنّ السجلات تشهد على مقاومة البدو الفلسطينيين ضد خطة إسرائيل لإخراجهم من أراضيهم، "حتى على حساب الجوع والعطش، ناهيك بالتهديدات والعنف العسكري".

وفي الأسابيع الأخيرة تظاهر مئات المواطنين الفلسطينيين في إسرائيل في النقب ضد خطة تشجير قراهم بقيادة الصندوق القومي اليهودي (JNF)، التي يرونها وسيلة لحرمانهم أراضيهم.

وتبلغ مساحة قرية العراقيب أكثر من مئتي ألف متر مربع، وجرى الاستيلاء على أراضي الفلسطينيين في العراقيب مثل العديد من القرى الأخرى بموجب قانون حيازة الأراضي لعام 1953.

وتشير الإحصاءات إلى أنّ نحو 300 ألف فلسطيني لا يزالون يعيشون في تلك المنطقة ويتمركزون بعدة مدن رئيسية من ضمنها رهط وكسيفة، كما يعيشون في عشرات القرى التي لا تعترف بها إسرائيل وتفتقر إلى أدنى مقومات الحياة والبنية التحتية.

وسيطرت العصابات الصهيونية على نحو 11 مليون دونم من أرض النقب عام 1948، فيما نجح الفلسطينيون بالاحتفاظ بمليون دونم فقط، وهو الذي تسعى إسرائيل لوضع اليد عليه وطرد أصحابه الأصليين.

TRT عربي