أصبحت نساء بنغلاديش لا سيّما المتعلمات منهن أكثر إقبالاً على ارتداء الحجاب، رغم "الدعاية المضادة" المناهضة له في ذلك البلد الذي تبلغ نسبة المسلمين به 90% من التعداد السكاني.

وقال مواطنون إن القيم الاجتماعية والثقافية والدينية المشتركة تساهم في زيادة شعبية الثقافة الإسلامية في الدولة ذات الأغلبية المسلمة الواقعة جنوبي آسيا، ويبلغ تعدادها السكاني نحو 170 مليون نسمة.

وعشية اليوم العالمي للحجاب الذي يجري الاحتفال به مطلع فبراير/شباط من كل عام، اعتبرت العديد من البنغاليات الحاصلات على تعليم عال في أحاديث منفصلة لوكالة الأناضول أنّ الحجاب "ليس التزاماً دينياً فحسب، بل إنه تجميل وتكريم للمرأة أيضاً".

وانطلق اليوم العالمي للحجاب على يد الفتاة الأمريكية المولودة في بنغلاديش نظمة خان عام 2013، بهدف التصدّي للمواقف التمييزية والساخرة ضد مرتديات الحجاب جرّاء ظاهرة الإسلاموفوبيا.

وفي هذا الصدد قالت سمية بنتا كريم، مسؤولة في إحدى دور النشر البنغالية: "في العقد الماضي حدث تغير هائل في موقف بنغلاديش تجاه الحجاب".

وأضافت موضحةً أنّ "الحجاب بات يُنظر له على اعتبار أنه يعكس ثقافة جيدة وليس فقط مظهراً دينياً".

وتابعت الفتاة التي تخرجت في جامعة "دكا" إحدى المؤسسات التعليمية الهامة في بنغلاديش حديثها قائلةً: "منذ المراهقة وأنا أضع الحجاب تقليداً عائلياً ولا أزال أعتبره رمزاً للإيمان وفخورة به".

وزادت: "رغم أنني واجهت أحياناً تعليقات تسخر من حجابي من جهات مختلفة في حياتي، لكن في معظم الحالات أظهر المحيطون بي وزملائي الاحترام لي وأشعر دائماً بالراحة تجاهه".

تغير المفاهيم

بسبب الانتشار الواسع للثقافة الغربية وبذريعة إزالة التفاوت بين الذكور والإناث، نمت المفاهيم الخاطئة حول الحجاب في بنغلاديش، بيد أنّ هذه الآراء تختلف بين قطاعات المجتمع المختلفة.

وفي سياق متصل قالت ناهيون فيروز نظيفة، طالبة في كلية "السير سليم الله" للطب: "الحمد لله، لقد تغيّر الوضع كثيراً، حتى إن العديد من النساء العصريات يضعن الحجاب جزءاً من لباسهن الأنيق".

وأفادت بأنّ "الاتجاه السائد في جميع أنحاء العالم هو أنه كلما بدا أي شيء مخالف للثقافة الغربية، لا بدّ أن يواجَه بنوع من الدعاية الثقيلة المناهضة له".

كما تابعت: "لسوء الحظ لا يزال بعض الأساتذة في مختلف الجامعات والكليات الطبية يظهرون سلوكاً مهيناً تجاه المحجبات"، لافتةً إلى أنّه رغم المعوقات والصعاب "يتنامى الحجاب بين نساء بنغلاديش بوتيرة سريعة".

دعاية مضادة

على نفس الشاكلة قالت جابلون نور، وهي محررة سابقة في قناة تلفزيونية بنغالية خاصة كانت أُغلقَت عام 2013، إنّ "الحجاب غير مرحّب به في جميع القنوات التلفزيونية البنغالية تقريباً، وذلك رغم أنّ 90% من التعداد السكاني من المسلمين".

واستطردت: "بعد إغلاق القناة حاولت الحصول على وظيفة في ما يقرب من 20 محطة خاصة هنا، لكنّي فشلت بسبب حجابي".

وتابعت نور، التي تعمل حالياً صحفية مستقلة: "يُسمح للنساء بارتداء جميع أنواع الفساتين في القنوات التلفزيونية ولكن للأسف الحجاب غير مرغوب فيه".

من جهته أوضح الأستاذ المساعد في قسم أديان وثقافة العالم في جامعة دكا محمد عبد الله المحمود أن "العلمانيين في مختلف القطاعات في بنغلاديش يحاولون تثبيط الحجاب بلباقة شديدة".

وأضاف المحمود أنّ "معظم الناس في بنغلاديش أتقياء جداً بالفطرة، لذا فإنّ العلمانيين ليسوا شجعاناً بما يكفي لقول أي شيء ضد الحجاب بشكل مباشر وهم يزعجون مرتديه من خلال حيل مختلفة".

ولفت إلى أنّ "الأساتذة العلمانيين في جامعة دكا وكذلك الجامعات الأخرى يعطون علامات منخفضة عن قصد للمحجبات"، مضيفاً: "وهذا أشبه ما يكون بالقتل بطرق مختلفة من دون استخدام اليدين".

"عدوى روحية"

وفي السياق أشار المحمود إلى أن المسلسلات التركية الضخمة "لعبت دوراً حيوياً في الانتشار السريع لثقافة الحجاب في بنغلاديش".

وزاد الأكاديمي البنغالي: "الحجاب الذي تستخدمه الممثّلات في مختلف المسلسلات التركية الضخمة له تأثير إيجابي للغاية بين عشرات الآلاف من البنغاليات المتعلمات"، والقضية تحوّلت إلى "عدوى روحية".

وأنهى: "عندما يبدو المرء لطيفاً في الحجاب يتأثر به الآخرون بسرعة وتشعر النساء بسلام روحي عندما يشاهدن المعاملة المحترمة للمحجبات".

TRT عربي - وكالات