"الأسد" روجيه ميلا لفرانس24: "المواجهات الكبرى التي لعبتها الكاميرون كانت ضد بلدان شمال أفريقيا"


إعلان

وصل روجيه ميلا إلى المكان والموعد المتفق عليهما في الوقت المحدد، عند الساعة الرابعة بعد الظهر بأحد فنادق وكان من يُلقب هنا "الأسطورة" أو "صاحب السعادة" مبتسما كعادته، ومصحوبا بصديقين مقربين منه، وهو يرد على تحيات السلام والترحيب التي تأتيه من كل الجهات.

وبعد جلسة مرتجلة من الصور التذكارية مع المارة، اقترب الرجل الذي يسير نحو عامه السبعين (في 20 مايو/أيار المقبل) من فريق فرانس24 وتبادل معه الحديث قبل انطلاق المقابلة في شكل سلسلة من الأسئلة المتنوعة، بعضها مرتبطة بالنسخة الثالثة والثلاثين التي تستضيفها بلاده لغاية الأحد المقبل، وبعضها بمسيرته الرياضية الحافلة بالأحداث والنكت والإنجازات والألقاب.

جدول نتائج ومباريات كأس الأمم الأفريقية. © ستوديو غرافيك فرانس ميديا موند

"هذا ما قلته للمغرب..."

"كنت على يقين بأن البداية ستكون من هذه المسألة". والمسألة تتعلق بتصريحات تلفزيونية نارية أدلى بها روجيه ميلا في 8 يناير/كانون الثاني أي عشية انطلاق البطولة القارية. وقال فيها إن "الدول المغاربية هي دائما من تخلق الفوضى وهذا غير طبيعي.. أقولها كشقيق للمغرب، لمصر، أو لغيرهما، إذا لستم أفارقة فارحلوا والعبوا في أوروبا أو في آسيا.. لكن لا تأتوا للقارة الأفريقية لزرع الفوضى.. فلما تتكلمون بسوء عن البلدان الأخرى وعن أفريقيا؟".

وكانت هذه التصريحات موجهة للمغرب ومصر، متهما البلدين بأنهما خاضا حملة معادية للكاميرون وأنهما سعيا لتأجيل موعد كأس الأمم 2022، تزامنا مع دعوة الاتحاد الدولي لكرة القدم "فيفا" نظيره الاتحاد الأفريقي للعبة لدراسة سبل إرجاء البطولة إلى موعد لاحق متذرعا بانتشار فيروس كورونا، ما أثار غضب واستياء الكاميرون حكومة وشعبا. وكانت البلاد تنازلت عن تنظيم لعدم جهوزية منشآتها الرياضية ومرافقها، واستضافتها مصر في آخر المطاف.

وقال روجيه ميلا لفرانس24: "هذه المسألة أثارت ما أثارت من انتقادات وتعليقات، لكن الحقيقة أني تحدثت عن كرة القدم ولم أهاجم أي بلد، وقد أكدت (للاعب الدولي المغربي السابق) نور الدين النيبت بأني لم أتهجم على المغرب ولا على بلاد آخرى، بل إني أحترم كل الدول المغاربية، ولا يحق لي أصلا أن أشتم أي بلد كان، فكيف أشتم وأنا أشغل منصب سفير متنقل للكاميرون بقرار من رئيس الجمهورية" بول بيا.

"لا يمكنكم أن تزعموا بأنكم إخواننا وتسعون في الوقت ذاته لإبطال العرس"

وعندما سألناه عن الأسباب وراء هذه التصريحات، رد قائلا: "نحن في الكاميرون سئمنا من الانتقادات، ففي كل مرة توجه إلينا أصابع الاتهام". وأضاف: "لقد تحدثت من صميم القلب، لأقول للمغربيين: لا يمكنكم أن تزعموا مرارا بأنكم إخواننا وتسعون في الوقت ذاته لإبطال العرس الأفريقي الذي تستضيفه الكاميرون".

للمزيد-

سارعنا إلى إغلاق ملف "النزاعات والخلافات" لفتح سجل الذاكرة والخوض في مجال المنافسة والإثارة الرياضية. فتطرقنا إلى تاريخ المواجهات النارية بين منتخب "الأسود غير المروضة" ونظيراته الشمال أفريقية، المغاربية كما يقول دائما روجيه ميلا. فترى عيناه تلمعان باستذكار المبارزات، مشددا على أن "أقوى وكبرى المباريات التي أجرتها الكاميرون كانت مع هذه البلدان"، يعني منتخبات الجزائر ومصر والمغرب وتونس.  

ينظر ميلا يمينا ويسارا، ثم يتوقف بصره عند مقابلتنا وكأن فيلما يدور بين عينيه، فيحاول أن يعيد إلى ذاكرته تواريخ المواعيد وأسماء اللاعبين. فيقول: "نعم، تربطني دائما علاقة خاصة بمنتخبات ولاعبي البلدان المغاربية، وكانت منتخبات كبيرة لديها لاعبون بارزون أثبتوا قدرتهم على منافسة كبرى الفرق الأوروبية". ثم يتوقف فيضيف جازما: "إن أبرز المواجهات التي خاضتها الكاميرون كانت ضد هذه البلدان، إضافة إلى نيجيريا. وكنا غالبا ما نفوز عليهم، عدا مصر".         

نهائي كأس الأمم الأفريقية 1986 بين مصر والكاميرون

"في نهائي 1986، طلب مني الحكم عدم تسجيل هدف في مرمى مصر"

وإذا كان روجيه ميلا، صاحب 102 مباراة مع الكاميرون سجل خلالها 36 هدفا، يستذكر بحلاوة فوز "الأسود غير المروضة" على "أسود الأطلس" في نصف نهائي كأس الأمم الأفريقية 1988 بالمغرب ومنها إحرازهم اللقب الثاني في البطولة أمام نيجيريا، لم يفقد بعد طعم المرارة التي خلفتها الخسارة أمام مصر في نهائي نسخة 1986 بالقاهرة.

وأسر بأنها "أسوأ لحظة" في مسيرته، مشيرا أن "الفوز بهذه المباراة كان مستحيلا نظرا للظروف غير الرياضية التي تخللتها". وقال: "بدأت المواجهة عشية اللقاء عندما وقع انفجار قرب الفندق الذي كنا نقيم فيه، ما دفع سفير الكاميرون إلى نقل الفريق إلى مقر السفارة. لم ندر ما وقع بالتحديد، لكن الضغط كان على أشده وكنا خائفين مما سيحدث".

وتابع: "خلال المباراة، طلب مني الحكم [التونسي علي بن ناصر] الذي كنت أعرفه جيدا، عدم تسجيل أهداف في مرمى مصر وانتظار ركلات الترجيح. وبالتالي، خفضنا من مستوانا" لينتهي الوقتين الأصلي والإضافي بالتعادل السلبي وتفوز مصر بركلات الترجيح 5-4، فكان "الجميع راضيا بالنتيجة". وما أسعده بعد المباراة، "أن المشجعين المصريين رافقونا في طريقنا نحو المطار".

"كأس الأمم الأفريقية هي بمثابة كأس العالم بالنسبة" إلى الأفارقة

لكن روجيه ميلا دائما يعرج على كأس الأمم التي تجري في بلاده، فيما تستعد "الأسود" لخوض نصف النهائي أمام "الفراعنة". وقال إن الفريقين متساويان في فرص الفوز بتأشيرة النهائي، مشددا على أن "الكاميرون حين تنطلق لا تتوقف في وسط الطريق". وأضاف أن كأس الأمم "هي بمثابة كأس العالم بالنسبة إلينا، فلنتمتع بها".

هدفا روجيه ميلا مع الكاميرون في كأس العالم 1990 بإيطاليا

وخاض "الأسد الكهل" أولى مبارياته مع الفريق الوطني في عام 1973 في عمر 20 عاما، وذلك بعد عام من الاستفتاء الذي وحد البلاد بمختلف أقاليمه وهي السنة التي استضافت فيها كأس الأمم الأفريقية للمرة الأولى ولآخر مرة قبل نسخة 2021 (التي تأجلت ليناير/كانون الثاني وفبراير/شباط 2022 بسبب فيروس كورونا).

وفي عام 1972، أقرت وزارة الرياضة الكاميرونية لقب "الأسود غير المروضة" للمنتخب، وقال ميلا إن التسمية ترمز إلى قوة وهيبة الأسد "وتتطابق جيدا مع اللاعبين الكاميرونيين".

ميلا وحقبة "الأسود" الذهبية

وانتظرت الكاميرون بداية ثمانينيات القرن الماضي للبروز قاريا وعالميا، وفرضت سيطرة واضحة على منافسيها في أفريقيا. وهي حقبة ذهبية لـ "الأسود"، إذ أنها تأهلت إلى نهائيات كأس العالم في 1982 بإسبانيا (إلى جانب الجزائر) للمرة الأولى في تاريخها، ثم فازت بباكورة ألقابها القارية في 1984 بساحل العاج (أمام نيجريا، 3-1).

وعادوا إلى النهائي في النسخة الموالية بالمغرب، فتأهلوا إلى النهائي لثالث مرة تواليا وتمكنوا من تخطي "نسور" نيجيريا 1-صفر. وفي العام ذاته، أعلن ميلا انسحابه من اللعب، في عمر 36 عاما، فأقيمت له مباراة احتفالية تكريمية في ملعب "أحمدو أهيجو" (رئيس البلاد من استقلالها في 1960 لغاية "استقالته" في نوفمبر/تشرين الثاني 1982، ليخلفه رئيس وزرائه بول بيا حتى يومنا هذا) بحضور جمهور قياسي. لكنه "الأسد الكهل" قرر العودة للملاعب في عام 1990 بمناسبة كأس العالم بإيطاليا وسط بعض الانتقادات. والغريب أن أسطورة ميلا كانت ستبقى في حدود القارة الأفريقية من دون مشاركته بالمونديال الإيطالي.

فقد تذوقت الكاميرون طعم وحلاوة كأس العالم للمرة الثانية، وحققت بقيادة ميلا إنجازات يبقى التاريخ شاهدا عليها. فقد فازت في مباراة الافتتاح على الأرجنتين حاملة اللقب بقيادة الأسطورة دييغو مارادونا، 1-صفر. وأصبحت أول بلد أفريقي على الإطلاق يبلغ الدور ربع النهائي إثر فوزها في دور الـ 16 على كولومبيا بهدفين من ميلا (الذي كان في عامه 38) احتفل بهما برقصة باتت خالدة في سجل كرة القدم الدولية.

صاحب السعادة ميلا

وتألقت أمام إنكلترا حيث تقدمت عليها 2-1 لغاية الدقيقة 83 قبل أن يدرك غاري لينكر التعادل من ركلة جزاء ويسجل هدف الفوز في وقت التمديد (3-2). وتظل هذه البطولة أحلى ذكرى في مسيرة روجيه ميلا. وقال لفرانس24: "أنجزنا ما عجزت عن إنجازه المنتخبات الأفريقية في السابق"، منبها على سبيل المثال إلى أن منتخب زائير (الجمهورية الواقعة بأفريقيا الوسطى والتي استعادت اسمها القديم، الكونغو الديمقراطية، في 1997 عقب سقوط نظام الديكتاتور جوزيف موبوتو) قد تلقى في شباكه 14 هدفا في مونديال 1974.

وخاض ميلا تجربة مونديالية ثالثة في 1994 بالولايات المتحدة، وانسحب بشكل نهائي بعدها ليصبح رئيسا شرفيا لاتحاد اللعبة في بلاده بين 2008 و2012 ثم عينه الرئيس بول بيا سفيرا متنقلا في عام 2000.

 

موفد فرانس24 إلى الكاميرون علاوة مزياني

الرسالة الإخباريةأبرز الأحداث الدولية صباح كل يوم

ابق على اطلاع دائم بالأخبار الدولية أينما كنت. حمل تطبيق فرانس 24

Download_on_the_App_Store_Badge_AR_RGB_blk_102417
تاريخ الخبر: 2022-02-02 00:15:53
المصدر: فرانس 24 - فرنسا
التصنيف: سياسة
مستوى الصحة: 77%
الأهمية: 95%

آخر الأخبار حول العالم

أرامكو تعلن عن النتائج المالية للربع الأول من عام 2024 السعودية

المصدر: جريدة الوطن - السعودية التصنيف: إقتصاد
تاريخ الخبر: 2024-05-07 12:24:19
مستوى الصحة: 57% الأهمية: 70%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية