مقاربة "صفر تسامح"، حصن الصين ضد كوفيد-19 ومتحوراته


- بقلم عبد الغني اعويفية -

 

بكين- في بلد يضم خمس سكان العالم، قد تبدو مكافحة وباء صعب مثل فيروس كورونا مهمة شاقة. لكن روح التعبئة والالتزام اللذين يتحلى بهما الشعب الصيني أثبتا أنهما حصن منيع في مواجهة فيروس يتفشى بشكل سريع ومؤذ لم ينج منه أي بلد في العالم.

وتجلت هذه التعبئة والالتزام بشكل واضح في تنفيذ سياسة أطلق عليها "صفر تسامح"، والتي اعتمدتها الحكومة الصينية لحماية الصحة العامة وسمحت لهذه القوة الاقتصادية الثانية عالميا بمواصلة تطورها.

وبحسب الأرقام التي قدمتها منظمة الصحة العالمية فإن إجمالي الإصابات في الصين بلغ 137555 حالة، و5700 وفاة ترتبط بكوفيد-19 حتى يوم 25 يناير. وتعكس هذه الأرقام مدى التنفيذ الفعال والناجع لسياسة "صفر تسامح" في مواجهة فيروس كورونا ومتحوراته.

وفي الواقع، يتعلق الأمر بمقاربة تنخرط فيها الحكومة والمجتمع في معركة مشتركة تتجلى في التنفيذ الاستباقي لتدابير صارمة، أوصت بها بالتأكيد منظمة الصحة العالمية، غير أن بلدان عديدة لم تتمكن من تطبيقها على غرار إمبراطورية الوسط.

فمن تتبع المخالطين، إلى الحجر الصحي مرورا بالاختبارات والتطعيم على نطاق واسع، وعدد لا يحصى من التدابير المواكبة الأخرى، مكنت المقاربة الصينية البلاد من تجنب أوضاع صعبة للغاية شهدتها العديد من البلدان مع حالات عدوى لا يمكن السيطرة عليها ووفيات بمستويات مروعة.

وبفضل هذه التدابير تمكن الصينيون من القيام بأكثر من 1,18 مليار رحلة في مختلف أرجاء البلد لزيارة أقربائهم بمناسبة عيد الربيع الذي تحتفل به حاليا البلاد.

وفي الشوارع، يحتفي الصينيون بفخر كبير بنجاح سياسة مكافحة الجائحة، وخاصة شجاعة وتضحيات شعب ساهم بنصيبه في مواجهة وضع صعب من الحجر المكثف وغير ذلك من القيود القاسية.

ويرى الخبراء أن ظهور المتحور "أوميكرون"، الذي يخشى من انتشاره السريع، يقدم دليلا إضافيا على نجاعة المقاربة الصينية.

على الصعيد الاقتصادي، لم يتمكن الفيروس قط من وقف عجلة البلاد. إذا واصلت الصين تحقيق نمو قوي بفضل سياستها الصحية الناجعة، من بين أمور أخرى. ووفقا للأرقام الرسمية، سجلت البلاد معدل نمو بلغ 8,1 بالمئة في ناتجها المحلي الإجمالي في عام 2021، متجاوزا بذلك معدل 6 بالمئة المتوقع في البداية. ويتعلق الأمر بوتيرة نمو هي الأعلى منذ عام 2012.

كما سجلت البلاد أداء تجاريا جيدا في عام 2021، حيث واصلت علامة "صنع في الصين" اجتذاب المستهلكين في جميع أنحاء العالم، مع ارتفاع بنسبة 29,9 بالمئة في المبيعات خلال السنة الماضية. كما زادت الواردات بنسبة 30,1 بالمئة.

على مستوى الاستثمارات، تواصل البلاد الوفاء بكافة تعهداتها. ففي الأشهر الـ 11 الأولى من عام 2021، وصلت قيمة إجمالي الاستثمارات الأجنبية المباشرة في الصين تريليون يوان (حوالي 156,85 مليار دولار أمريكي). وهو مبلغ يتجاوز الرقم الذي حققته البلاد طوال عام 2020.

وفي نهاية دجنبر 2021، بلغ إجمالي السندات في السوق الصينية التي تمتلكها مؤسسات أجنبية 4 تريليونات يوان، بزيادة تقدر ب 750 مليار يوان مقارنة بعام 2020، بحسب البنك المركزي الصيني.

وأفاد معهد التمويل الدولي، في تقرير نشر مؤخرا، أن الصين استمرت في عام 2021 لتكون المستفيد الرئيسي من صافي تدفقات الرأسمال نحو الأسواق الصاعدة، في وقت يخشى فيه المستثمرون من تأثير كوفيد-19 على الاقتصادات الأخرى.

وتظهر هذه الأرقام، بحسب المراقبين، فعالية تدابير مكافحة الجائحة، إلى جانب الأسس الصلبة للاقتصاد الصيني.

وأوضح هان وينشيو، مسؤول باللجنة المركزية للشؤون المالية والاقتصادية، أن هذه التدابير لا تزال تلعب دور تحقيق الاستقرار في مجال التنمية السوسيو -اقتصادية للبلاد مع الحفاظ على الصحة العامة.

ويؤكد المسؤولون أن البلاد ستواصل في عام 2022 تعزيز جاذبيتها مستفيدة من مرتكزاتها الصلبة، وسوقها الواسعة وبنياتها التحتية المتطورة.

على الصعيد الصحي، يعي المسؤولون بأن اليقظة ينبغي أن تظل الكلمة المفتاح، مع التأكيد على أن استراتيجية المكافحة سيتم تكييفها مع تطور الوضعية الوبائية العالمية، التي لا تزال متقلبة وغير واضحة الاتجاه. عدم اليقين هذا هو الذي يجعل من شبه المستحيل عكس مسار تنفيذ مقاربة "صفر تسامح"، التي أثبتت أنها مفيدة لبلد يواجه تحديات هائلة.

 

تاريخ الخبر: 2022-02-02 15:23:12
المصدر: MAP ANTI-CORONA - المغرب
التصنيف: صحة
مستوى الصحة: 80%
الأهمية: 90%

آخر الأخبار حول العالم

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية