أفاد تقرير جديد صدر الأربعاء عن مجموعة معنية بحقوق العمال مقرها لندن أن جموع العمال الذين بنوا موقع إكسبو 2020 بدبي الفخم ويستمرون في تشغيله، يواجهون الاستغلال وأوضاعاً قاسية ومجموعة واسعة من الانتهاكات العمالية.

كما جاء في تقرير شركة الاستشارات ”إكويدم” أن حكومة دولة الإمارات فشلت في إثبات أن التزاماتها تجاه رفاه العمال في المعرض الذي تبلغ تكلفته عدة مليارات من الدولارات، قد صححت.

جاء التقرير بعدما نشرت وكالة "أسوشيتد برس" تحقيقاً بناء على مقابلات مع أكثر من عشرين عاملاً في إكسبو حول شكاواهم، بما فيها دفعهم رسوم التوظيف غير القانونية، ومصادرة أرباب العمل لجوازات السفر، وعدم كفاية الطعام.

استند هذا المقال أيضاً إلى بحث سابق لشركة ”إكويدم” حول أوضاع عمال البناء قبل عام من افتتاح المعرض العالمي، عندما قال العمال إنهم حرموا من الأجور لشهور وسط تفشي فيروس كورونا.

وإلى هذا، قال مصطفى قدري، أحد معدي تقرير ”إكويدم” والمدير التنفيذي للشركة، في مقابلة مع الوكالة الأمريكية، ”صدمت صراحة عند معرفة مدى انتشار عدم الامتثال ومقدار العمل القسري الذي يحدث، إنه يثير تساؤلات حول مدى فعالية نظام العمل في الإمارات، لأن إكسبو هو المشروع الأكثر شهرة في الدولة”.

كما ورد في تقرير ”إكويدم” أن غالبية العمال الذين أجريت معهم مقابلات أجبروا على دفع رسوم توظيف غير قانونية للحصول على وظائفهم، والتي غالباً ما تتجاوز رواتبهم الشهرية.

وعلى الرغم من الحظر المفروض على هذه الممارسة في إكسبو والبلاد، جاء في التقرير أن العديد من أرباب العمل كانوا على دراية بأن العمال دفعوا رسوماً باهظة لشركات التوظيف في بلدانهم الأصلية ولم يسددوا لهم تعويضات، ما خلق حالة من عبودية الديون.

ولم يرد منظمو المعرض على طلبات للتعليق على التقرير. كما لم ترد السلطات الإماراتية على طلبات التعليق.

يمثل تقرير ”إكويدم” - والذي استند إلى حوالي 70 مقابلة مع عمال مهاجرين في إكسبو لأكثر من ثلاثة أشهر الخريف الماضي- تحليلاً شاملاً لأوضاع العمال في المعرض العالمي.

أتاح هذا الحدث الدولي العملاق لدولة الإمارات فرصة كبرى لصقل أوراق اعتمادها كمكان يمثل العولمة ويجذب السائحين والمستثمرين.

في الإمارات، يفوق عدد الأجانب عدد السكان المحليين بنحو تسعة إلى واحد. ويعتمد نظام الحياة اليومية في البلاد على نظام الكفالة، الذي يوظف ملايين العمال ذوي الأجور المنخفضة من إفريقيا والشرق الأوسط وجنوب شرق آسيا. ولطالما قوبل باتهامات بسوء المعاملة لفشله في ضمان أجور وساعات عمل وأوضاع معيشية عادلة.

وثق تقرير أكويديم العمال الذين حُرموا من عقود التوظيف أو لم يتمكنوا من قراءتها لأنها لم تترجم للغتهم الأم، حسبما يفرض القانون.

وحصل البعض على راتب مجتزأ أو اضطر للانتظار أكثر من أسبوع لتلقي الأجر كل شهر، والذي تضمن بدل الغذاء.

حرم العمال باستمرار من أجر الوقت الإضافي أو مزايا الفصل أو العلاوات الموعودة. وفي بعض الحالات، قلل أصحاب العمل الرواتب إلى 75% بسبب آثار الجائحة على الاقتصاد، وفقاً لما قاله العمال.

وقال أحد العمال في مقهى كراب شيك المطل على القبة الشهيرة لمعرض إكسبو لباحثي أكويديم ”الطريقة التي يعاملون بها الموظفين هي كمعاملة العبيد. إنها منهكة للغاية. أعمل من الصباح الباكر حتى المساء.. ولم أحصل أبداً على أجر عن الوقت الإضافي".

سلم معظم العاملين الذين أجريت مقابلات معهم جوازات سفرهم لرؤسائهم ولم يتمكن أي منهم من استعادة جواز السفر دون شرط، بالرغم من أن القوانين الإماراتية تمنع الشركات من مصادرة وثائق هوية العاملين.

وتحدث العمال أيضاً عن كونهم عرضة للتمييز، ووصفوا كيف يؤثر العرق على معاملاتهم والواجبات المفروضة عليهم في مواقع العمل.

وقال أحدهم ”يتحمل الآسيويون العمل الشاق والأجر الأقل بينما يحصل الأوروبيون والعرب على أدوار أخف بكثير. ويكون الآسيويون هم أول من يفقدون وظائفهم.”

وتظل العنصرية أزمة متجذرة بعمق في الإمارات، حيث ألغيت العبودية رسمياً في الستينيات، ويبلغ العمال من ذوي البشرة السمراء من إفريقيا وجنوب آسيا عن حصولهم على أجور أقل من زملائهم من ذوي البشرة الفاتحة اليوم.

وقال العاملون في إكسبو للباحثين إنهم يخشون العقاب الذي قد يتضمن الطرد والترحيل من قبل رؤسائهم والشرطة إن تحدثوا عن أوضاع العمل والتحرش، وفقاً للتقرير.

ويظل تكوين نقابات ودعوات العمال للحصول على معاملة أفضل مجرماً في الإمارات.

ومع التفات الأنظار إلى دبي بسبب المعرض الدولي الذي يسعى إلى اجتذاب 25 مليون زائر، وعدت السلطات بتعزيز جهود التصدي للعمل القسري. ووضع إكسبو إرشادات توضح قواعد الحماية المعززة لحقوق العمال. ونشرت الإمارات مفتشي شركات لضمان عدم استغلال العمال.

لكن لم يبد أن أياً من أصحاب الأعمال المعنيين في التقرير التزم بتلك معايير.

وقال قدري ”جرى تعيين العديد من المستشارين الدوليين، وإنفاق الملايين والملايين. وهذا يثير تساؤلاً: هل هم جادون حقاً بشأن حل مشكلة العمل القسري؟ أم أن هذا مجرد تجميل لوضع شديد السوء؟”

TRT عربي - وكالات