منذ سنوات طويلة كانت تعاني مصر بسبب ارتفاع معدلات الهجرة غير الشرعية، وذلك دفعها إلى البحث عن سبل وإجراءات جديدة من أجل الحد من تلك الهجرة، حفاظًا على أرواح الشباب تحديدًا الذين كانوا يفنون أعمارهم من أجل البحث عن الرزق في دولة أخرى.

وبالفعل ظلت مصر طوال تلك السنوات تسعى في اتجاه القضاء على الهجرة غير الشرعية، تارة بسن القوانين وتارة أخرى بإطلاق المبادرات من أجل المناقشة والتفاهم مع الشباب لإقناعهم بعد اللجوء إلى مثل تلك الطرق للبحث عن العمل.

واتساقًا مع ذلك، تحاول الحكومة في الوقت الحالي إدخال تعديلات على القانون رقم ٨٢ لسنة ٢٠١٦ الخاص بتجريم الهجرة غير الشرعية والمتاجرين في البشر، من أجل تعديل التشريعات وإعادة عرضها على البرلمان من جديد.

وتدور معظم التعديلات حول السفن والمركبات البحرية وملاكها حيث تعتبر أهم الأدوات التي ترتكب بواسطتها هذه الجرائم، وهكذا تحاصر التشريعات ملاك السفن بعقوبات مغلظة بالسجن والغرامة، وكذلك كل من شارك أو أدار مأوى للمهاجرين غير الشرعيين. 

ووافق مجلس الوزراء على مشروعي قانونين، يأتي فيما يخص تعديل بعض أحكام القانون رقم 232 لسنة 1989 في شأن سلامة السفن، ومن ثم تضمن هذا القانون بإضافة مادتين جديدتين، الأولى أوجبت على كل مالك أو مستغل السفينة أو وحدة بحرية مصرية إخطار الجهة المختصة بما يرد عليها من تصرفات بالبيع أو الإيجار خلال موعد لا يجاوز خمسة عشر يوما من تاريخ التصرف، كما أوجبت أيضا الإخطار بسند التصرف.

ونصت المادة الثانية من احكام قانون رقم 232 لسنة 1989، على أنه "مع عدم الإخلال بأية عقوبة أشد ينص عليها قانون آخر يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنة وبغرامة لا تقل عن خمسين ألف جنيه ولا تزيد على خمسمائة ألف جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من خالف الحظر المنصوص عليه فى المادة السابقة، فإذا ترتب على عدم الإخطار استعمال السفينة أو الوحدة البحرية المصرية فى غرض غير مشروع مع علم المتصرف بذلك، فتكون العقوبة السجن".

وبالفعل فإن الحكومة قامت بالعديد من الإجراءات وشن المبادرات وسن القوانين من أجل محاربة الهجرة غير الشرعية، وترصد "الدستور" في التقرير التالي أبرز تلك الجهود التي قامت بها الدولة في ذلك الملف.

بدأت جهود الدولة المصرية تسير في هذا الاتجاه خلال العام ٢٠١٦، حين استضافت مصر في شرم الشيخ الاجتماع الوزاري الثاني لمبادرة الاتحاد الإفريقي والقرن الإفريقي حول الاتجار بالبشر وتهريب المهاجرين وترأست أيضًا الاجتماع.

وفي العام التالي أطلقت مصر مبادرة هامة بالشراكة مع إيطاليا، وهي لتدريب رجال الشرطة في أكثر من ٢٢ دولة أفريقية على مكافحة الهجرة غير الشرعية وكان تدريبا مهما للغاية من أجل الحد من الهجرة غير الشرعية.

وفي أكتوبر 2018 وقعت مصر اتفاقية مع الاتحاد الأوروبي لمكافحة الهجرة غير الشرعية وتهريب الأشخاص والإتجار بالبشر، حيث تضمنت الاتفاقية 7 مشروعات في 15 محافظة بقيمة 60 مليون يورو، لمعالجة الأسباب الرئيسية المسببة لظاهرة الهجرة غير الشرعية.

وكان من أهم الخطوات التي قامت بها مصر هي إطلاق المبادرة الرئاسية "مراكب النجاة" والتي أطلقها الرئيس عبدالفتاح السيسي خلال الدورة الثالثة من منتدى شباب العالم في العام ٢٠١٩، وجاءت في وقت شاركت فيه مصر في تنفيذ الاتفاق العالمي للهجرة، وهو اتفاق شاركت مصر في إعداده بالمغرب.

وساهمت تلك المبادرة في توعية وتدريب الفئات الأكثر استهدافا للتعريف بمخاطر الهجرة غير الشرعية وبدائلها الآمنة، وفق خطة موضوعة لتشمل 14 محافظة من المحافظات الأكثر توجها للهجرة غير الشرعية، بجانب توفير برامج التدريب والتأهيل لسوق العمل وريادة الأعمال، والزيارات الميدانية وحملات طرق الأبواب لتوعية الأمهات والقُصّر.

ويعد المنتدى الإقليمي الأول لهيئات التنسيق الوطنية لمكافحة الإتجار بالبشر وتهريب المهاجرين في إفريقيا الذي استضافته مصر في نوفمبر 2019، أحد أهم المؤتمرات التي شددت على رفض الهجرة غير الشرعية وعملت على تفكيك شبكات الاتجار بالبشر وتهريب المهاجرين.