«الشفافية».. الداعم الأكبر لمكافحة الفساد في النظم الإدارية الحديثة


يمرُّ العالم في الألفية الثالثة بمتغيّرات متسارعة، فرضتها الثورة العلمية والطفرة التكنولوجية، والعولمة أو الكوكبية في فلسفة إدارة المؤسسات بصفة عامة، ومؤسسات التعليم العالي بصفة خاصة.

وحملت تداعيات العولمة قيم الانفتاح على العالم والحرية، وزيادة وعي العامة بحقوقهم وواجباتهم، والتفاعل الإنساني المتزايد مع المؤسسات بفعل تأثيرات برامج التواصل الاجتماعي.


تقوية النزاهة

وقال أستاذ القيادة التربوية د. علي القرني: من هذا المنطلق، تزايد الاهتمام بموضوع الشفافية الإدارية خلال السنوات الأخيرة على المستويَين المحلي والعالمي، وأصبحت مطلبًا ملحًا، نتيجة لظهور توجّه يدعو إلى تقوية النزاهة والشفافية والمساءلة الإدارية، ومكافحة الفساد بأنواعه؛ بهدف تعزيز دور القطاع العام بكافة مؤسساته، وتحسين ممارساته، وتجذير ممارسات الشفافية لدى الأفراد والمنظمات على حدٍّ سواء.

وعن الشفافية الإدارية، فهي مجموعة السلوكيات والأداء والآليات التي تقوم بها الإدارة تجاه الموظفين والمواطنين، وتتضمن تأكيد الوضوح التام للتشريعات والقوانين والأنظمة ووضوح الأداء والتقييم وعدالته، ونشر المعلومات والبيانات والإفصاح عنها، وسهولة الوصول إليها، وتبسيط الإجراءات وآليات العمل ووضوحها وسهولة الاتصال بكافة الاتجاهات، وموضوعية اتخاذ القرارات وامتلاك نظم واضحة للمساءلة ومكافحة الفساد، وذلك وفق المقياس المُعَد لهذه الغاية.

أهمية الشفافيةوأفاد بأن العديد من الدراسات أكدت أهمية الشفافية الإدارية في المنظمات؛ إذ توصلت الدراسة إلى التأكيد على أهمية الدور الملقَى على عاتق الحكومات في تعزيز ممارسة الشفافية، أما دراسة «سفنجن 2007» فقد أكدت نتائجها أن الشفافية في التعيينات والترقيات توفر أساسًا متينًا لضمان الجودة ومراقبة الجودة في مؤسسات التعليم العالي الروسية، علاوة على ذلك، فإنه يشجع على الانفتاح والتصرف بأمانة في وثائق وإجراءات صنع القرار، وعلى الرغم من الأهمية الكبيرة لممارسة الشفافية الإدارية، التي أكدتها الدراسات السابقة، فإن ممارستها لم تكن في المستوى المأمول.

أهداف إداريةومن أهداف الشفافية الإدارية في المؤسسات الحكومية، تحسين صورة الوطن عمومًا والمؤسسات الحكومية خصوصًا محليًا ودوليًا في مجال محاربة الفساد الإداري، ونشر القيم الفاضلة، وتنمية ثقافة المجتمع نحو التنمية المستدامة المرتكزة على الديمقراطية والعدالة والنزاهة، وتحفيز الموظفين ليكونوا أكثر دقة وحذر وحرصًا في أعمالهم خشية المساءلة، وكذلك تتيح الاعتراض المبرر والموثق على أعمال أي منظمة بما يخدم المصلحة العامة، ونشر الوعي في المجتمع بماهية الفساد بكافة صوره، وكيفية صياغة ثقافة مجتمعية لمحاربته والكشف عنه، وإتاحة المعلومات وتوسيع فرص المشاركة في صنع قرارات المنظمات وأنظمتها ولوائحها، والشفافية الإدارية تمكّن المستفيدين من خدمات أي منظمة حكومية من التخطيط برشد لنشاطاتهم العلمية والعملية؛ ما يسهم في تقليل المخالفات عن جهل بالأنظمة واللوائح وقواعدها التنفيذية.

التنمية المستدامةوأضاف: وللشفافية الإدارية أهمية بالغة في المنظمات، كأحد أهم مقومات ومحاور نجاح التنمية المستدامة، وتتمثل تلك الأهمية في النقاط التالية:

1/ الشفافية الإدارية تؤدي إلى جودة الأداء البشري والمؤسسة، وبالتالي تمكن شركاء التنمية من الوصول إلى الأهداف، ودفع حركة التقدم والنهوض بالمجتمع.

2/ الشفافية الإدارية تساعد على مكافحة الفساد الإداري بكافة صوره، وذلك بتعزيز الثقة بين المنظمة والموظفين والعملاء.

3/ الشفافية الإدارية تمثل قناة مفتوحة للاتصال بين أصحاب المصلحة والمسؤولين، فالمكاشفة ووضوح المعلومات يعززان الولاء لدى العاملين، ويزيدان من إنتاجيتهم، ويشحذان هِممهم حين يعرفون كل شيء عن المنظمة، التي يعملون بها باعتبار أنهم جزء منها.

4/ الشفافية الإدارية تساعد على تحقيق الأمان الوظيفي للعاملين في المنظمة من خلال الرقابة المستمرة على جميع العناصر، التي تسبب أي نوع من المخاطرة، وتشجع على استغلال أفضل لأصول المنظمة.

محاربة الفسادوتابع: تصاعد الاهتمام ببرامج تقوية النزاهة والشفافية والمساءلة الإدارية ومكافحة الفساد الإداري من قبل المؤسسات الدولية المعنية بالتنمية، وأكد البنك الدولي للإنشاء والتعمير وصندوق النقد الدولي أن مكافحة الفساد وبناء النزاهة من الأولويات الإستراتيجية لعملها، بل ومن شروط ما تقدمه من مساعدات للدول، وما يتم تمويله من مشروعات، أما على المستوى المحلي، فقد أنشئت الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد «نزاهة» في المملكة؛ بهدف حماية المال العام، ومحاربة الفساد، والقضاء عليه، وتطهير المجتمع من آثاره الخطيرة، وتبعاته الوخيمة على الدولة في مؤسساتها وأفرادها ومستقبل أجيالها.

كما وضعت رؤية المملكة 2030، مسارا واضحا لمحاربة الفساد، وتعزيز الشفافية والنزاهة، التي تُعد إحدى لوازم الرؤية، إذ شددت الرؤية على ضرورة وضع الشفافية كمنهج للدولة، مؤكدة عدم التهاون أو التسامح مطلقًا مع الفساد بكل مستوياته، سواء كان ماليًا أم إداريًا، وفي أي وزارة مهما كان وضعها السيادي.

وضوح الإجراءاتوأكد أن الفساد الإداري بأشكاله المختلفة يمثل العدو الأول لنهضة وتطور اقتصاد أي بلد في العالم، حيث إن رؤية المملكة 2030 تتمحور حول التحولات الاقتصادية، فإن أول اهتماماتها تركز حول مكافحة الفساد وتعزيز الشفافية الإدارية في المؤسسات الحكومية، ويُعد توافر الشفافية الإدارية من أهم متطلبات مكافحة الفساد الإداري، وهي إحدى الإستراتيجيات المهمة، التي تتبعها الدول لمكافحة الفساد بأشكاله المختلفة، فزيادة مستوى الشفافية في العمليات الإدارية، تعني وضوح إجراءات العمل، والابتعاد عن الروتين، وتعقيد الإجراءات.

الإصلاح التربويواستكمل حديثه قائلًا: وتزايد الاهتمام بموضوع الشفافية الإدارية في مؤسسات التعليم العالي منذ بداية القرن الحادي والعشرين، بتزايد الاهتمام والتوجهات الرسمية نحو الإصلاح التربوي عالميًا، إذ تمت ملاحظة عجز الأنظمة الإدارية التربوية في عصر العولمة وثورة المعرفة وتكنولوجيات الاتصالات والمعلومات عن مواكبة المستجدات في هذا العصر، وفي ظل هذا الواقع، ظهرت المناداة بوضع نظم فاعلة لشفافية النظام التعليمي في الجامعات عن مدخلاته وعملياته ومخرجاته في كافة مستوياته.

الوضوح في الإدارة يبين إجراءات العمل بعيدا عن الروتين والتعقيد

الشفافية في التعيينات والترقيات تساعد في ضمان ومراقبة الجودة في التعليم

أصبحت مطلبا ملحا في تقوية النزاهة والمساءلة الإدارية

الفساد الإداري يمثل العدو الأول لنهضة وتطور اقتصاد أي دولة
تاريخ الخبر: 2022-02-05 00:23:21
المصدر: اليوم - السعودية
التصنيف: سياسة
مستوى الصحة: 55%
الأهمية: 54%

آخر الأخبار حول العالم

عادل رمزي مدربا جديدا لمنتخب هولندا لأقل من 18 سنة

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-04-29 21:26:19
مستوى الصحة: 57% الأهمية: 56%

عادل رمزي مدربا جديدا لمنتخب هولندا لأقل من 18 سنة

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-04-29 21:26:15
مستوى الصحة: 56% الأهمية: 53%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية