في الوقوف بيوم التأسيس مآثر شتى، واستعادة واجبة لتاريخ مضيء، تاريخ أخذ صحراء قاحلة مجهلة مهجورة، لدولة من بين أعظم الدول على الأرض، تاريخ كهذا جدير بالاستعادة والاستضاءة، والاستلهام، وبالتالي أجدني مباشرة أعود وأكرر ندائي لآل السينما والدراما في بلادنا باستثمار هذه الاستعادة، وخلق عوالم إبداعية تتجول في صفحات هذا التاريخ وتستعيده بما ينبغي له، كما فعلت كثير من الشعوب هذا ونجحت فيه، على رغم مشيئة رواته حينها وتزييفهم له.. فتحول المستعمرون إلى خلفاء، والغازون إلى فاتحين، في دراما تم تصديرها للعالم كافة.
إن تاريخ الدولة السعودية الممتد لثلاثة قرون مملوء بقصص النجاح وبطولات الفرسان وحسن إدارة الأحداث والأيام، وبالتالي يظل دور الفن كبيراً جداً في ظل هذه الرغبة الشعبية والرسمية في استعادته وتهجئة ملامحه وتتبع تضحياته ونجاحاته إلى أن بلغنا ما بلغناه اليوم، والحقيقة أنني لستُ من أولئك الزاهدين في إبداعنا، ولا أجيد جلد الذات بطولةً أو حتى إحباطًا، ما زلت مؤمناً بأننا متفوّقون بإبداعنا تبعاً لحداثة تكوُّن مجتمعنا المعرفي والمدني مقارنة بجيراننا العرب، وأن لنا هويّتنا الإبداعية المتفرّدة، وأدواتنا القادرة على أن تشكل قوة ناعمة وحقيقية، تتبع تاريخنا القريب لتقدم من خلاله نموذجاً فريداً لحضارة نبتت شجرة نور وعلم في صحراء أريدَ لها الجهل، فتشكلت مدنًا من ضوء، وعلمًا من يقين، ونموًا من برق...
إن صورة المملكة اليوم التي تتناقلها الأخبار، ويتمثلها الجيران، ويحتفي بها الأصدقاء، ويزورها الحساد.. ما هي إلا امتداد لتضحيات كبيرة وأحداث كثيرة جاءت بهمة إنسانها الأول الذي ارتآها حلمًا.. كلما سقط من شجرة اللحظة، التقطه أحد أبنائه، وأكمل المسيرة حتى بتنا اليوم داخل رؤية جديدة لحلم متجدد منذ ثلاثة قرون، هي فرصتكم ولحظتكم أيها الأصدقاء الروائيون وكتاب المرئي، فالتاريخ في ذمة رواته آخر الأمر، وأنتم الأولى به حينما جاء في حقيقته كما تحبون أن نراه ...
إضاءة:
على مهَل
ليستِ الريحُ تحتي
وليست عليْ..!
كأنِّي فمُ الريحِ
حين استقامتْ يدي للكتابةِ
جئتُ أنقِّطُ سطرَ الصباحْ..!
أراوغ ظلّي
أمد يدي في فراغات بعضي
وأكتب عن وطنٍ
حملته النبوءات حلمًا
فأرخى خريطته واستراح لها
ثم فاء بعمري
تكفَّل بي واستعاذ بصوتي
وأطلق أغنيتي في شفاة الرياحْ..!
على أول السطرِ
مات أبي وهو يروي
وفي وسط السطرِ أمي
ترجُّ حليب الحكايا
وبسملة النص جدي ينازل
بالسيف ظل النخيل
وينسج أزمنة لا تباح
* نقلا عن "الرياض"
