افتتاحية الدار: بعد ثبوت تورطه في جرائم دولية..هل تتحرك الدبلوماسية لإعلان البوليساريو تنظيما إرهابيا؟


الدار/ افتتاحية

التحقيق الصحفي الذي بثته قناة “I24news” الإسرائيلية حول جبهة البوليساريو وتاريخها الإرهابي وارتباطاتها مع شبكات دولية كالقاعدة وحزب الله يكشف بالملموس أن ملف الانفصاليين أضحى مليئا بالأخطاء والهفوات التي ينبغي التأسيس عليها من أجل تصفية هذا التنظيم وحلّه بشكل نهائي باعتباره واحدا من أكبر صفقات الاستغلال السياسوي التي عرفتها القارة الإفريقية في القرن العشرين. تنظيم دُبّر بليل في عز الحرب الباردة وتورطت في دعمه وتشكيله أنظمة غير مأسوف عليها، كان على رأسها النظام الليبي بقيادة العقيد معمر القذافي، ونظام الهواري بومدين في الجزائر. أنظمة انقلابية عسكرية شوفينية كانت تحاول أن تهز استقرار المغرب وتسقط نظام الملكي الذي عمّر لقرون.

من المخجل أن يظل المجتمع الدولي بلا حراك بعد كل ما كُشف من عمليات إرهابية قام بها هذا التنظيم في السبعينيات والثمانينيات ضد مغاربة وإسبان، وبعد كل ما ثبت من تورط لعناصر من التنظيم في الانضمام للقاعدة بمنطقة الساحل ونقل الأسلحة القادمة من إيران نحو إفريقيا، لا بد من فتح ملف دولي للترافع ضد هذه الشبكة الإرهابية التي لا تزال تستغل بضعة آلاف من الأبرياء المحتجزين في مخيمات العار بتندوف من أجل كسب المزيد من الدعم والتحويلات المالية التي تنتهي في الحسابات البنكية الخاصة بالقيادات المتهالكة لهذه الجبهة. لقد عرفت القارة السمراء في القرن العشرين تأسيس عشرات التنظيمات الانفصالية في أوغندا وأنغولا والكونغو والسنغال والموزمبيق وغيرها، لكنها كلها انتهت إلى غير رجعة وتم حلّها ونزع سلاحها إما بالسلم أو بالحرب، ووحدها جبهة البوليساريو لا تزال تحافظ على سلاحها وتهدد سلامة شعب بأكمله بدعم من نظام عسكري يأبى إلا أن يشتت دول المغرب العربي ويقسّمها.

أين هي حركة “يونيتا” الانفصالية التي أسسها جوناس سافيمبي في أنغولا؟ أين هو تنظيم “فارك” الشهير الذي عمر لعقود في كولومبيا؟ أين هي جمهورية بيافرا التي أسسها الانفصاليون في نيجيريا؟ أين هي العشرات من التنظيمات التي فرّختها الحرب الباردة؟ كلها انتهت إلى زوال وإلى غير رجعة، ووحدها جبهة البوليساريو يُراد لها لأمرِ في نفس المتآمرين أن تستمر وتنتزع شرعية معدومة من أجل الإبقاء عليها كشوكة في خصر بلد عريق كالمغرب يريد أن يبني تكتلا مغاربيا وإفريقيا قويا ومُرفّها. لقد كان المغرب دائما حريصا على احترام قرارات الشرعية الدولية وعلى رأسها قرارات مجلس الأمن، لكن هل يمكن مواصلة ذلك في ظل ثبوت تورط هذه الجبهة الانفصالية في أعمال إرهابية مشهودة وقع ضحيتها العشرات؟

إن إعلان جبهة البوليساريو تنظيما إرهابيا رهان يجب أن يعمل المغرب من أجل الوصول إليه في أقرب الأوقات. لم يعد هناك مجال لا للتفاوض ولا للمساومة السياسية مع هذا الطرف أو ذاك. إن الجزائر أضحت رسميا تُؤوي مجموعة من العناصر الإرهابية المتورطة في ارتكاب جرائم حرب ضد مواطنين صحراويين أبرياء وعزّل بعضهم رفع رسميا شكايات لدى القضاء الفرنسي والإسباني ولا يزال ينتظر الإنصاف. صحيح أن المغرب حصّن حدوده وجاهز للرد بحزم على أي اعتداء يمكن أن يطال وحدة أراضيه. لكن هناك أيضا قناة سياسية وقانونية لا بد من التفكير في طرقها. لقد نجحت الكثير من البلدان في تحصين حدودها وحماية وحدتها الترابية لأنها استطاعت الترافع بذكاء ونجاعة ضد خصومها بسبب الأخطاء التي ارتكبوها.

لذلك حان الوقت لكي تتحرك الدبلوماسية المغربية التي اجتهدت كثيرا في السنوات القليلة الماضية، كي تقوم بما يلزم من أجل تقديم ملف متكامل ومعزز بما يكفي من الحجج والشهادات للهيئات الدولية للنظر في الجرائم الإرهابية لتنظيم البوليساريو، وإعلان قائمة المسؤولين المتابعين في هذا الملف والمتهمين بالأعمال الإرهابية وجرائم الحرب، لكي تتم محاصرتهم في المحاكم الدولية على ما ارتكبوه في حق المغاربة والأجانب.

تاريخ الخبر: 2022-02-05 12:23:40
المصدر: موقع الدار - المغرب
التصنيف: مجتمع
مستوى الصحة: 45%
الأهمية: 70%

آخر الأخبار حول العالم

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية