افتتاحية الدار: حملة وطنية لتغطية الآبار..هل حان الوقت لإطلاق ورش القضاء على العطش في العالم القروي؟


الدار/ افتتاحية

حان الوقت لإطلاق حملة وطنية لجرد وحصر الآبار والخطّارات وكل مصادر المياه الجوفية التي لا تزال مفتوحة ومهددة لحياة الناس وخصوصا الأطفال في العالم القروي والمناطق النائية. هناك آلاف من هذه النقاط السوداء التي تهدد سلامة الصغار على الخصوص وتنتشر في كل مناطق المغرب وعلى السلطات المحلية والترابية أن تبادر إلى ردمها أو تغطيتها قبل أن تقع كارثة أخرى. لقد لاحظنا مباشرة بعد انتشال الطفل ريان ميتا من البئر بنواحي شفشاون كيف عشنا مأساة مشابهة لطفل آخر في منطقة تيفلت ساقته أقدامه البريئة للسقوط في بئر مكشوفة وغرق فيها قبل أن يتم انتشال جثمانه. ولذلك لا ينبغي أن ننتظر أكثر مما مضى من الوقت للقيام بما يلزم.

لدى وزارة الداخلية ما يكفي من الأطر والأعوان القادرين على القيام بهذه المهمة في أسرع وقت ممكن. فالقياد والشيوخ والمقدمون لديهم معرفة دقيقة بكل المناطق التي تتبع لنفوذهم الترابي ويمكنهم في ظرف وجيز أن يقوموا بهذا الحصر لإنهاء هذه الحملة، ثم الشروع بعد ذلك مباشرة في عمليات الردم والإغلاق التي يمكن أن تلعب فيه الجماعات المحلية والمجالس الجهوية دورا أساسيا على مستوى التمويل والتنفيذ. ما الذي يمكن أن يقدم المجلس الجماعي القروي مثلا لساكنته إذا كان لن يحمي أبناءهم وأطفالهم من خطر الوقوع في مثل هذه الحفر والتسبب في مأساة إنسانية جديدة؟

لكن ما ينبغي أيضا الاهتمام به على المدى المتوسط والبعيد بعد أن تهدأ عاصفة العاطفة والشجن التي أعقبت انتشال ريان من البئر ميتا، هو إطلاق ورش وطني كبير للربط بالماء الشروب بالعالم القروي الذي تعاني أجزاء واسعة منه هذا العام من عطش مزمن بسبب انحسار التساقطات وقلة الأمطار، بشكل أثر على المياه الجوفية وعلى حقينة الخزانات المنزلية المعروفة بـ”النطافي” التي يستعملها عادة سكان العالم القروي للتزود بحاجياتهم اليومية من الماء. هناك حاجة ماسة وعاجلة إلى الحسم مع هذه المعضلة مثلما تم الحسم مع مشكلة الربط بالكهرباء بفضل الورش الذي بدأ مع حكومة التناوب الأولى.

إذا كنا قد نجحنا في كهربة العالم القروي بما يتطلّبه ذلك من استثمارات وموارد وتجهيزات كثيرة فإنه ليس من المستحيل أبدا أن يتم إنهاء مشكلة التزود بالماء الشروب بالنسبة لسكان العالم القروي على الرغم من الإكراهات المناخية والجغرافية التي قد تواجه مشروعا كهذا. من المفارقة أن يكون سكان القرى نواحي شفشاون التي تعرف أعلى نسبة تساقطات مطرية في المغرب محرومين من الربط بشبكة الماء الشروب ويضطرون للجوء لحفر الآباء أو بناء “النطافي” أو استعمال مياه الأنهار والعيون. ولعلّ الورش الاجتماعي الكبير الذي فتحته الحكومة الحالية يُدمج هذا البعد المهم في الاحتياجات الأساسية للمواطنين لإنهاء مشكلة العطش والحاجة الماسة للتزود بالماء.

وفي انتظار أن يتم إطلاق ورش كهذا لا تزال وكالات الأحواض المائية الجهوية تتحمّل بدورها مسؤولية جمّة فيما يتعلق بمسألة ضبط مسطرة الترخيص لحفر الآبار على اعتبار أن هذه المسطرة ينبغي أن تنصّ مستقبلا على سبل المراقبة البعدية، أي التزام الأشخاص الذين يحصلون على الرخص بإغلاق الآبار التي يحفرونها سواء توفرت فيها المياه أم لا. بل إن مسألة إغلاق البئر بعد الانتهاء من حفره ينبغي أن تصبح هي نفسها موضوع متابعة من كافة الجهات المعنية سواء تعلق الأمر بالإدارة الترابية أو الجماعات المحلية أو وكالات الأحواض المائية. هذه بعض الدروس الهامة التي ينبغي أن استخلاصها من فاجعة الطفل الشاوني ريان لإٍرساء ضمانات حقيقية لعدم تكرار ما جرى.

تاريخ الخبر: 2022-02-09 00:23:48
المصدر: موقع الدار - المغرب
التصنيف: مجتمع
مستوى الصحة: 60%
الأهمية: 53%

آخر الأخبار حول العالم

العالم يسجل ارتفاعا غير مسبوق في درجات الحرارة خلال أبريل

المصدر: موقع الدار - المغرب التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2024-05-09 00:24:57
مستوى الصحة: 52% الأهمية: 52%

أخنوش..الحكومة استطاعت تنفيذ جل التزاماتها قبل منتصف الولاية

المصدر: موقع الدار - المغرب التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2024-05-09 00:24:54
مستوى الصحة: 59% الأهمية: 56%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية