يفقدون نعمتهم..


نحتفل هذه الأيام ببدء صوم أهل نينوى الذي يحكي عنه سفر يونان النبي. و السفر يتحدث عن توبة أهل السفينة وتوبة أهل نينوى وتوبة يونان النبي نفسه. هذا السفر غني بمراحم الله الواسعة، ولكن في تذكار هذه الأيام تحضرني كلمات قليلة صلى بها يونان النبي وهو في جوف الحوت، تحمل لنا معاني روحية نافعة، فتقول كلمات هذه الصلاة: “الذين يراعون أباطيل كاذبة يفقدون نعمتهم” (يو 2: 8) ..ما هي هذه الأباطيل الكاذبة؟ وما هي النعم التي يمكن أن نفقدها؟

لاشك أن الرب يمنحنا الكثير من النعم الروحية، كنعمة الأسرار السبعة ونعمة الفرح والسلام ونعمة الخدمة الروحية ونعمة الالتصاق بالرب في عشرة داخلية.. الخ، لكننا كثيرا ما نراعي أموراً باطلة تجعلنا نفقد هذه النعم الروحية..

ففي برية عدن كان آدم وامرأته هناك لكنهم اشتهوا أن يصيروا كمثل الله كما اغوتهم الحية ففقدوا نعمة الوجود في حضرة الله.

كذلك فعل قايين عندما غار غيرة مُرة من قبول ذبيحة أخيه هابيل فانقلب عليه وقتله، ففقد نعمته وشعر أنه مطروداً من أمام وجه الرب.

أيضا كان شعب اسرائيل الخارج من أرض العبودية بعد أن نالوا نعمة الخروج لعبادة الرب اذ تذكروا خيرات أرض مصر و اشتهوا طعام العبودية ففقدوا نعمة الدعوة للسكني في أرض تفيض لبنا و عسلا، فلم يدخل أحد إلى أرض الموعد من الألوف الخارجين من مصر إلا رجلين فقط هم يشوع ابن نون وكالب ابن يفنة!!

كثيراً ما نسلك نحن نفس الطريق ونراعي أباطيل كاذبة!!

1. نحن نراعي أباطيل كاذبة عندما نلتمس لأنفسنا المبررات لقبول الخطية فنصير عبيدا لها.. فكثيرا ما نبرر لأنفسنا الخطأ ونتحجج بالظروف المحيطة فنبيح لأنفسنا السقوط ونعيش عبيدا لعادات وخطايا، كشرب الخمر وإدمان المخدرات بحجة ما نقابل من ضيقات وآلام. لكن يوسف الصديق لم يقبل من نفسه مبررات تبيح له الخطأ حتى و هو غريب في أرض العبودية لذلك لم يفقد نعمته بل صار رئيساً ومدبراً لمصر كلها.

2. نحن نراعي أباطيل كاذبة عندما نفسر المفاهيم الروحية والإنسانية بطرق ملتوية فيتحدث العالم عن مفاهيم الحرية والحب والسلام .. وبسببها نبيح لأنفسنا انحرافات وخطايا وشذوذ بدعوى الحرية، وننحرف عن مفهوم الحب الحقيقي فنغتصب الآخرين ونتعدي على حريتهم، ونفسر السلام بمفاهيمنا الخاصة فنفقد سلامة مجتمعاتنا. وبهذا نفقد كثير من النعم. ويقف أمامنا القديس اغسطينوس الذي لم يقبل انحراف الخطية بعد توبته بل رفض أن يرجع لعلاقاته الأثيمة التي صنعها في الظلمة بدعوى الحرية .

3. نراعي أباطيل كاذبة عندما نتوقف أمام ضعفنا الشخصي ونتناسي نعمة الله التي تسند، فهكذا اعتذر إرميا عن دعوته بحجة أنه ولد، ولكن الرب لم يقبل رفضه بل قال له: “لا تقل إني ولد لأنك إلى كل من أرسلك إليه تذهب وتتكلم بكل ما آمرك به” (ار 1 :7 )

وكذلك خاف اشعياء عندما رأى مجد الرب ونظر إلى ضعفه وقال: ويل لي قد هلكت، ولكن الرب جعل أحد السيرافيم يمس شفتيه بجمرة من على المذبح لتطهر شفتيه ( اش 6 ) و هكذا لم يقبل الرب أن يفقد خدامه نعمة الخدمة بسبب ضعفهم، فنعمته تسند وتبرر لنكمل دعوتنا.

4. نراعي أباطيل كاذبة عندما لا نحرس أبواب حواسنا من نظر وسمع الخ فهكذا سقط داود في الخطية عندما سمح لعينيه أن تنظر دون ضابط، وسقط وفقد نعمته إلى أن أدرك خطيته وتاب، ورفع قلبه بصلاة ودموع لا تجف قائلاً: ارحمني كعظيم رحمتك

لذلك ففي فترة هذا الصوم احرص أن تكتشف ما هي الأباطيل الكاذبة التي تراعيها وبسببها تفقد شركتك مع الرب واحرص أن ترفضها.. في هذا الوقت سوف تسندك نعمة الله، وستجد الرب يجدد لك دعوته من جديد: قم اذهب إلى نينوي المدينة العظيمة وناد لها” (يو3 :2)

تاريخ الخبر: 2022-02-11 09:21:28
المصدر: وطنى - مصر
التصنيف: غير مصنف
مستوى الصحة: 56%
الأهمية: 70%

آخر الأخبار حول العالم

أوروبا 2024.. ناغلسمان يستبعد هوملز وبراندت عن تشكيلة ألمانيا

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-16 18:27:22
مستوى الصحة: 53% الأهمية: 59%

أوروبا 2024.. ناغلسمان يستبعد هوملز وبراندت عن تشكيلة ألمانيا

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-16 18:27:21
مستوى الصحة: 59% الأهمية: 52%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية