بالنسبة لمعظم الناس في القرن التاسع عشر، كان توماس ألفا إديسون مخترعاً ساحراً، فقد كانت اختراعاته وابتكاراته تجسيداً لاقتباس آرثر كلارك الشهير "أي تقنية متقدمة بما فيه الكفاية لا يمكن تمييزها عن السحر". في الواقع، بعد اختراعه لجهاز الفونوغراف (أول جهاز استخدم لتسجيل واستعادة الصوت) في عام 1877، أصبح إديسون معروفاً باسم "ساحر مينلو بارك" في نيو جيرسي.

أما بالنسبة لمنتقديه، فقد اعتقدوا أن اختراع إديسون الوحيد والحقيقي هو صورته المتقنة كمخترع عبقري والتي استخدمها بمهارة كقناع لإخفاء سرقاته المتعددة التي نال من خلالها شهرة منقطعة النظير بجانب أرباح مالية هائلة.

وفي ذكرى مولده الـ175 التي تصادف اليوم الجمعة، ما زالت البشرية منقسمة حول شخصية توماس إديسون وعما إذا كان مخترعاً فذاً أم رجل أعمال ذكياً نجح في سرقة أفكار واختراعات علماء عصره وتسويقها على أنها من بنات أفكاره.

مولده ونشأته

ولد توماس إديسون في مدينة ميلان في ولاية أوهايو الأمريكية يوم 11 فبراير/شباط 1847 وكان الطفل السابع والأخير لوالدين من أصل هولندي، وكان الأخ الأصغر لأختين وأخ فقط بقوا على قيد الحياة في فترة الطفولة المبكرة. اضطر والده إلى الهرب من كندا لأمريكا بسبب مشاركته في ثورة ماكنزي الفاشلة سنة 1837.

وقد عانى إديسون من مشاكل في السمع منذ سن مبكرة، وكان يعزى ذلك لنوبات متكررة من إصابته بالحمى القرمزية خلال مرحلة طفولته.

كان إديسون طالباً ضعيفاً، لكن والدته ألقت باللوم على المدرسة بدلاً من إديسون، وما أن أخرجته من المدرسة حتى باشرت بتعليمه تعليماً ذاتياً، وهو ما حول إديسون فوراً إلى متعلم شره يقرأ كل ما يمكنه الحصول عليه لتغذية فضوله اللامتناهي الذي زاد شغفه للإبداع والابتكار، فضلاً عن تنمية فطنته التجارية.

وفي سنوات مراهقته، بنى إديسون مختبراً للكيمياء في قبو والدته، كما حصل على الحق الحصري لبيع الصحف على الطريق بالتعاون مع أربعة مساعدين حيث أطلق نشرة أسبوعية أسماها (Grand Trunk Herald)، وهي الخطوة التي جعلت منه رجل أعمال ووضعته على طريق المشاريع الريادية، والتي انتهت بتأسيسه لـ14 شركة، منها جنرال إلكتريك التي لا تزال إحدى أكبر الشركات المساهمة العامة في العالم.

1093 براءة اختراع تحمل اسمه

على الرغم من عدم نيله تعليماً مدرسياً أو هندسياً حقيقياً، فإن إديسون يمتلك 1093 براءة اختراع أمريكية تحمل اسمه، فضلاً عن العديد من براءات الاختراع في فرنسا وألمانيا، الأمر الذي جعل منه رابع أكثر المخترعين إنتاجاً في التاريخ.

وفي عام 1882 أسس إديسون شركته الخاصة بالإضاءة، ليحول من ذلك الحين من مخترع إلى رجل أعمال كل همه السيطرة على قطاعي الكهرباء والإضاءة اللذين كانا في ذلك الوقت من أعظم الاستثمارات في الولايات المتحدة.

وفي الوقت نفسه، قدمت مختبرات إديسون المئات من الاختراعات التي سجلت براءات اختراعها باسم إديسون، والتي لا يعرف على وجه التحديد ما إذا كانت من اختراعات إديسون ومساعديه أم أنها جهد واختراعات علماء حقيقيين آخرين سرقها إديسون.

مخترع عبقري أم لص براءات اختراع؟

لقد كان المخترع الأمريكي رجل أعمال انتهازياً لا يرحم قبل أن يكون عالماً أو مخترعاً عبقرياً، كيف لا، وهو يملك سلسلة طويلة من "تعديل" الأفكار الأصلية والمبتكرة والتي هي ليست بالضرورة أمراً سيئاً دائماً، كونه أخذ فكرة وحولها إلى ابتكار عملي ساحر في النهاية.

في الحقيقة، لا نسعى من خلال هذا التقرير صلب إديسون ووصمه بصفة السارق. بدلاً من ذلك، سوف نستعرض الحقائق وراء بعض أهم اختراعات إديسون وندعك تقرر ما إذا كان مخترعاً فذاً أم لصاً محترفاً؟

- المصباح الكهربائي: فيما يتعلق بالمصباح الكهربائي، لم ينشئ إديسون المفهوم بالفعل، فمنذ عام 1761، كان الناس يصنعون الأسلاك المتوهجة، ولم يكتفِ عدد قليل من المخترعين بإظهار المفهوم فحسب، بل سجلوا براءات اختراع لإصدارات مختلفة من المصابيح المتوهجة. ومع ذلك، فإن أسلاف مصباح إديسون لم تكن مضيئة بشكل كافِ، بالإضافة إلى أنها لم يكن بمقدورها العمل لفترة طويلة وكانت ذات تكلفة عالية بعكس مصباح إديسون.

- جهاز أشعة X: على الرغم من أن الأشعة تعرف أيضاً باسم أشعة رنتجن، في إشارة إلى عالم الفيزياء الألماني ويليام رنتجن الذي اكتشفها عن طريق الصدفة، إلا أن إديسون طور هذا الجهاز وسجل براءة اختراعه باسمه قبل أن يقدمه للجمهور خلال معرض الرابطة الوطنية للضوء الكهربائي في نيويورك.

TRT عربي