تشديد سياسة البنك المركزي الأوروبي يثير خطر الحوادث المالية | صحيفة الاقتصادية


يتزايد قلق المستثمرين من أنه إذا أشار البنك المركزي الأوروبي إلى تشديد قوي للسياسة النقدية، فقد يؤدي ذلك إلى نوع من الاضطراب في سوق السندات الذي أدى إلى تفاقم أزمة ديون منطقة اليورو قبل عقد من الزمان.
تراجع الدين الحكومي عبر كتلة العملة الموحدة منذ اجتماع البنك المركزي الأوروبي الأسبوع الماضي، عندما رفضت كريستين لاجارد استبعاد احتمال زيادة أسعار الفائدة هذا العام في الوقت الذي يكافح فيه البنك المركزي ارتفاعا قياسيا في التضخم. بالنسبة إلى مستثمري السندات، ذلك الاحتمال مثير للقلق بشكل خاص لأن البنك المركزي الأوروبي أكد مرارا وتكرارا أنه سينهي تدريجيا برامجه الضخمة لشراء السندات قبل رفع أسعار الفائدة.
قال جيمس آثي، مدير محفظة في "أبردين ستاندرد إنفستمنتس"، "البنك المركزي الأوروبي هو الوحيد الذي يبقي سوق السندات في مأمن، ويتم الآن إجباره على التراجع".
الأهم من ذلك، ألحقت عمليات البيع ضررا بالدول المثقلة بالديون - التي استفادت سنداتها بشكل غير متناسب من برنامج البنك المركزي الأوروبي لشراء السندات - بشكل أكبر، ما أدى إلى توسيع الفجوة في تكاليف الاقتراض بين أعضاء منطقة اليورو. إذا سارع البنك المركزي إلى الخروج، فقد يختار المستثمرون مرة أخرى التركيز على أعباء الديون المروعة لإيطاليا واليونان، التي تبلغ قيمتها على التوالي نحو 160 في المائة و200 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي.
الفارق على عائدات سندات الخزانة اليونانية لأجل عشرة أعوام - وهو العائد الإضافي الذي تحتاج أثينا إلى دفعه مقارنة بتكاليف شراء السندات الألمانية فائقة الأمان لأجل عشرة أعوام - ارتفع أكثر من نقطتين مئويتين الأسبوع الماضي، صعودا من 1.4 نقطة مئوية في بداية العام، وتضاعف منذ آب (أغسطس) الماضي. الفارق على عائدات سندات الخزانة الإيطالية لأجل عشرة أعوام، وهو مقياس مهم للمخاطر في أسواق السندات في منطقة اليورو بسبب النطاق الواسع للديون الإيطالية، اتسع إلى أكثر من 1.6 نقطة مئوية، مسجلا أعلى معدل منذ تموز (يوليو) 2020.
لا تزال هذه المستويات أقل كثيرا من تلك التي تم الوصول إليها خلال هزة قوية من التقلبات في المراحل الأولى من الجائحة، علاوة على الارتفاعات التي وصلت إليها خلال أزمة الديون في المنطقة، عندما تلقت اليونان وأيرلندا والبرتغال عمليات إنقاذ رسمية واقتربت إيطاليا وإسبانيا من أن تكونا خارج أسواق السندات. مع ذلك، سرعة تحركات السوق في الأيام الأخيرة تحمل صدى غير مريح لدوامة تصاعدية في العائدات شوهدت قبل عقد من الزمن، عندما غذت تكاليف الاقتراض المتزايدة المخاوف بشأن القدرة على تحمل الديون، ما أدي إلى زيادة بيع السندات السيادية.
قال آثي "أعتقد إذا اندفع البنك المركزي الأوروبي إلى إنهاء عمليات شراء الأصول فقد تتسع الفروق أكثر من هنا. في مرحلة ما، كما رأينا في أزمة ديون منطقة اليورو، يمكن أن يصبح ذلك نبوءة تتحقق من تلقاء نفسها".
رفع البنك المركزي الأوروبي أسعار الفائدة آخر مرة في 2011، وهي خطوة يجب التراجع عنها بسرعة مع اقتراب منطقة اليورو من المرحلة الأكثر خطرا من أزمة ديونها. يأمل بعض المستثمرين في أن مثل هذه التجارب ستذكر لاجارد وزملاءها بالتحرك ببطء.
قال يواكيم فيلس، مستشار اقتصادي عالمي في مجموعة بيمكو للاستثمار في السندات "الابتعاد عن برنامج شراء الأصول الصافية ورفع أسعار الفائدة يزيد من مخاطر الوقوع في حوادث مالية، ولا سيما مع ارتفاع مستويات الديون خلال الجائحة، ومع قيام كثير من البنوك المركزية الأخرى بتشديد السياسة في الوقت نفسه".
وأضاف "بالنظر إلى هذه المخاطر، وإدراكا لحوادث 2008 و2011 الناتجة عن تشديد البنك المركزي الأوروبي في توقيت غير مناسب، لا يزال من المرجح أن تسود الأفكار الهادئة والأيدي الثابتة في البنك المركزي الأوروبي. مع ذلك، زادت مخاطر حدوث خطأ آخر في السياسة بشكل واضح".
ساعدت لاجارد على إيقاف اتساع الفروق عندما أخبرت البرلمان الأوروبي الإثنين بأن تشديد البنك المركزي الأوروبي سيكون "تدريجيا". وألمحت إلى أن إعادة الاستثمار في السندات المستحقة السداد المحتفظ بها بموجب برنامج شراء سندات حقبة الجائحة البالغ 1.85 تريليون يورو للبنك المركزي يمكن أن يساعد على مواجهة أي زيادة في تكاليف الاقتراض.
في حين إن الاعتراف الضمني لرئيسة البنك المركزي الأوروبي بأن الارتفاع الأخير في عوائد السندات مطمئن، فإن مثل هذه السياسة من غير المرجح أن تكون كافية لمواجهة عمليات بيع مكثفة للديون الإيطالية أو الإسبانية، كما قال أنطوان بوفيت، وهو خبير استراتيجي في أسعار الفائدة في "آي إن جي" ING. وأضاف "الأدوات المقدمة للحماية من زيادة الفروق تزيد من الافتقار إلى القوة اللازمة".
يؤكد بعض المستثمرين أن تكاليف الاقتراض الإيطالية لا تزال أقل كثيرا من المستويات التي تصبح فيها القدرة على تحمل الديون مرة أخرى مصدر قلق. يبلغ متوسط فاتورة الفائدة الإيطالية على ديونها المستحقة نحو 2.5 في المائة. قال إيان ستيلي، كبير مسؤولي الاستثمار الدولي للدخل الثابت في "جيه بي مورجان أسيت مانجمنت"، "مع أسعار الفائدة على العائد على سندات لأجل عشرة أعوام الذي يبلغ حاليا 1.87 في المائة، يمكن لروما الاستمرار في خفض متوسط تكاليف ديونها في الوقت الذي تواصل فيه الاقتراض".
مع ارتفاع معدل النمو الاسمي، ووجود رئيس وزراء صديق للسوق ـ ماريو دراجي رئيس البنك المركزي الأوروبي السابق ـ ودعم من صندوق التعافي الأوروبي يبلغ 800 مليار يورو، يمكن لإيطاليا أن تتحمل عائدات أعلى مما كانت عليه قبل عقد من الزمان، وفقا لستيلي.
وقال "إيطاليا في وضع مختلف للغاية. بمجرد أن ينقشع الغبار، قد تقول إن 2 في المائة على السندات لأجل عشرة أعوام تبدو جذابة".
مع ذلك، كان بيع سندات إيطاليا وأقرانها أمرا مؤلما لكثير من المستثمرين الذين استثمروا أموالهم في ديون أكثر خطورة لكسب عائد إضافي قليل، مع العلم أن البنك المركزي الأوروبي سيتخلص ببطء شديد من برنامجه التحفيزي الضخم.
قال لودوفيك كولين، مدير محفظة أول في "فونتوبيل أسيت مانجمنت"، "كان لدى البنك المركزي الأوروبي عديد من الخطط لإحداث تضخم، لكن لم يكن لديه أي خطط لما يجب فعله إذا نجح في ذلك. يمكن لمنطقة اليورو بأكملها أن تتحمل عائدات أعلى. المشكلة التي نواجهها هي مدى السرعة التي تحصل عليها. بالنسبة إلى البنك المركزي الأوروبي، سيكون هذا مثل محاولة هبوط طائرة ضخمة عملاقة أثناء عاصفة دون أن تتحطم".

تاريخ الخبر: 2022-02-12 00:23:03
المصدر: صحيفة الإقتصادية - السعودية
التصنيف: إقتصاد
مستوى الصحة: 32%
الأهمية: 42%

آخر الأخبار حول العالم

الركراكي يحظى باستقبال خاص في مقر نادي إشبيلية

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-07 15:25:43
مستوى الصحة: 52% الأهمية: 54%

الركراكي يحظى باستقبال خاص في مقر نادي إشبيلية

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-07 15:25:52
مستوى الصحة: 47% الأهمية: 50%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية