البنوك المركزية والتضخم وخيارات العودة


لا شيء يقلق محافظي البنوك المركزية وصناعة السياسات النقدية مثل التضخم وحركته وتأثيره في الناس وفي الاستثمارات والأسواق المالية. في الماضي كانت البنوك المركزية تحقق نجاحات كبيرة في السيطرة على التضخم الطارئ، كما أن البنوك المركزية في بعض الاقتصادات المتقدمة طالما نجحت وإلى حد كبير في تحقيق سياسات التضخم المستهدف كما في بريطانيا وألمانيا مسارات منسجمة مع معدل النمو الاقتصادي وأهداف السياسات الاقتصادية والمالية المرسومة، لضمان بقاء الوظائف في المعدلات المطلوبة وتحقيق نمو اقتصادي منسجم مع حالة الوضع العالمي، ولا سيما فيما يخص الصادرات وتدفق النقد الأجنبي.
أما هذه المرة وبعد أزمة كوفيد - 19 سجلت معدلات التضخم معدلات عالية، ولا سيما في الاقتصادات المتقدمة التي تمتلك الأدوات السياسات النقدية التقليدية وغير التقليدية، مثل التيسير الكمي للسيطرة على التضخم. وعلى الرغم من ذلك لم تنجح في السيطرة على التضخم وسجل الاقتصاد الأمريكي أعلى معدل تضخم منذ 40 عاما، حيث وصل إلى 7 في المائة، وكذلك دول الاتحاد الأوروبي سجلت معدلات تضخم تفوق المستهدف والمخطط، التي لطالما عرفت بنجاحها وقدرتها على إدارة التضخم المستهدف.
ما حصل في ظروف كوفيد - 19 أن هناك عناصر متعددة دخلت على معادلات ونماذج البنوك المركزية غير مسبوقة ولا توجد لها سياقات تاريخية مماثلة، مثل اضطراب سلسلة الإمداد واختلال طرفي العرض والطلب العالميين، ولأسباب غير تقليدية مثل الطلب المتراكم وتوقف العاملين. في ظل كل تلك الظروف كانت تصريحات المسؤولين الاقتصاديين تشير إلى أن التضخم سيكون عابرا ومؤقتا، لكن الواقع والظروف أكدا عكس ذلك واستمر التضخم في الصعود.
ترافق مع حجم الأموال المجانية التي صدرتها البنوك المركزية للعالم ظهور موجات من الربح السريع والهائل، سواء من خلال الأسواق المالية أو من خلال العملات المشفرة، جعلت معظم المستثمرين يسعون إلى الربح السريع دون أن يشاركوا في الإنتاج بطريقة تعادل قيمة الأموال التي حصلوا عليها، وانساق كثير من المدخرين الأفراد إلى ضخ أموالهم في استثمارات مالية يغلب عليها المضاربة عبر دورات مالية قصيرة، والأمر ينطبق على العملات المشفرة التي لا تزال البنوك المركزية الرئيسة تتخذ مواقف محايدة أو على الأقل يمكننا وصفه بالتجاهل المحمود بحسب ما نعرفه عن البنوك المركزية عندما لا تريد التدخل.
أخيرا، رفع أسعار الفائدة دون عودة الناس والشركات إلى العمل والإنتاج الفعلي من منظور الاقتصاديين، لن ينسجم مع نماذج أدوات ونماذج الاقتصاد القياسي المستخدمة حاليا في تقدير حجم وسرعة رفع الفائدة، فكثير من أدوات البنوك المركزية لم تعد كافية للتعامل مع حالات عدم اليقين الحالية، وإذا ما استمر التضخم، فإن الحكومات ستكون أمام تحديات أكبر من أجل دعم حزام الضمان الاجتماعي وتقديم العون المباشر لكثير من الأسر غير القادرة على العودة إلى العمل والإنتاج، أما خيارات العودة الأفضل فتكمن في عودة إلى العمل بطريقة ما والتعاون وتأجيل قضايا المناخ غير الواقعية، لأنها السبب الأول في ارتفاع أسعار الطاقة.

* نقلا عن صحيفة الاقتصادية.

تاريخ الخبر: 2022-02-12 12:17:08
المصدر: العربية - السعودية
التصنيف: سياسة
مستوى الصحة: 77%
الأهمية: 95%

آخر الأخبار حول العالم

بين فيتنام وغزة – صحيفة التغيير السودانية , اخبار السودان

المصدر: صحيفة التغيير - السودان التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-03 09:22:59
مستوى الصحة: 46% الأهمية: 59%

توقعات أحوال الطقس اليوم الجمعة

المصدر: موقع الدار - المغرب التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2024-05-03 09:24:52
مستوى الصحة: 52% الأهمية: 70%

انهيار طريق سريع جنوب الصين: ارتفاع حصيلة الضحايا إلى 48 شخصا

المصدر: موقع الدار - المغرب التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2024-05-03 09:25:00
مستوى الصحة: 47% الأهمية: 63%

في سوق الأسهم .. هل عليك بيع أسهمك في مايو وإعادة الشراء في نوفمبر؟

المصدر: أرقام - الإمارات التصنيف: إقتصاد
تاريخ الخبر: 2024-05-03 09:24:00
مستوى الصحة: 38% الأهمية: 36%

هذه وضعية سوق الشغل خلال الفصل الأول من سنة 2024

المصدر: موقع الدار - المغرب التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2024-05-03 09:24:54
مستوى الصحة: 47% الأهمية: 68%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية