يحل الكاتب الصحفي صلاح سالم، في السادسة من مساء اليوم الثلاثاء، في ضيافة أمسية جديدة من أمسيات منتدي الاستقلال الثقافي، لمناقشة أحدث مؤلفاته، والصادرة حديثا عن دار العين للنشر والتوزيع، تحت عنوان "تأملات في الوضع البشري".

هذا ويشارك في اللقاء بالتحليل والنقاش كل من: الدكتور أحمد يوسف أحمد، والدكتور سمير مرقص، والدكتور عمار علي حسن، ويدير اللقاء الشاعر أحمد سراج.

في كتابه "تأملات في الوضع البشري"، الصادر في أربعمائة وأربعين صفحة من القطع الكبير، يرصد صلاح سالم، الكاتب بالأهرام، مسيرة التقدم البشرى من منظور العقلنة، أو ما يسميه بـ "صيرورة نزع السحر عن العالم"، التى لم تتوقف عند سحر الخرافة بل تجاوزته إلى سحر الغيب الكامن في الدين برؤيته الروحية للوجود، وسحر الميتافيزيقيا القائم في تصوراتها المثالية للعالم. ومن ثم يتوقف عند الأعراض الجانبية لتلك الصيرورة، فعلى أنقاض الدين والميتافيزيقيا، وبقوة الثورات الصناعية والتكنولوجية نما مجتمع شبكي معقد قوامه "الاستهلاك" و"الفرجة"، لا قيمة فيه إلا للثروة والسلطة، ولا وجود للتشارك العاطفي والوجداني، ومن ثم بات العالم مسطحا، يفتقد إلى ما يروى ظمأ الإنسان للمعنى ويحفزه على المشاركة في مجتمع دافئ رحيم.

كرد فعل على تلك الأعراض الجانبية، يلاحظ الكاتب صيرورة تاريخية نقيض لإعادة بث السحر في العالم، لكنه سحر جديد لا يهبط من أعلى بل ينبثق من أسفل، من تمجيد النشاطات الدنيوية خصوصا السياسية والرياضية والفنية، لتصير طقوسا شبه دينية تثير النشوة النفسية. وهنا يتساءل: هل يعنى ذلك انتفاء المشكلة، حيث حل المقدس الوضعي بديلا للمتعالي وانتهى الأمر؟. ويجيب بالنفي، مؤكدا عمق الفجوة بينهما، والتي ولد من رحمها ثقب أسود في جدار الحضارة المعاصرة ظل يتسع حتى أربك حركتها: بين تقدم العقل العلمي، وادعائه باليقين الحتمي. بين تحرر الإنسان من أسر الوصاية باسم الإله، ومحاولة فرض وصايته هو على الإله. بين تجاوز اغترابه في التاريخ، وتوهم قدرته على التحكم في حركته بدقة وإنهاء مسيرته في أية لحظة. بين امتلاك التكنولوجيا لتحرير الذات من أسر الحواس وقبضة العبودية الخشنة، والخضوع لتكنولوجيا تمارس ضده شتى صنوف الغواية والإرغام وصولا إلى العبودية الطوعية. ولذا يصدر الكتاب مهجوسا بقلق دفين على الوضع البشري المحكوم بذلك الثقب الأسود، وقد أُضيف إليه قلق طارئ فجَّره الوباء الكوني.

يذكر أن "صلاح سالم" أحد وجوه الفلسفة المعاصرة، وهو حاصل على بكالوريوس علوم سياسية من  كلية الاقتصاد والعلوم السياسية في جامعة القاهرة، وقد عُين نائب رئيس تحرير الأهرام، والمشرف على صفحة "فكر"، وعمل باحثًا مساعدًا بمركز الدراسات السياسية والاستراتيجية، بجريدة الأهرام بين عامى 1992، 1996. ومن الجوائز التي حصل عليها جائزة الدولة في العلوم الاجتماعية 2018،  و"جائزة العلوم السياسية" من المجلس الأعلى للثقافة، وجائزة الصحافة السياسية العربية من الاتحاد العام للصحافيين العرب، ونادى دبى للصحافة، عام 2001. عن مجموع مقالاته لعام 2000 والتى كتبها دفاعا عن المؤرخ البريطانى "دافيد إيرفنج" الذى كان معرضا آنذاك للمحاكمة أمام المحكمة العسكرية البريطانية بتهمة معاداة السامية، بداعى تقليله من حجم جريمة الهولوكوست فى حق اليهود، و"جائزة الدولة التشجيعية فى العلوم الاقتصادية والقانونية"، فرع العلاقات الدولية، عام 2003 . وقد نالها الكاتب عن كتابه "تحولات الهوية والعلاقات العربية التركية" الصادر عام 1999.