لأول مرة منذ الانقلاب العسكري تظهر قيادات مصرية في لقاءات بعيدة عن الفاعل السلطوي ما يؤشر إلى أن القاهرة بدأت تُعيد قراءة المشهد السياسي السوداني ومتابعة المتغيرات الأساسية فيه.
خاص ــــ التغيير
ووفقاً لمصادر مؤكدة أجرى وفدا من المخابرات والخارجية المصريتين لقاءات مع عدد من الأحزاب السياسية وقوى الحرية والتغيير.
وقال مصدر مطلع لـ (التغيير) إن (7) أفراد اجتمعوا بقيادات حزب الأمة القومي صباح اليوم بدرا الحزب بأمدرمان، فيما عقد ذات الوفد لقاءً الاثنين مع مبارك الفاضل، رئيس حزب الأمة المنشق.
وناقش الفاضل، وفق وكالة الاناضول، مع الوفد المصري الجهود المبذولة للعبور بالأزمة بما يحقق تطلعات الشعب السوداني نحو الديمقراطية والتنمية والسلام.
من جانبه قال الأمين العام لحزب الأمة القومي، والناطق الرسمي، الواثق برير إن الوفد المصري ناقش الأزمة السياسية الراهنة وتداعياتها مقدمين رؤية كاملة للعلاقات المستقبلية مع السودان، شارحين في الوقت نفسه فلسفتهم في التعامل مع الخرطوم والتي تقوم على مبدأ عدم التدخل في الشأن الداخلي فيها.
رؤية الأمة
وقال البرير في تصريحات حصرية لـ “التغيير” إنهم قدموا بدورهم رؤية الحزب الخاصة لمعالجة الأزمة واستعادة الحكم المدني والتحول الديمقراطي في البلاد (خارطة الطريق).
وأضاف البرير “أوضحنا لهم أننا نسعى لإيجاد حل سوداني، سوداني” مشيراً إلى إمكانية مشاركة المجتمع الدولي والإقليمي ودول الجوار كمسهلين وشهود.
وأكد الوفد المخابراتي أن أمن مصر يرتبط بأمن السودان، ووفقاً للبرير أوضح أن الوفد المصري أمن على دعمهم لإدارة الأطراف السودانية حوارا داخليا.
و بحسب مصادر مطلعة يخطط الوفد المصري الذي يمثل القيادات المسؤولة عن العلاقات السودانية المصرية، للقاء كافة المكونات السياسية والعسكرية بالبلاد.
دور جديد
المخابرات المصرية حصلت على معلومات “مضللة” جعلتها تذهب في اتجاه دعم الانقلاب العسكري هذا بحسب رأي الخبير الاستراتيجي، محمد إبراهيم كباشي، و أشار إلى أن بدأت المخابرات المصرية بدأت في قراءة للمتغيرات السياسية على رأسها قوى الثورة صاحبة التأثير الأكبر في رسم المستقبل السياسي في البلاد.
وقال كباشي إن المخابرات المصرية اتضح لها عمق الثورة السودانية في مناهضتها الجادة للانقلاب العسكري المتواصلة طوال 4 أشهر صامدة في مواجهة العنف المفرط الذي تواجه به القوى الانقلابية التظاهرات الرافضة له.
وأشار الخبير العسكري إلى انتباه المخابرات لإعادة قوى الانقلاب إنتاج النظام السابق، الأمر الذي ترفضه مصر ما دفعها لبحث دور جديد تقوم به يخرجها من الصورة النمطية والتقليدية.
واعتبر أن إجراء المخابرات الآن لحوارات مع القوى السياسية يُعد تحولاً جديد في طريقة إدارة مصر لعلاقتها مع الشأن السوداني .
الأمن المصري
اتفق الخبير الاستراتيجي راشد الشيخ مع سابقه الكباشي حول التغيرات الواضحة في طريقة تعامل القاهرة مع الأزمة السودانية، مشيراً إلى أن أساس التحرك الآن “الأمن القومي المصري” المرتبط بالأمن في السودان.
وكشف الخبير الاستراتيجي عن تضرر كبير وقع على مصر نتيجة الهجرة المتراكمة للسودانيين تجاه مصر بسبب الأوضاع السياسية في البلاد، بجانب تضرر التجارة بين البلدين بسبب تتريس طريق الشمال.
وقال : “إن تأثيرات توقف التجارة تعاني منها مصر على المدى القصير”.
وقال الشيخ لـ “التغيير” إن مصر تحاول الآن التحرك داخل المنطقة “الخصبة” للصراع في السودان والتي تشمل لجان المقاومة والقوى السياسية والمكون العسكري، وأوضح أنها تتعامل الآن مع المكون العسكري باعتباره المسيطر على السلطة القائمة، وتسعى لبناء علاقات مع الفاعل السياسي المستقبلي.
توازن الضعف
الوفد المخابراتي مهمته “استطلاع” الأوضاع في الخرطوم، وارسال رسالة مفادها أن القاهرة مهتمة باستقرار السودان وفق ما ذكرته مديرة البرنامج الافريقي في مركز الاهرام، اماني الطويل لقناة الجزيرة مباشر مساء أمس.
ووصفت الطويل الوضع في السودان بـ “توازن الضعف”، مشيرة لعدم قدرة أي طرف على حسم قدرته على قيادة المشهد السياسي، لا المكون العسكري مع كل العنف المفرط الذي يمارسه في الشارع ولا المكون المدني استطاع اقناع المجتمع الدولي والإقليمي بقدرته على ضمان استقرار السودان.
وأكدت الطويل لـ “الجزيرة مباشر” أن السودان مقبل على أزمة كبيرة يمكن أن تؤدي لانهيار، مشددة على أن الضغط على مركز الدولة بهذا الشكل يمكن أن يؤدي إلى تفاعلات سلبية على الصعيدين المسلح والسياسي.
