عبد السلام الصديقي وزير التشغيل الأسبق: بكيت عقب أول مكالمة هاتفية ولم أجد أحدا 


  • حاوره: محمد كريم بوخصاص

في أول اجتماع للمجلس الحكومي لم يكن عبد السلام الصديقي، الجامعي والخبير الاقتصادي، وزيرا عابرا في حكومة الإسلاميين الأولى. فقد قضى ثلاث سنوات ونصف حاملا حقيبة التشغيل والشؤون الاجتماعية في النسخة الثانية من حكومة عبد الإله بن كيران، التي تزامنت مع ذروة التقارب بين حزب الإسلاميين وحزب الشيوعيين الذي يعتبر الصديقي أحد قادة صفه الأول، ونسج خلال تلك الفترةعلاقة مثيرة مع رئيس الحكومة يقدم تفاصيلها لأول مرة.

في هذا الحوار الثاني من سلسلة “ذاكرة وزراء سابقين”، بعد بوح الوزير عبيابة، يعود الصديقي بذاكرته إلى الفترة ما بين أكتوبر 2013 وأبريل 2017 التي قضاها وزيرا في حكومة الإسلاميين الأولى، ليستذكر بعضا من كواليس ما حصل معه في دواليب الوزارة، ويكشف عن تفاصيل استوزاره وقصة سفره الذي ألغي في آخر لحظة من أجل انتظار المكالمة “الثمينة” التي تأخرت حتى منتصف الليل وجعلته يذرف الدموع. كما يعيد تركيب أهم المشاهد التي عاشها لما كان وزيرا ومازالت عالقة في ذهنه، حول حضوره أول اجتماع للمجلس الحكومي وجولات الحوار الاجتماعي، قبل أن يقدم توضيحات لأول مرة عن تصريحه حول “سريح بنادم” الذي اضطر للاعتذار عنه.

 تحتفظ ذاكرة كل وزير بلحظات مميزة رافقت تعيينه وزيرا في المملكة الشريفة. كيف جرى تعيينك وزيرا للتشغيل والشؤون الاجتماعية في حكومة عبد الإله بن كيران في نسختها الثانية في أكتوبر 2013؟ وكيف عشت هذه اللحظة؟

> طبعا، حدث التعيين في منصب وزير لا يحدث عدة مرات في عمر الإنسان، فهو كما قلتم لحظة متميزة تكرس مسارا نضاليا امتد لما يقرب نصف قرن من الزمن. وعندما انخرطت في العمل السياسي، لم يكن الهدف قطعا هو تقلد المسؤوليات الوزارية، بل المساهمة في خدمة بلادنا وتطورها، والدفاع حسب المستطاع في إطار جماعي، مسؤول، عن المصالح العليا لبلادنا، ومصالح الطبقات والفئات المستضعفة، وهو ما يقتضي الانخراط في الحركية الاجتماعية والنضالات الهادفة، والمعارك الانتخابية والوقوف بجانب القضايا العادلة..

وتعييني على رأس وزارة التشغيل يندرج في هذه الحركية التي عرفت نقلة نوعية مع حكومة الأستاذ عبد الرحمان اليوسفي رحمة الله عليه التي دشنت ما أطلق عليه «التناوب التوافقي»، ومنذ ذلك الحين أصبح من الطبيعي أن نرى مناضلين من اليسار يتحملون مسؤوليات على أعلى مستوى في جهاز الدولة.

لقد كان التعيين الملكي يوم الخميس 10 أكتوبر 2013، أتذكر أننا كنا في اجتماع للمكتب السياسي يوم الأربعاء 9 أكتوبر، وكانت هناك «إشاعات» صحافية حول تعييني وزيرا للتشغيل، أما أنا فلم أكن على علم بأي شيء، بل كنت مستعدا للسفر في نفس اليوم إلى مراكش للمساهمة في ندوة علمية حول المفكر «عبد العزيز بلال»، من تنظيم شعبة العلوم الاقتصادية بجامعة القاضي عياض.

وفي نهاية الاجتماع، أخبرت الأمين العام للحزب بسفري إلى مراكش إلا أنه طلب مني العدول عن ذلك وعدم إغلاق الهاتف، وذلك ما كان، إلى أن تلقيت مكالمة هاتفية حوالي منتصف الليل من قبل الأمين العام، ثم كان الاستقبال الملكي يوم الخميس بعد الزوال.

في هذه اللحظة بالضبط، شعرت بكثير من الفرحة الممزوجة بالدموع لما استحضرت مساري الشخصي والمراحل التي عشتها منذ طفولتي تحت رعاية والدَي رحمهما الله. وتمنيت لو كان والداي على قيد الحياة ليشاطراني تلك اللحظة، ويشعران أن ما قاما به من تضحيات وجهود لم يذهب سدى. وشاءت الأقدار أن يكون يوم تعييني وزيرا في 10 أكتوبر، هو اليوم بالضبط الذي توفيت فيه والدتي: 10 أكتوبر 2008، أما والدي، فقد لبى نداء ربه يوم 23 مارس 2013.

وتبقى اللحظة الراسخة في ذهني إلى الأبد، تلك التي أقدمت فيها على تحية صاحب الجلالة وتقبيل كتفه الأيمن، وهي أول مرة تتاح لي هذه الفرصة، وحينما تقترب من الملك، تشعر بكثير من الارتياح، وتُدرك في نفس الوقت حجم المسؤولية الملقاة عليك، إذ من غير المقبول أن تُخَيب ظن صاحب الجلالة، وألا تكون في مستوى الثقة.

 قرابة أربع سنوات توليت حقيبة حساسة تتعلق بالتشغيل، إلى أي مدى ترى أنك نجحت في مهمتك؟ وما هي الملفات التي لم يُسعفك الوقت أو الجهد لفتحها؟

> فترة الاستوزار دامت بالتحديد ثلاث سنوات ونصف (من 10 أكتوبر 2013 إلى 24 أبريل 2017)، وهي فترة غير كافية للقيام بكل ما ينبغي القيام به. قد يطول الحديث للتذكير بكل ما قمت به، ولا يحق لي معنويا أن أحكم على هذه التجربة إيجابا أو سلبا. كل ما يمكن أن أؤكد لك هو أنني اشتغلت حسب ما يمليه علي الواجب الوطني، ولم أقصر في أي موضوع، ووظفت كل الطاقات التي تزخر بها الوزارة مركزيا ومحليا، مع توفير الأجواء الملائمة للعمل والاعتراف للجميع بالجميل، وخلق ثقافة الانتماء إلى المؤسسة، مما جعل جميع المستخدمين والأطر يشعرون بنوع من الاستقرار النفسي والاعتبار المعنوي. وحينما تُوفر هذه الشروط، يُصبح من السهل للغاية اتخاذ تدابير والقيام بإصلاحات.

كما أنني حرصت، منذ الأيام الأولى لتعييني، على ربط الاتصال والقيام بزيارة تعارف لكل القيادات النقابية للعمال ومنظمة أرباب العمل، لأنهم شركاء أساسيون في أية عملية، وكان التعامل مع الجميع على قدم المساواة وفي ظل الاحترام المتبادل، وقد سهلت ممارستي للعمل النقابي والحقوقي إلى جانب نشاطي السياسي والأكاديمي من هذه المأمورية. وهنا لابد من توجيه تحياتي الخالصة وتقديري البالغ لكل الفرقاء الاجتماعيين منوها بما يقومون به من أجل تدعيم أسس الديمقراطية التشاركية وتدعيم السلم الاجتماعي.

وحتى لا أخوض في التفاصيل، أقول بكل تواضع ومسؤولية، إنني قمت بما يجب القيام به ولست نادما على أي شيء، وكل ما قمت به جاء ثمرة عمل جماعي ساهم فيه الجميع كل من موقعه، ودوري كان يقتصر على التنسيق والتتبع وتنشيط الفرق التي تشتغل في مختلف الواجهات.

 بعد مضي أكثر خمس سنوات على مغادرتك للمسؤولية الحكومية، ما هي الأمور التي ظلت عالقة في ذهنك عن هذه المرحلة؟

> كل ما عشته خلال هذه الفترة مازال عالقا في ذهني، إذ كنت أقوم بتوثيق كل الأنشطة التي أقوم بها والتي أحتفظ بها لاستعمالها مستقبلا عند الحاجة. أتذكر حضوري أول اجتماع للمجلس الحكومي الذي كان مبرمجا كالمعتاد يوم خميس على الساعة الحادية عشرة، إذ توجهت إلى قاعة الاجتماعات ربع ساعة قبل الموعد لكني لم أجد أحدا في القاعة ولا خارج القاعة، وكنت في حيرة من أمري إلى أن التحق بي أحد المستخدمين برئاسة الحكومة، وأخبرني أن الاجتماع نادرا ما يبدأ في الموعد المحدد. لم أكن أبدا أتصور أن الأمور تسير هكذا على مستوى المجلس الحكومي. ومع ذلك، كنت أحرص على الحضور في الموعد حتى إن علمت أن الاجتماع لن ينطلق في موعده.

أتذكر أيضا جولات الحوار الاجتماعي، على قلتها، وما كانت تتطلبه من ذكاء وحنكة، لتقريب وجهات النظر بين مختلف الفرقاء الاجتماعيين من جهة أولى، وبين النقابات العمالية ورجال الأعمال من جهة ثانية، وبين الحكومة والنقابات من جهة ثالثة.

وأتذكر المبادرة التي اتخذتها بمناسبة تخليد الذكرى التسعين لتأسيس جهاز التفتيش بتاريخ 13 يوليوز 1926، حيث وَجهت الدعوة إلى كل وزراء التشغيل السابقين، وكان حدثا عظيما تمكنت من خلاله من ربط الاتصال بزملائي وخلق سُنة وجب اتباعها مستقبلا، وهذه أمنيتي لربط الحاضر بالماضي والاستفادة من تجارب من سبقونا في المهمة.

أتذكر كل اللقاءات الجهوية والدولية، ولاسيما على مستوى المؤتمرات السنوية لمنظمة العمل الدولية ومنظمة العمل العربية، حيث كان صوت المغرب دائما مسموعا ومحترما، وتم نسج العديد من اللقاءات الرسمية وتبادل التجارب.

أيضا أتذكر اليوم الذي صادق فيه البرلمان على القانون الخاص بالعمال المنزليين والمسار الصعب الذي مر منه، والاجتماعات الماراثونية داخل لجنتي البرلمان، واللقاءات مع هيئات المجتمع المدني والاستجوابات الصحافية.

قد يطول الحديث عن كل القضايا التي مازالت راسخة في ذهني إلى الأبد، لأن الفترة التي قضيتها في الوزارة كانت غنية من حيث العطاء، ومليئة بالدروس.

 لطالما كان التخلي عن حقيبة التشغيل مطلبا لفئة عريضة من منطلق عدم جدواها، خصوصا أن التشغيل مسؤولية تنهض بها كل القطاعات الحكومية، ما هو رأيكم كوزير تشغيل سابق في هذا المطلب؟

>  خلافا لما قد يعتقد البعض، فإن وزارة التشغيل لها أهمية بالغة في الهرم المؤسساتي، ويكفي الرجوع إلى اختصاصاتها للتأكد من ذلك، وإن كانت هذه الاختصاصات تتغير من ولاية حكومية إلى أخرى.

بالطبع، كما قلتم في سؤالكم، الوزارة لا تتكلف بخلق فرص الشغل والوزارات الأخرى كذلك، لأن التشغيل مرتبط بالقطاع الخاص، أي بالاستثمار، والذي يُشغل 80 في المائة من الساكنة النشيطة، إلا أن الوزارة تتدخل بقوة في تنظيم علاقات الشغل والسهر على احترام التشريعات ذات الصلة، وهو أمر لا يستهان به.

كما تعمل الوزارة على توفير الحماية الاجتماعية للعمال، وتتولى رئاسة المجلس الإداري للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي الذي يعد من المؤسسات الأساسية في هذا المجال.

من جهة أخرى، تقوم الوزارة بوضع ما يسمى بالسياسات النشيطة للتشغيل والتي تسهر عليها الوكالة الوطنية لإنعاش الشغل والكفاءات، كما تسهر على تدبير التكوين المهني والتكوين المستمر داخل المقاولات، بالإضافة إلى إشكالية الأمن والسلامة المهنية، لذلك تجد في بعض البلدان الديمقراطية أن وزارة التشغيل تأتي من الناحية البروتوكولية في الصفوف الأولى.

المطلوب الرقي بمكانة هذه الوزارة وتخويلها المزيد من الإمكانيات المالية والبشرية حتى لا يُنظر إلى هذه الوزارة ذات الطابع الاجتماعي والحضاري، وكأنها «وزارة زائدة!». إن وزارة التشغيل، وزارة استراتيجية بكل معنى الكلمة.

 أنت من الشخصيات السياسية التي صنعت اسمها لوحدها، ولم تولد وفي فمك ملعقة من ذهب، مع ذلك هل راودك يوما حُلمُ أن تصير وزيرا؟

> أنا من الناس الذين لا يهرولون وراء المسؤوليات أيا كان نوعها، إلا أنني لا أتهرب منها كلما أحسست أنني على استعداد لتحملها، وأن لدي ما يكفي من المؤهلات والقدرات الفكرية. ما يهمني بالأساس هو أن أكون مفيدا لوطننا وشعبنا وأن أساهم، حسب إمكانياتي المتواضعة، في تطوير مجتمعنا، هكذا كنت، وهكذا سأظل، حتى أكون مرتاحا مع ذاتي.

 من المحطات الصعبة التي عشتها كوزير، التصريح الذي كنت أدليت به في برنامج إذاعي بعبارة «سرح بنادم»، والذي اعتذرت عنه لاحقا، ما هي ملابسات ذلك التصريح؟ وكيف تعاملت مع ردود الفعل الغاضبة؟

> بكل صراحة، لا أعتقد أن مثل هذا الحادث الذي تم تأويله بشكل خاطئ أثر على معنوياتي أو نال من ثقتي في النفس، وإن كنت أعتقد أن الموضوع قد أصبح من الماضي ولا يحتاج إيلاءه أي أهمية، ولكن ما دمت قد طرحت السؤال من جديد، أرى لزاما تقديم توضيحات إضافية، ووضع القارئ في صلب الموضوع.

الحكاية بدأت في اجتماع نظمه فريقنا البرلماني حول مشروع قانون العمال المنزليين، وحينها طُرح بقوة موضوع تشغيل الأطفال واحترام حقوق الطفل المنصوص عليها في الدستور والمواثيق الدولية، فتدخلت في النقاش كوزير وحقوقي لِأُذكر الحاضرين بالواقع الذي كانت تعيشه الطفولة في زماننا نحن جيل الاستقلال وما بعده بقليل، وتكلمت بالجمع قائلا: «نحن كنا ندرس ونرعى الغنم في نفس الوقت، ولا أحد يدافع عنا». وهو ما حوره بعض الصحافيين الحاضرين في القاعة سامحهم الله باعتباري «وزير سارح» بهذا المعنى القدحي، إلا أنني لم أبال بهذه الخزعبلات، وحتى لو كنت راعيا للغنم، فما العيب في ذلك؟

على العكس، في المجتمعات التي تحترم مجهود الفرد واجتهاده يتم تقدير مثل هؤلاء الأشخاص الذين لا يولدون وفي فهمهم ملعقة من ذهب. انظر ـ مثلا – كيف تعاملت الصحافة الفرنسية والطبقة السياسية والرأي العام مع السيدة «نجاة بلقاسم»، الريفية الأصل والوزيرة السابقة في حكومة فرانسوا هولاند، لما صرحت أنها كانت ترعى الغنم ببلدتها ببني شيكر.

أما بخصوص تصريحي في البرنامج الذي يُعده رضوان الرمضاني، فهو بدوره تم تأويله بشكل خاطئ ووقع بخصوصه سوء فهم. قُلتُ بالفعل «كنسرح بنادم» مضيفا «كنسرح ولادي»، هذه العبارة الأخيرة سقطت من التسجيل لسبب ما. وإذا ترجمتها من الفرنسية (veiller sur mes enfants) والذي معناها «أرعى أولادي». هكذا كان فهمي. ولم يكن قصدي أبدا أنني «كنسرح بنادم» كما نرعى الغنم. كيف لإنسان أن يتصور أنني سأفكر في هذا الاتجاه. زِد على ذلك أن برنامج الرمضاني فيه جانب يتعلق بالجدية وآخر مرتبط بالفكاهة والضحك. ربما أسأت التقدير واستعملت عبارة لم يكن علي أن أستعملها، لذلك ارتأيت تقديم الاعتذار وطي الصفحة، ومع ذلك أقرأ من حين لآخر بعض التعليقات في المواقع الاجتماعية وكأنني ارتكبت جريمة ضد الإنسانية! الله يهدي ما خلق. هذا العبد الضعيف لا يمكن أن تصدر منه مثل هذه العبارة المسيئة.

 

بصراحة، هل سبب لك هذا التصريح متاعب مع رئيس الحكومة أوزملائك الوزراء؟

> لم تصدر ردود فعل، لأن الزملاء الوزراء وكذا رئيس الحكومة يعرفونني جيدا، ويعرفون سيرتي الذاتية ومساري النضالي. وقد تفهموا الأمر. وأتذكر أن السيد رئيس الحكومة قال لي بالحرف: «لا ينبغي أن تقدم اعتذارك لأنك كنت على صواب طبقا للحديث النبوي: كلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته». ويفهم من هذا الحديث أن الإنسان عليه أن يكون مسؤولا في عمله.

وأتمنى خالصا أن يفهم الجميع سياق التصريح وأن نضع حدا لمثل هذه القضايا الهامشية. هناك ما هو أهم وما هو استراتيجي بالنسبة لبلادنا وشعبنا.

 كان التقدم والاشتراكية في حكومة عبد الإله بن كيران حزبا مدللا تولى حقائب وزارية أكبر من حجمه الانتخابي، هل هذه الوضعية انعكست عليكم كوزراء باسم الحزب؟ وكيف كانت علاقتك الشخصية مع رئيس الحكومة الإسلامي؟

> حصول الحزب على أربعة حقائب في النسخة الأولى لحكومة بن كيران، وخمسة حقائب في نسختها الثانية، والتي كنت من المساهمين فيها، يعود إلى وزنه السياسي وتاريخه ومصداقيته، فالحزب أبان منذ أول مشاركة في حكومة التناوب التوافقي عن جديته وقدرته على ابتكار الحلول للقضايا الكبرى للبلاد، ووفائه لالتزاماته أمام الملك وأمام الشعب وأمام حلفائه، مما جعله ووزراءه على وجه التحديد، يحظون دائما بالاحترام والتقدير بالنظر إلى الجمع بين تواضعهم وانفتاحهم على مختلف الآراء وعدم تعصبهم، دون التفريط في المواقف المبدئية والتنازل عن المصالح العليا للبلاد.

علاقتي مع السيدات والسادة الوزراء كانت وما تزال علاقة احترام وتقدير متبادلين، بما فيهم الوزراء المنتمين لحزب العدالة والتنمية. بالطبع لا يمكن أن تكون صديقا للجميع، وهذا هو سر الحياة، وحتى إن حصل الاختلاف، وهو ما لم يحصل، فلن يُفسد للود قضية، كما يقال.

واسمحوا لي أن أعرج على حديث جرى بيني وبين رئيس الحكومة والذي أحترمه كرئيس للحكومة وتعاملت معه على هذا الأساس. كنت أشعر بنوع من «التمييز السلبي» تجاهي، وحرصت على توضيح الأمور لإزالة كل لبس، وهو ما حدث حينما التقينا على هامش الاحتفال بذكرى صدور جريدة «البيان» بأحد فنادق العاصمة الرباط، إذ توجهت إليه مباشرة بعبارات صريحة قائلا له ما يلي: «لا أفهم السيد الرئيس تصرفك تجاهي، ليكن في علمك أنني لست خصما لك لأنني لا أسعى إلى احتلال مكانك داخل الحزب. فخصومك الحقيقيون هم موجودون بجانبك، وهم الذين يشتغلون ليل نهار لإزاحتك من قيادة الحزب». وبالطبع، ابتسم كعادته تلك الابتسامة المعهودة.

 كيف عشت الأسابيع الأولى التي أعقبت مغادرتك الحكومة؟ وهل استطعت التأقلم سريعا مع الحياة الطبيعية التي عدت إليها؟

>  منذ أن غادرت الحكومة و»رأسي مرفوع»، والحمد لله، وأنا أواصل حياتي بصفة عادية، ولا شيء تغير باستثناء الحضور إلى المكتب على الساعة الثامنة صباحا ووضع ربطة العنق! ليست هناك فترة انتقالية لا حينما دخلت الحكومة ولا حينما غادرتها، لأنني منذ البداية كنت مقتنعا بالطابع المؤقت للمهمة التي أنيطت بي، وأن بالإمكان أن أغادرها في كل وقت وحين بالنظر إلى التقلبات السياسية التي تحدث. وكنت دائما أحكي للأصدقاء من باب النكتة طبعا أن «العمل الوزاري» من أكثر الأعمال «هشاشة» والوزير جالس على كرسي «قابل للانقلاب» (siègeéjectable).

وأنا جد سعيد أنني غادرت الوزارة كما دخلتها معززا مكرما، وكانت تجربة غنية استفدت خلالها الشيء الكثير وستساعدني على مواصلة حياتي النضالية وعملي الأكاديمي وخدمة بلدي وملكي إلى آخر رمق من عمري.

وسأبقى في جميع الحالات وفيا لأمرين تعلمتهما على يد والديّ طيب الله ثراهما، فقد تعلمت من أبي حب العمل وعدم الاتكالية والدفاع عن الكرامة، وتعلمت من أمي حب الآخر ونبذ الأنانية وتقاسم ما هو متوفر مع المحتاجين. وكم يحتاج الإنسان إلى المزيد من الحب والمعرفة، لذلك أواصل الكتابة لاقتسام المعرفة، وأواصل النضال لأني أحب الخير للجميع.

تاريخ الخبر: 2022-02-16 12:17:51
المصدر: الأيام 24 - المغرب
التصنيف: سياسة
مستوى الصحة: 69%
الأهمية: 74%

آخر الأخبار حول العالم

مجلس الحكومة يصادق على مشروع مرسوم "بطاقة الإعاقة"

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-09 18:26:31
مستوى الصحة: 49% الأهمية: 62%

مجلس الحكومة يصادق على مشروع مرسوم "بطاقة الإعاقة"

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-09 18:26:33
مستوى الصحة: 57% الأهمية: 61%

أخنوش: نحن حكومة ديموقراطية اجتماعية

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-09 18:25:49
مستوى الصحة: 47% الأهمية: 56%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية