مر 167 عاماً على معركة جوزلوفا، وهي إحدى المعارك التي شهدتها حرب القرم التي نشبت بين الدولة العثمانية وروسيا القيصرية بين عامي 1853 و1856 . واندلعت حرب جوزلوفا في يوم 17 فبراير/شباط 1855، والتي تمكن خلالها الجيشان العثماني والمصري بصد قوات الإمبراطورية الروسية التي هاجمت نقطة التحصين في مدينة جوزلوفا (يفباتوريا اليوم) في شبه جزيرة، وألحقوا بهم خسائر فادحة.

فيما تُعتبر حرب القرم جزءاً من الحروب الروسية-العثمانية، التي كانت عبارة عن سلسلة من الحروب التي نشبت بين الدولة العثمانية والإمبراطورية الروسية القيصرية ما بين القرنين السادس عشر والعشرين.

وكان لوقع الهزيمة النكراء التي تعرضت لها قوات الإمبراطورية الروسية التي حاولت دون جدوى الاستيلاء على مدينة جوزلوفا عظيم الأثر لحسم حرب القرم، التي استمرت لقرابة 3 أعوام، لصالح الدولة العثمانية وحلفائها بريطانيا وفرنسا. وهكذا، فإن الآمال الروسية في الاحتفاظ بجيش بري قوي في شبه جزيرة القرم لاختراق أو حصار الحلفاء قد تلاشت تقريباً.

خلفية تاريخية

تقع مدينة جوزلوفا الساحلية، وهي إحدى المستوطنات التترية المهمة، في شمال خليج كالاميس (كالاميتسكي) في الجنوب الغربي من شبه جزيرة القرم. أقام العثمانيون على أراضيها عام 1552 مسجداً شيده المعماري العثماني الشهير سنان باشا.

فيما تحول اسم المدينة من جوزلوفا إلى يوباتوريا أثناء خضوعها لحكم الإمبراطورية الروسية منذ عام 1783. فيما كان ميناء المدينة من أوائل الشواطئ التي شهدت عمليات إنزال الحلفاء (الدولة العثمانية وبريطانيا وفرنسا) في شبه جزيرة القرم، والتي بدأت فعلياً يوم 14 سبتمبر/أيلول 1854.

وفي الخمسين يوماً التالية، كسر الحلفاء المقاومة الروسية في ألما وباليكلافا وإنكيرمان وحاصروا سيفاستوبول. بعد أن فقد الروس السيطرة على ميناء سيفاستوبول، سحبوا أسطولهم من البحر الأسود ووضعوه عند مصب ميناء سيفاستوبول، الأمر الذي سهل على الحلفاء الحصول على الإمدادات من البحر، وفي الوقت نفسه شكّل تهديداً خطيراً للقوات الروسية المتواجدة في جوزلوفا.

القوات العسكرية

في أعقاب دخول المملكة المتحدة وفرنسا رسمياً حرب القرم كحليفين للإمبراطورية العثمانية بإعلانمها الحرب على الإمبراطورية الروسية في 28 مارس/آذار 1854، نزلت قوات الحلفاء في سبتمبر/أيلول 1854 على ساحل شبه جزيرة القرم كجزء من هجوم عسكري لمهاجمة القاعدة البحرية الروسية الرئيسية في البحر الأسود في سيفاستوبول والاستيلاء عليها.

وبحلول منتصف أكتوبر/تشرين الأول حاصر الحلفاء سيفاستوبول ووضعوا المدينة الساحلية تحت الحصار، وفي خريف وشتاء 1854-1855 عزز المتحاربون جيوشهم في شبه جزيرة القرم. بينما أحضر الروس القوات إلى شبه جزيرة القرم من البر الرئيسي، جلب الحلفاء تعزيزاتهم عبر البحر الأسود.

وحولت القوات العثمانية جوزلوفا إلى حصن منيع استضاف أكثر من 30 ألف جندي عثماني ونحو 100 مدفع مغروسة على شكل نص دائرة لحماية الميناء من الهجمات الروسية بقياد عمر باشا. وبينما تألفت القوة البرية العثمانية في شبه جزيرة القرم من ثلاثة فرق مشاة وفرقة خيالة بجانب الأساطيل البريطانية والفرنسية، أرسل خديوي مصر (التي كانت تتبع اسمياً الدولة العثمانية وقتذاك) أسطولاً بحرياً مكوناً من 12 سفينة، بالإضافة إلى فرقة برية بقيادة اللواء سليم فتحي باشا.

من ناحية أخرى، تألفت القوات الروسية تحت قيادة الفريق ستيبان ألكساندروفيتش خروليف من 6 أفواج مشاة وفرقتين سلاح فرسان و5 فرق سلاح فرسان قادمة من إستونيا وحوالي 108 مدافع.

المعركة

في مساء يوم 16 فبراير/شباط 1855، وضع خروليف خطته موضع التنفيذ، حيث قام بتحريك قواته بهدوء إلى مواقع على بعد حوالي 3 كيلومترات من جدران جوزلوفا. وعلى الرغم من أن خروليف خطط لهجومه على أنه هجوم مفاجئ، إلا أن الأتراك كانوا على علم بأن الهجوم كان وشيكاً وكانوا بالفعل على الحواجز.

وبدأت الاشتباكات بقصف مدفعي ثقيل باتجاه الدفاعات العثمانية رافقها تقدم القوات البرية التي كانت تضم أيضاً كتيبة من المتطوعين اليونانيين الذين انضموا إلى الروس في أوائل فبراير/شباط باتجاه القلعة التي كان يحيط بها خندق دفاعي، لكن شدة القصف العثمانية وملئ الخندق بالماء حال دون تقدم الروس وتسلق جدران الحصن، ما دفعهم لوقف الهجوم والتراجع.

وخلال معارك المشاة استشهد القائد المصري سليم باشا وميرالاي رستم بك. وفي القتال الذي استمر 4 ساعات خسر الروس قرابة 2500 بين قتيل وجريح، فيما كانت خسارة الحلفاء 350 جندياً فقط. وفي 30 مارس/آذار 1856 أعلن الروس هزيمتهم وقبلوا التوقيع على شروط اتفاقية باريس.

TRT عربي