منذ انطلاقها في 29 يناير/ كانون الثاني الماضي، ما زالت الاحتجاجات ضد إلزامية التطعيم تهز كندا. ويسعى المحتجون إلى قطع الطرق الحيوية للبلاد، في ما عرف بـ"قافلة الحرية"، حيث يحاول المشاركون فيها الضغط على حكومة جاستن ترودو من أجل التراجع عن قرارته تلك.

فيما تسود مخاوف من أن تكون هذه الاحتجاجات مُحرَّكة من قبل جماعات يمينية متطرفة، تسعى إلى تهديد الديموقراطية الكندية، واستقرار البلاد الأمني. مخاوف تؤكدها المشاركة الكبيرة لأتباع هذا التيار السياسي في تظاهراتها، كما سبق وأعلنت شرطة الخيالة الملكية الكندية على إلقاءها القبض على مندسين وسط المتظاهرين كانوا يسعون إلى تصفية رجال الأمن.

هذا وتكشف تحقيقات صحفية أخيرة لموقع "Intercept" الأمريكي، بأن "قافلة الحرية" تلقت تمويلات كبيرة بحجم 9.6 مليون دولار من طرف جماعات ونشطاء من اليمين المتطرف في الولايات المتحدة الأمريكية. وأظهرت محادثات مسربة لحملة التبرع ترويج المشاركين فيها لخطاب مُعادٍ للديموقراطية، كما اشتراكهم في العداء لليسار والأقليات العرقية.

تمويلات مشبوهة

أتت تحقيقات "Intercept" بعد أن تعرض موقع "GiveSendGo" الذي تعتمده حملة "قافلة الحرية للاختراق، لتكشف مئات البيانات التي سربت منه أصول التمويلات التي تلقتها حملة الاحتجاج الكندية. فيما يصف موقع التبرعات ذاك نفسه بـ"الصندوق المسيحي للتمويلات الجماعية"، ويعد أحد مثيليه الأكثر استخداماً من قبل الجماعات اليمينية المتطرفة.

وكشفت البيانات المسربة عن الموقع بأن حملتي "قافلة الحرية 2022" و"تبني سائقة حافلة"، المرتبطتين بالاحتجاجات الكندية ضد الإجراءات الصحية، حصلتا على ما مجموعه 9.6 مليون دولار على موقع "GiveSendGo"، حيث ساهم في جمع هذه المبالغ حوالي 104 آلاف متبرع.

على رأس هؤلاء المتبرعين كان المليونير الأمريكي اليميني، توماس سييبل، الذي تبرع إلى الحملتين بـ 90 ألف دولار. إضافة إلى عدد من المنتمين إلى منظمة "حماة العهد" المسلحة، وهي جماعة يمينية متطرفة عنيفة، أدين زعيمها ستيوارت رودز بالمشاركة في الهجوم على مبنى الكونغريس الأمريكي في 6 يناير/كانون الثاني 2021. كما عدد من النشطاء اليمينيين المتطرفين، المعروفين بدعمهم للمراهق كايل ريتنهاوس، المتهم في قتل ثلاثة نشطاء من حركة "حياة السود تهم" المناهضة للعنصرية.

وتوجهت أغلب التبرعات التي تلقتها حمالات الاحتجاجات الكندية إلى منظمة "مشروع فيريتاس" اليمينية المتطرفة، التي تعمل على نشر معلومات زائفة حول حملة التطعيم ضد فيروس كورونا، كما التحريض على مقاطعة التطعيم. وحسب موقع "Intercept" فإن "مشروع فيريتاس" سبق له وشارك في حملة أمريكية للترويج لأدوية مزيفة لكوفيد-19.

فيما أثار تسريب بيانات موقع "GiveSendGo" غضب أنصار "قافلة الحرية، الذين حمَّلوا المسؤولية في ذلك لمن أسموهم بـ"الأعداء اليساريين" ودعوا إلى قتلهم، حسب ما تكشفه محادثات مسربة لهم من على تطبيق تيليغرام. هذا وقضت محكمة أونتاريو في 10فبراير/شباط الجاري بتجميد هذه التبرعات الموجهة للحملتين.

فوضى ومخططات لقتل الشرطة

هذا وسبق أن حذَّر خبراء الجماعات اليمينية المتطرفة من الاختراق الكبير الذي حققته هذه الأخيرة للاحتجاجات ضد إلزامية التلقيح في كندا. وكشف وزير السلامة العامة الكندي، ماركو ميديسينو، في تصريحات صحفية الأربعاء عن وجود روابط بين المحتجين الذين يحتلون العاصمة أوتاوا ومجموعة يمينية متطرفة قُبض على أفرادها ببلدة كوتس الحدودية في 14 فبراير/شباط الجاري، حيث "كانوا يخططون لقتل ضباط الشرطة" حسب تعبيره.

وقال بيان لشرطة الخيالة الملكية الكندية بأنها "علمت بوجود خلية مسلحة داخل المتظاهرين بمعبر كوتس الحدودي لديها الاستعداد لاستخدام القوة ضد الشرطة إذا جرت أي محاولات لعرقلة الحصار". وإثرها داهمت الشرطة مقطورات ثلاث قالت إنها لأفراد الخلية، فعُثر على عدد من الأسلحة والذخائر والدروع المضادة للرصاص". وأردف البيان بأن "هذه الجماعة اليمينية المتطرفة كانت تخطط لاستهداف رجال الأمن، فيما اعتُقل 11 عنصراً ينتسبون إليها".

ومن جانبها، دقَّت الأستاذة المساعدة في قسم الاقتصاد والعدالة بجامعة ماونت رويال ، كيلي سوندبرج، ناقوس الخطر بشأن الجماعات اليمينية المتطرفة بالبلاد. قائلة: "مصادرة الأسلحة النارية عند معبر كوتس الحدودي يجب أن تكون علامة حمراء لكل سياسي في البلاد، إذ ليس لديّ أدنى شك في أننا كنا سنشهد إراقة دماء لو لم تتدخل الشرطة".

وتضيف سوندبرج: بأن "رموز الكراهية مثل الصليب المعقوف أصبحت أمراً معتاداً في الاحتجاجات في جميع أنحاء البلاد، كما نشهد انتشار كثير من المعلومات المظللة ونظريات المؤامرة المجنونة".

TRT عربي