أوروبيون جزائريون فضلوا البقاء في موطن ولادتهم بعد رحيل المستعمر


إعلان

وتقول ماري فرانس غرانغو المولودة قبل 84 عاما في الجزائر لوكالة فرانس برس "أسفي الوحيد هو أنني لم أتعلّم اللغة العربية بشكل جيد".

وتضيف السيدة التي عاشت آنذاك في بيئة "أوروبية خالصة" أنها خلال دراستها في الجزائر، "حتى السنة الثالثة ثانوي، لم يكن هناك طالب جزائري واحد يدرس معي".

ولدت في الشلف على بعد 200 كيلومتر في غرب الجزائر، وقضت طفولتها غير بعيد عن هذه القرية آنذاك مع جدتها لأبيها في واد رهيو، بعدما التحق والدها بجبهة القتال في بداية الحرب العالمية الثانية (1939-1945).

لدى عودته، انتقلت العائلة إلى الجزائر العاصمة لتتابع ماري فرانس تعليمها، لأن "لا مدرسة" في قريتها.

وتعرّفت على زوجها جان بول غرانغو في تجمع للشباب المسيحيين البروتستانت، وتزوجا في 10 آذار/مارس 1962 قبل أسبوع من التوقيع على اتفاقيات وقف إطلاق النار في إيفيان (وسط شرق فرنسا) بين الجيش الفرنسي وجبهة التحرير الوطني.

قبل استقلال الجزائر بفترة وجيزة في تموز/يوليو، لحقت ماري فرانس زوجها إلى فرنسا بعد استدعائه للخدمة العسكرية، لكن الزوجين "عادا بشكل نهائي" في بداية عام 1963 عندما تم تعيين جان بول غرانغو في وظيفة في العاصمة الجزائرية.

خلال سنتي 1961 و1962، أقام زوجها الطبيب اتصالا مع مناضلي جبهة التحرير الوطني الذين أمدهم بالأدوية والدم، وفق ما تروي زوجته.

ومثل عائلة غرانغو، اختار بعض "الأقدام السوداء"، وهو الوصف الذي يطلق على الأوروبيين المولودين في الجزائر وقت الاستعمار والذين شاركوا أحيانًا في الكفاح من أجل الاستقلال، عدم الرحيل.

وتوضح ماري فرانس "كان المستوطنون الأوروبيون مرتبطين جميعهم بقوة بالجزائر، ولهذا السبب كانت مغادرة البلاد مأساة بالنسبة لهم".

وكان عدد المستوطنين في عام 1963 قرابة مئتي ألف لم يبق منهم عام 1993 سوى 30 ألفا، وفقًا للمؤرخة إيلان براكو. ورحل عدد كبير من هؤلاء إلى فرنسا خلال العشرية السوداء (1992-2002).

وتقول ماري فرانس "لم نسع للعيش مع الأوروبيين الآخرين الذين بقوا في الجزائر، بل أردنا التعرف على الجزائريين والاختلاط بهم". وتشير الى أن زوجها كان يحاول "الاستجابة لاحتياجات المرضى وطلاب كلية الطب بالوسائل القليلة المتوفرة".

وأصبح جان بول الذي حصل على الجنسية الجزائرية في 1970، أستاذًا في طب الأطفال في مستشفى بني مسوس بالعاصمة، ثم مستشارًا لوزير الصحة عام 1994.

وتوفي الطبيب الذي وضع جدول تطعيم الأطفال في الجزائر، في آب/أغسطس 2020، عن عمر 82 عامًا.

ويحمل ثلاثة من أبناء عائلة غرانغو الخمسة أسماء جزائرية. فقد "نشأوا هنا وذهبوا إلى المدرسة في الجزائر ويتحدثون العربية بطلاقة"، وفق ما تقول والدتهم. وتضيف "حتى أننا كنا بالكاد نفهم ما يقولون عندما كنا نستمع إليهم يتحدثون مع بعضهم البعض باللهجة الجزائرية".

وحصلت ماري فرانس مثل زوجها على الجنسية الجزائرية عام 1972، و"كان ذلك خيارا"، وفق قولها.

"شابان ومتفائلان"

وكان الزوجان غرانغو "شابين ومتفائلين". وتقول ماري فرانس "قلنا لأنفسنا هذا وطننا، لقد ولدنا هنا وسنبقى هنا"، ولو أنهما واجها صعوبات.

وتؤكد المرأة التي أمضت معظم حياتها المهنية موظفة في وزارات، أنه "ليس من السهل ألا تكون مثل بقية الناس، ولا تلقى دائمًا قبولا. ألا تكون مثل بقية الناس يعني ألا تكون مسلمًا، وأن تكون من أصل فرنسي وتحمل اسما كاسمنا".

ومن الأوروبيين الجزائريين، عائلة كارولين ألتيراك جانسن التي تبلغ اليوم 69 عامًا. غادرت عائلتها وهران (غرب) عام 1959 عندما نُقل والدها للعمل في فرنسا.

لكن عائلتها لجهة أمها "تقطن في الجزائر منذ خمسة أجيال". وتقول "اخترت العودة إلى الجزائر في عام 2006 للإشراف على الأعمال العائلية التي أنشأها أجدادي في عام 1918".

ولديها "ذكريات كثيرة عن الطفولة والمراهقة خلال العطل السنوية" التي قضتها عند جدّيها أو أبناء عمومتها. "كنا جميعًا أبناء أرض الجزائر".

بعد الاستقلال، بقي جزء من عائلتها الكبيرة في الجزائر حيث كانت "جذورهم"، ولأن حياتهم الاجتماعية والمهنية كانت "راسخة بقوة" فيها.

وتقول كارولين في شقتها في العاصمة الجزائرية "اليوم، أنا جزائرية بالقلب في هذا البلد الرائع وغير المعروف، وأنا أدافع عنه بشدة".

وتضيف أنها "فخورة أيضًا بكونها فرنسية على أرض الجزائر ويشرفها أن يتم الترحيب بها على هذا النحو".

وتروي كارولين قصة شانتال لوفافر، وهي "جزائرية أخرى بالقلب" أسست عائلتها مطبعة موغان في عام 1867. بعد قضاء جزء من حياتها في إسبانيا بعد الاستقلال، عادت في سن الـ48 إلى الجزائر في خضم الحرب الأهلية (1992-2002) من أجل إعادة تشغيل المطبعة. توفيت في موطن ولادتها عام 2015 عن عمر ناهز 70 عامًا.

تاريخ الخبر: 2022-02-22 12:16:41
المصدر: فرانس 24 - فرنسا
التصنيف: سياسة
مستوى الصحة: 83%
الأهمية: 87%

آخر الأخبار حول العالم

يتضمن "تنازلات".. تفاصيل المقترح الإسرائيلي لوقف الحرب

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-04-27 21:25:50
مستوى الصحة: 46% الأهمية: 68%

يتضمن "تنازلات".. تفاصيل المقترح الإسرائيلي لوقف الحرب

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-04-27 21:25:42
مستوى الصحة: 45% الأهمية: 65%

الدورة الـ16 للمعرض الدولي للفلاحة بمكناس ..توافد غير مسبوق للزوار

المصدر: موقع الدار - المغرب التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2024-04-27 21:25:07
مستوى الصحة: 51% الأهمية: 63%

قتل طفل في مصر ونزع أحشائه بسبب "الأنترنت المظلم"

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-04-27 21:25:52
مستوى الصحة: 46% الأهمية: 66%

قتل طفل في مصر ونزع أحشائه بسبب "الأنترنت المظلم"

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-04-27 21:25:57
مستوى الصحة: 45% الأهمية: 69%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية