يقول مسؤولون يشاركون في المحادثات غير المباشرة التي تجري بين طهران وواشنطن لإحياء الاتفاق النووي الإيراني المبرم عام 2015، إن المباحثات دخلت مرحلتها الأخيرة رغم أن بعض القضايا المهمة لم تُسَوَّ بعد، ومن غير الواضح ما إذا كان الاتفاق سيتحقق.

ومنذ قرّر الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترمب انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق في 2018 وأعاد فرض العقوبات على طهران، يتهم الغرب إيران بخرق عديد من القيود التي كانت تُطِيل الفترة التي تحتاج إليها لإنتاج موادّ انشطارية كافية لتصنيع قنبلة ذرية، إذا ما قرّرَت ذلك، إلى ما لا يقلّ عن عام بدلاً من شهرين إلى ثلاثة أشهر.

ويقول دبلوماسيون إن تلك الفترة لن تعود إلى السنة ولو مع التوصل إلى اتفاق في ضوء الخبرات التي اكتسبتها إيران من انتهاك قيود الاتفاق النووي. غير أن العودة إلى تلك القيود ستُطيل فترة تجميع المواد الانشطارية عما هي الآن.

وتقول إيران إنها تريد تخصيب اليورانيوم فقط للاستخدامات المدنية، غير أن كثيرين يشتبهون بأنها تعمل على إبقاء خياراتها مفتوحة بالاقتراب من القدرة على إنتاج السلاح النووي.

وتقول القوى الغربية إن الوقت بدأ ينفد أمام إمكانية التوصل إلى اتفاق، لأن برنامج إيران النووي يحقّق تقدماً سريعاً بما قد يجعل الاتفاق عديم الفائدة قريباً.

فما مدى اقتراب إيران من القدرة على تصنيع القنبلة الذرية؟ وما مدى تجاوزها القيود الواردة في الاتفاق؟

فترة التجميع

بناء على أحدث تقرير فصلي من الوكالة الدولية للطاقة الذرية عن أنشطة إيران النووية، الذي نُشر في نوفمبر/تشرين الثاني، قدّر الخبراء فترة تجميع الموادّ الانشطارية اللازمة بما بين ثلاثة وستة أسابيع، غير أنهم يقولون إن تحويلها إلى سلاح سيستغرق فترة أطول، عادة ما تكون في حدود عامين.

وقال وزير المالية الإسرائيلي في نوفمبر/تشرين الثاني إن إيران قد تملك أسلحة نووية في غضون خمسة أعوام.

ولا يتّسم تقدير فترة التجميع بالدقة العلمية، كما أن من الصعب تحديد ما سيكون عليه الوضع في اتفاق لم يُستكمل أو يُنشَر.

غير أن دبلوماسيين ومحللين يقولون إن التقديرات الأولية التقريبية تقدّرها بنحو ستة أشهر.

التخصيب

يقيّد الاتفاق درجة النقاء التي يمكن لإيران أن تخصّب بها اليورانيوم عند 3.67 في المئة، أي أقل بكثير من نسبة الـ90 في المئة اللازمة لتصنيع السلاح النووي، أو نسبة العشرين في المئة التي بلغتها إيران قبل التوصل للاتفاق. وتخصّب إيران اليورانيوم الآن بمستويات مختلفة يبلغ أعلاها نحو 60 في المئة.

وينصّ الاتفاق أيضاً على أنه لا يمكن لإيران أن تنتج وتخزّن وتخصّب اليورانيوم إلا باستخدام ما يزيد قليلاً على 5000 جهاز من الجيل الأول من أجهزة الطرد المركزي الأقل كفاءة في منشأة واحدة هي مجمع تخصيب الوقود تحت سطح الأرض في نطنز.

ويسمح الاتفاق لإيران بتخصيب اليورانيوم لإجراء أبحاث، دون تخزين اليورانيوم المخصب، بأعداد محدودة من أجهزة الطرد المركزي المتقدمة التي تزيد كفاءتها عموما مرتين على الأقلّ على الجيل الأول المعروف باسم "آي آر-1".

وتخصّب إيران اليورانيوم الآن بمئات من أجهزة الطرد المركزي المتقدمة في المجمع تحت الأرض وفي وحدة تخصيب الوقود التجريبية فوق سطح الأرض في نطنز.

كما أنها تخصب اليورانيوم باستخدام أكثر من ألف جهاز من أجهزة "آي آر-1" في منشأة فوردو المدفونة في بطن جبل، وتستخدم كذلك أكثر من 100 من أجهزة الطرد المتقدمة في التخصيب في تلك المنشأة.

مخزون اليورانيوم

قدرت الوكالة الدولية للطاقة الذرية في تقريرها في نوفمبر/تشرين الثاني أن مخزون إيران من اليورانيوم المخصب يقل قليلاً عن 2.5 طن، أي أكثر 12 مرة من الحدّ المسموح به في الاتفاق، وهو 202.8 كيلوجرام، لكنه يقلّ عن الكمية التي كانت تخزنها قبل إبرام الاتفاق، وهي أكثر من خمسة أطنان.

غير أنها تخصب اليورانيوم الآن بمعدل أعلى من نسبة العشرين في المئة التي بلغتها قبل الاتفاق، ولديها نحو 17.7 كيلوجرام من اليورانيوم المخصب بنسبة تصل إلى 60 في المئة، أي قريبة من درجة النقاء اللازمة لصنع السلاح النووي وهي 90 في المئة.

ويحتاج صنع قنبلة نووية واحدة إلى نحو 25 كيلوجراماً من اليورانيوم المخصب لهذا الغرض.

ويقول دبلوماسيون إنه بمقتضى الاتفاق الذي يجري العمل للتوصل إليه، سيجري إما تخفيف درجة نقاء اليورانيوم الفائض عن الحد المسموح به، وإما شحنه إلى روسيا، فيما تعود إيران إلى تخصيب اليورانيوم بدرجة نقاء 3.67 في المئة فقط.

التفتيش والمراقبة

فرض الاتفاق على إيران تنفيذ ما يُسمَّى "البروتوكول الإضافي" للوكالة الدولية للطاقة الذرية، الذي يسمح بعمليات تفتيش مفاجئة لمواقع غير معلنة.

كما وسّع أعمال المراقبة التي تطبقها الوكالة بالكاميرات وغيرها من الأجهزة لما يتجاوز الأنشطة الرئيسية وعمليات التفتيش التي يغطّيها اتفاق الضمانات الشامل القديم الذي وقّعته إيران مع الوكالة.

وتوقفت إيران عن تنفيذ البروتوكول الإضافي، وتسمح فقط باستمرار أعمال المراقبة الإضافية من خلال ترتيب أشبه بعمل الصندوق الأسود، تُجمَّع فيه الصور والبيانات التي ترصدها الكاميرات والأجهزة الأخرى وتُخزَّن، لكن الوكالة الدولية لا يتاح لها الاطّلاع عليها، على الأقلّ في الوقت الحالي.

ويسري العمل بهذا الترتيب منذ عام.

إمكانية تصنيع السلاح النووي

رغم الحظر المفروض بموجب الاتفاق أنتجت إيران معدن اليورانيوم المخصَّب بنسبة 20 في المئة، وهذا يزعج القوى الغربية لأن إنتاج معدن اليورانيوم خطوة مهمة صوب تصنيع القنابل، ولم يحدث أن فعلت دولة ذلك دون تطوير أسلحة نووية في النهاية.

وتقول إيران إنها تعمل لإنتاج وقود للمفاعلات.

TRT عربي - وكالات