بقلم: أمينة فخوري
يقول الإمام المجدد رحمه الله في ثنايا وصيته: “ألا وإن لي أشياء أوصي بها من يسمع ويعقل صدى وترجيعا يبلغه الله عز وجل آذانا واعية وقلوبا صاغية”. أوصى بما أوصى به الله عز وجل “ببر الوالدين”؛ “ثم أوصي من وقف على كلماتي هذه قراءة أو استماعا بما أوصى الله عز وجل الإنسان. وصى الله عز وجل خالق الإنسان بوالديه حسنا. حسنا بما حملت الأم وأرضعت وحنت وبما كفلت وكفل الأب جنينا لاحول له ولا قوة ثم وليدا في المهد ودارجا في مراحل الحياة”.
أوصى الله سبحانه وتعالى بالوالدين إحسانا وحسنا، لاسيما في سن الضعف والحاجة والافتقار إلى اليد الحانية والقلب العاطف والمعاملة الجميلة في قوله جل شأنه: وقضى ربك أن لا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا، وأمر بصحبتهما بالمعروف وخفض الجناح لهما، وعدم إغضابهما وإسخاطهما، ورتب برهما بعد توحيده عز وجل. قال: وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوٓاْ إِلَّآ إِيَّاهُ وَبِٱلْوَٰلِدَيْنِ إِحْسَٰنًا ۚ إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ ٱلْكِبَرَ أَحَدُهُمَآ أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّۢ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا وَٱخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ ٱلذُّلِّ مِنَ ٱلرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ٱرْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِى صَغِيرًا [سورة الإسراء، 23 – 24].
إن طاعة الوالدين والبر بهما لمن أعظم الأعمال أجرا وأفضلهما عند الله عز وجل، فعن ابن مسعود رضى الله عنه قال: سألت النبي صلى الله عليه وسلم أي الأعمال أحب إلى الله قال: “الصلاة على وقتها، قلت ثم من قال: “بر الوالدين”، قلت ثم من قال: الجهاد في سبيل الله” [رواه الشيخان].
“أمك أمك”
وصية القرآن ذكرت الوالدين وفريضة الإحسان إليهما إجمالا ثم فصلت وأطنبت في الأم ترجيحا لحقها، وذلك شكر من حملت على وهن وكره، وأرضعت وغذت ونظفت حتى بلغ أشده المسلم وبلغت أشدها المسلمة، داعيا الله لمن ولدهما وربياهما بأن يرحمهما: وَقُل رَّبِّ ٱرْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِى صَغِيرًا، وَوَصَّيْنَا ٱلْإِنسَٰنَ بِوَٰلِدَيْهِ إِحْسَٰنًا ۖ حَمَلَتْهُ أُمُّهُۥ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا ۖ وَحَمْلُهُۥ وَفِصَٰلُهُۥ ثَلَٰثُونَ شَهْرًا ۚ حَتَّىٰٓ إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُۥ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِىٓ أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ ٱلَّتِىٓ أَنْعَمْتَ عَلَىَّ وَعَلَىٰ وَٰلِدَىَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَٰلِحًا تَرْضَىٰهُ وَأَصْلِحْ لِى فِى ذُرِّيَّتِىٓ ۖ إِنِّى تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّى مِنَ ٱلْمُسْلِمِينَ [سورة الأحقاف، الآية 14].
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: “يا رسول الله من أحق الناس بحسن صحابتي؟ قال أمك. قال ثم من؟ قال أمك. قال ثم من؟ قال أمك. قال ثم من؟ قال ثم أبوك”.
يبر بالأم وتوصل مشركة، ويبر بها بعد موتها كما كان يبر بها في حياتها. روى مسلم والترمذي وأبو داود عن بريده بن الحصيب رضي الله عنه قال: “بينا أنا جالس عند رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ أتته امرأة فقالت : إني تصدقت على أمي بجارية ، وإنها ماتت ، فقال وجب أجرك، وردها عليك الميراث. قالت: يا رسول الله إنها كان عليها صوم شهر، أفأصوم عنها ؟ قال: صومي عنها، قالت: إنها لم تحج ، أفأحج عنها؟ قال: حجي عنها”.
وبين لنا الصادق الأمين أن الإحسان إلى الأم… تتمة المقال على موقع مومنات نت.