تقرير ميونيخ الأمني: القرن الإفريقي بات "بؤرة توتر" وروسيا تغلغلت في الساحل لملء الفراغ الغربي


تحت عنوان "تحول المدّ والتخلص من العجز"، صدر تقرير ميونخ الأمني السنوي، في فبراير 2022، ليلقي الضوء على العديد من التهديدات العالمية، من بينها تلك التي تشهدها منطقة الساحل والقرن الإفريقي، مع فشل المقاربة الأوروبية في التعامل مع أزمات المنطقة، وتغلغل روسيا لملء الفراغ الغربي بها، بالإضافة إلى انكشاف الجهود الإنمائية الدولية بمنطقة الساحل، والإخفاق في مواجهة الإرهاب، وتحول منطقة القرن الإفريقي إلى بؤرة للتوتر، بالإضافة إلى محدودية دور بعثات حفظ السلام بها.

وحسب شركة "إنترريجونال" للتحليلات الاستراتيجية، كشف تقرير ميونخ للأمن لعام 2022، في الشطر الخاص بـ"البؤرة الإفريقية المضطربة"، عن تصاعد التهديدات الأمنية في منطقة الساحل والصحراء، وكذلك في منطقة القرن الإفريقي والبحر الأحمر؛ مما يعني استمرار معضلة الأمن الإفريقية، على الرغم من الجهود الأمريكية والأوروبية للتعامل مع معضلة غياب الأمن، والاستقرار في القارة، على مدى نحو عقدين.

فشل المقاربة الأوروبية في التعامل مع أزمات الساحل

قال التقرير إن منطقة الساحل والصحراء شهدت، منذ عام 2013، المزيد من التدخلات الخارجية، بهدف بناء السلام من قبل عدد من القوى والمؤسسات الدولية الفاعلة؛ مثل الأمم المتحدة، والاتحاد الأوروبي، والاتحاد الإفريقي، والجماعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا "إيكواس"، والجزائر، والولايات المتحدة، وفرنسا.

ولفت إلى أنه ورغم تزايد المشاركة الدولية، والتوصل إلى إبرام اتفاق سلام بين الحكومة المالية والمتمردين في شمال البلاد، في عام 2015، إلا أن البلاد لا تزال منقسمة؛ حيث لا تزال الدولة غائبة إلى حد كبير، عن شمال ووسط مالي، وهو ما استغلته الجماعات المسلحة لملء الفراغ هناك.

تغلغل روسيا لملء الفراغ الغربي عبر عناصر "فاجنر"

أفاد التقرير بأنه ومنذ انسحاب القوات الدولية من أفغانستان، في عام 2021، شرع البعض في رسم المزيد من أوجه التشابه بين التدخلات في منطقة الساحل وأفغانستان، وهو ما دفع نحو إعادة التفكير في إنهاء العمليات العسكرية الدولية في مالي، والمناطق المحيطة بها.

وأضاف أنه ومع ذلك، تسبق المناقشات حول فاعلية التدخلات في منطقة الساحل فكرة الانسحاب الأمريكي من أفغانستان. وهي تدور بالأساس في كل من فرنسا، وألمانيا، باعتبارهما من القوى الدولية الرئيسية الفاعلة في منطقة الساحل.

ففي فرنسا، يقول التقرير، تدور المناقشة حول كيفية الحد من النزعة العسكرية للبلاد في الساحل، والشكوك حول فاعلية عملية "برخان"، خلال العقد الماضي، وتخفيض قواتها بعد أحداث الانقلاب العسكري في مالي، في ماي 2021، فضلا عن مخاطر نشر عناصر قوات "فاجنر" الروسية.

ولا تتماشى الأهداف الروسية مع المصالح الأوروبية للسلام، والاستقرار، والحكم الرشيد، في منطقة الساحل؛ إذ تترقب موسكو التخفيض المحتمل للمشاركة الأوروبية لاستغلال الفرصة، والانخراط في الساحل.

وتابع التقرير أن نشر قوات "فاجنر" قد يؤدي إلى زعزعة الاستقرار الإقليمي في الساحل، خاصة أن هناك اتهامات تطال المجموعة بارتكاب انتهاكات لحقوق الإنسان في ليبيا، والسودان، وإفريقيا الوسطى.

انكشاف الجهود الإنمائية الدولية بمنطقة الساحل

اعتبر التقرير أن التصدي للعنف في المنطقة أمر ضروري لنجاح الجهود طويلة الأجل؛ مثل التعاون الإنمائي، وتعزيز حقوق الإنسان. ومع ذلك، لا تزال الأسباب الجذرية لانعدام الأمن قائمة، بما في ذلك سوء التنمية، وانتهاكات حقوق الإنسان، والفساد؛ وهو ما يعني أن العنف والعمليات الإرهابية سوف تستمر في الانتشار.

فالمزيد من المبادرات الأمنية لم تقدم شيئا، وفق نفس المصدر، بينما تنخرط بعض القوى الدولية في مجموعة واسعة من الأنشطة، بما في ذلك التعاون الإنمائي، والدبلوماسية، ومكافحة الإرهاب، وإصلاح القطاع الأمني؛ وهو ما يعني أن مستويات العنف المتزايدة في مالي والدول المجاورة تمثل مصدر قلق رئيسي لكافة الأطراف.

وأضاف أن هناك عددا من العمليات التي تهدف إلى خلق الأمن في الساحل؛ مثل عملية "برخان" الفرنسية، والقوة المشتركة لمجموعة دول الساحل الخمس، ومهام التدريب الأمني والعسكري للاتحاد الأوروبي. كما ثمة هناك تنافس قوي بين القوى الدولية في المجال الأمني، من خلال الصين، وروسيا، وتركيا، وهو ما يسهم في ازدحام الحضور الأمني في المنطقة.

إخفاق الجهود الإقليمية والدولية لمواجهة الإرهاب

أنشأت دول تشاد، ومالي، وموريتانيا، والنيجر، وبوركينافاسو، مجموعة دول الساحل الخمس للتصدي، بشكل مشترك، للتحديات الإقليمية، بما في ذلك ضعف التنمية، وانعدام الأمن. وهي تركز في الوقت الحالي، بشكل كامل، على مكافحة الإرهاب، من خلال القوة العسكرية. وفي الوقت ذاته، يقر الاتحاد الأوروبي رسميا، بأن الاستثمارات في التنمية والأمن ضرورية لتحقيق الاستقرار في الساحل، يقول تقرير ميونخ الأمني السنوي، مضيفا أنه ومنذ عام 2015، تحول تركيز الاتحاد الأوروبي من الأهداف طويلة الأجل؛ مثل تعزيز التنمية الاقتصادية، وبناء الدولة المستقرة في الساحل، إلى الأنشطة قصيرة الأجل المتعلقة بإدارة الهجرة غير الشرعية، ومكافحة الإرهاب.

وأشار إلى أن بعثة الأمم المتحدة المتكاملة متعددة الأبعاد لتحقيق الاستقرار في مالي لا تزال تواجه بعض الصعوبات في الوفاء بتعهداتها الأكثر شمولا في المنطقة؛ حيث أضحى عناصرها هدفا للهجمات الإرهابية. ومن ثمّ، فهي مشغولة بالأساس، في الدفاع عن بنيتها التحتية وأفرادها، ضد الهجمات الإرهابية، وهو ما دفعها لتبني نهج يركز أساسا، على تحقيق الاستقرار، وإدارة الأزمات، وحماية القوة؛ مما يترك موارد أقل للمهام الأساسية؛ مثل حماية المدنيين، ودعم استعادة سلطة الدولة.

وأظهرت السنوات الأخيرة من التدخل الدولي، وفق التقرير، أن التركيز المكثف على توفير الأمن أثبت عدم فاعليته في حل الأزمات بمنطقة الساحل، لافتا إلى أن القوى الفاعلة لم تول اهتماما كافيا للأسباب الجذرية للأزمات التي تعاني منها مالي، ومنطقة الساحل، معتبرا أنه من دون اعتماد نهج أكثر شمولية يضمن أيضا، تحقيق تقدم في عملية التنمية، سوف يكون من الصعب تحقيق نجاحات في مجالات حقوق الإنسان، والحكم الرشيد، واحترام سيادة القانون، والسلام الدائم.

تحول منطقة القرن الإفريقي إلى بؤرة للتوتر

أفاد التقرير بأن منطقة البحر الأحمر والقرن الإفريقي تحظى باهتمام جيوسياسي متزايد من مختلف القوى الإقليمية والدولية، ولا سيما الولايات المتحدة الأمريكية، لارتباطها بأهم طريق تجاري بحري بين الصين وأوروبا، وكونها نقطة ارتكاز رئيسية للتجارة الدولية. ومع ذلك لا تقتصر الأهمية الاستراتيجية لمنطقة البحر الأحمر، والقرن الإفريقي، على التجارة، فحسب؛ إذ تعد هذه المنطقة مركزا رئيسيّا للتنظيمات المتطرفة؛ كونها تأوي أكبر فرع لتنظيم القاعدة في الصومال، وهي حركة الشباب المجاهدين الصومالية. كما أنها نقطة انطلاق وعبور لتدفقات اللاجئين غير الشرعيين، ولا سيما من إثيوبيا، والصومال.

وتابع أن الرياح المعاكسة لجهود تحقيق الاستقرار في منطقة البحر الأحمر والقرن الإفريقي تزداد. ففي نوفمبر 2020، اندلعت الحرب الأهلية في منطقة تيجراي شمالي إثيوبيا؛ مما تسبب في تفاقم الأزمات الإنسانية على نطاق واسع. وفي الوقت نفسه، اشتدت المناوشات الحدودية بين إثيوبيا والسودان، وأدت الأحداث التي شهدتها السودان، خلال العامين الماضيين، إلى خروج التحول الديمقراطي في البلاد عن مساره، كما أن الحرب في اليمن لا تزال مستمرة، بينما تتزايد أزمة الانتخابات الرئاسية في الصومال، فضلا عن التقلبات السياسية في جنوب السودان، بالإضافة إلى النزاع المستمر بخصوص مياه نهر النيل بين مصر، والسودان، وإثيوبيا.

محدودية دور بعثات حفظ السلام بالقرن الإفريقي

كشف التقرير أن أوروبا والولايات المتحدة خصصتا موارد كبيرة لضمان السلام في المنطقة. فهناك عدد أكبر من بعثات الأمم المتحدة لحفظ السلام في القرن الإفريقي، أكثر من أي منطقة أخرى في العالم، مع كون واشنطن أكبر مانح منفرد للمنطقة من الناحية المادية.

وكانت واشنطن قد اختارت جيبوتي لقاعدتها العسكرية الدائمة الوحيدة في إفريقيا. وهي تخطط لمواصلة عمليات مكافحة الإرهاب في حقبة ما بعد أفغانستان، خاصة في اليمن، والصومال، والساحل الشرقي لإفريقيا.

كما يُعد الاتحاد الأوروبي أكبر مانح إنساني وتنموي في منطقة البحر الأحمر، وأكبر مانح لبعثة الاتحاد الإفريقي في الصومال "أميصوم". كما يدير ثلاث بعثات وعمليات مشتركة لسياسة الأمن، والدفاع في القرن الإفريقي.

وختم التقرير أن الجهود الغربية شملت تفعيل الأداة الدبلوماسية لنزع فتيل التوترات الإقليمية، وكان الهدف من ذلك، هو تحييد القرن الإفريقي عن المنافسات في منطقة الشرق الأوسط. بيد أن وجود القواعد العسكرية لعدد من القوى الفاعلة في المنطقة من شأنه أن يخلق توترات، فيما يتعلق بالسيطرة على طرق التجارة البحرية. كما لم تتم بعد، الاستجابة لدعوات الاتحاد الأوروبي وغيره، من أجل إنشاء هيكل أمني إقليمي، يمكن أن يضفي الطابع المؤسسي على إدارة الصراع في المنطقة.

تاريخ الخبر: 2022-02-24 21:18:21
المصدر: تيل كيل عربي - المغرب
التصنيف: سياسة
مستوى الصحة: 58%
الأهمية: 67%

آخر الأخبار حول العالم

أردوغان: سنكمل عملنا في سوريا بالوقت المناسب

المصدر: RT Arabic - روسيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-07 09:07:16
مستوى الصحة: 79% الأهمية: 93%

صعود أسعار الذهب من جديد

المصدر: الأيام 24 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-07 09:08:33
مستوى الصحة: 74% الأهمية: 78%

الجيش الإسرائيلي يعلن سيطرته على معبر رفح

المصدر: الأيام 24 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-07 09:08:35
مستوى الصحة: 60% الأهمية: 77%

بعد خسارة الكلاسيكو السعودي.. الهلال يسخر من الأهلي

المصدر: RT Arabic - روسيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-07 09:07:22
مستوى الصحة: 84% الأهمية: 85%

"إذا اضطررت للعراك عليك أن تضرب أولا".. كيف غير بوتين وجه روسيا؟

المصدر: RT Arabic - روسيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-07 09:07:19
مستوى الصحة: 86% الأهمية: 87%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية