يسرد الدكتور حسين عبد البصير، في كتابه الصادر حديثا عن دار دوِّن للنشر والتوزيع تحت عنوان "موجز الحياة في مصر القديمة" حقائق وتفاصيل وحكايات عن حياة المصريين القدماء وأغانيهم وغيرها.

صدر الكتاب في 255 صفحة من القطع المتوسط في ثلاثة أبواب هي "الإعجاز المصري القديم في الفكر والثقافة، الإعجاز المصري القديم في بناء المجتمع، أسرار غامضة وراء أعظم حضارات الأرض"، وكل باب من هذه الأبواب يشتمل على العديد من الموضوعات.

في الفصل الأول يناقش عبد البصير كيف أن المصريين القدماء عرفوا التدين واشار إلى ان مذهب عين شمس أو هليوبوليس مدية إله الشمس المقدسة "اونو في اللغة المصرية القديمة" ومدية الشمس في اليونانية وحاليا منطقة عين شمس والمطرية من أهم وأقدم مذاهب الخلق في الفكر الديني المصري القديم"، والذي وضعه – غالبا- كهنة إله الشمس في مدينة هليوبوليس، ويقوم هذا المذهب على إيمان المصري القديم  بأن العدم كان يسبق ظهور الإله الخالق.

ويستشهد عبد البصير بمتون الأهرام كإثبات للعديد من الرؤى حول هذا الصدد، ويتطرق لفجر الضمير وكاتبه جيمس هنري بريستد وكيف قدم ها المفكر تصورا شاملا عن الحضارة المصرية القديمة، ونشأتها وأبرز سمات هذا الحضارة عن الاخلاق والضمير، واثبت أن أن ضمير الانسانية بدأ في التشكل في مصر قبل أي بلد في العالم، ويناقش "شكاوى الفلاح الفصيح"، وهي من عيون الادب المصري القديم، قصة مصرية عن قدوم فلاح مصري قدي يدعى "خو إن- إنبو" من منطقة وادي النطرون إلى منطقة إهناسيا في بني سويف وعاش في عهد الاسرة التاسعة وكيف بدات القصة بتعثر حماره في أراضي النبيل "رنسي بن مرو" فاتهمه المشرف على الأرض بإتلاف الزروع، كما أن هناك نص "اليائي من الحياة"، وهو من نصوص مصر القديمة عبارة عن حوار أدبي ذي مغزى فكري وديني وسياسي بين يائس من الحياة وروحه، وكيف أقنعته بعدم الانتحار.

يشرح الكتاب أن المصريين لقدماء حين يتولى أحدم الحكم فإنه يتحد مع "الكا" او القرين الخاص به، وكانت تمثل الكا الملكية قوة الحياة الموروثة، وتعبر ايضا عن لروح المبدعة الخالدة للملكية المؤلهة، وكان هذا الاتحاد ذو أهمية قصوى، إذ كان يقوي من حكم الملك، ويشرج عبد البصير أنه بالفعل تم تاليه بعض الملوك في حياتهم، واستمرت عبادة الملك المؤله بعد وفاته، وكانت عبادة الملك من اهم الملامح الحضارية في مصر القديمة.

الكثير من الامور يناقشها الكتاب مثل عبادة الحيوان، وكيف أنه كان وسيطا بين الانسان المصري القديم وبي الإله الذي كان يرمز إليه هذا النوع من الحيوان، حتى في وصفها ورسمها كانت بنصف انسان وذلك لتقريب الصورة الذهنية وتم إطلاق "ارواح المعبودات" على هذه المعبودات المقدسة.

أما عن عبادة الحيوان فيقول، القداسة هنا توقر روح الحيوان وليس الحيوان ذاته، لان روح المعبود كانت تتجلى في هذا الرمز الحيواني وهذا يوضح ترفع الإله وتجرده عن الحالة المادية وتنزهه وارتفاعه إلى مرتبة عليا.

وينتقل عبد البصير لأبعاد أخرى عن تقديس الحيوان وتلك التفاصيل الدقيقة التي يكشفها في كتابه والذي يتطرق إلى مبحث مهم عن نجيب محفوظ وشادي عبد السلام وكيف برع الاثنان في الكتابة عن مصر القديمة، بل إنه وصفهم بإنهم مصريان قديمان يعيشان في العصر الحديث، ويناقش كتب محفوز وثلاثيته التاريخية، عبث الأقدار، رادوبيس، كفاح طيبة، رغم أن محفوظ كان قد قرر كتابة 40 رواية أنجز منها ثلاثة ومات الباقي.

وعن السينما يوضح المؤلف أن المصريين القدماء عرفوا فن السينما بأبعاده من خلال التصوير في العديد من المناظر المصورة على الآثار المصرية القديمةوكيفية تكوين الكادر وإدراكه لتتابع المشاهد، وكيف كونت اللوحات بانوراما مصرية لافتة، وزاية التقاط الصور التي ظهرت جلية واضحة في الكادر المرسوم وكيف عبر المصريونعن حياتهم بتصويرها بدقة وفقا لتسلسل وبناء درامي متماسك.

و كيف أن شادي عبد السلام هو ابرع من اهتموا بفن السينما لمناقشة أبعاد وحيوات المصريين القدماء وكانت روعته المومياء خير شاهد على عبقريته، وفيلمه الروائي القصير شكاوى القروي الفصيح انشودة لتمجيد العدل، من خلال فلاح رفع صوته بالشكوى للحاكم معترضا على الظلم.

وناقش عبد البصير الحب والأغاني والبرديات التي خلدت لتصف لنا مشاعر المصريينن وأيضًا الرقص وكيف كانت الليالي المصرية حافلة بالمسرات الأفراح والليالي الملاح، وكيف كان دور الرقص وأهميته في العصور القديمة.

باقي الكتاب يناقش فيها عبد البصير قضايا كثيرة عن مومياوات واسراها ومنها مومياء حتشبسوت وكيف تعرف عليها الباحثون من خلال ضرس وجد داخل صندوق احشاء الملكة، وهو الامر الذي ناقشه بالتفصيل عالم الآثار زاهي حواس في كتابه "أيام زاهي حواس" الصادر حديثا عن دار نهضة مصر.

وعن اختفاء نفرتيتي وكيف أن هناك نظريتان للمومياء الخاصة بها، والعديد من الامور التي يسهب فيها الدكتور حسين عبد البصير.

في النهاية يقدم عبد البصير العديد من الامور المتعلقة بعصر الفراعنة، وتفاصيلهم، وكانه من خلال كتابة سهلة وبسيطة دون إسهاب ينقلنا إلى هذا العصر فنعيش أبعاده المختلفة، وكتابه "موجز الحياة في مصر القديمة" هو إضافة كبيرة للمكتبة المصرية، وكيف أنه أجاب على عدة علامات استفهام معلقة في الفراغ.