تجري الأحداث على الساحة الأوكرانية بوتيرة متسارعة جراء التدخل العسكري الروسي، فلا صوت يعلو فوق لغة التهديد والوعيد المصحوب بقوة السلاح، واقع مر يرخي بظلاله مايزال حتى أضحت موجات بشرية تندفع في طوابير نزوح كبيرة، تشير بخصوصها الأرقام إلى إحصاء نصف مليون نازح أوكراني علاوة عن أعداد هائلة من الأجانب، مايقود في اتجاه احتمالية أن تغذوا أكبر موجة نزوح في القارة العجوز منذ الحربين الأولى والثانية.
وفي ظل هذا الوضع حمال الأوجه بين مكاسب نقاط جيو استراتيجية روسية على الأراضي الأوكرانية، وحاسابات ما يزال حلف الناتو يقرأ نتائجها هناك أزمة إنسانية تبغي السلام، الذي فقد على حين غرة فالمطارات ماعادت بها حركة ومحطات القطارات بها سكون قاتل بعدما حولتها النزعة البشرية الدفينة من شدة الخوف إلى ملاجىء.
بين هذا وذلك، الطلبة المغاربة كغيرهم من الجاليات في مسعى حثيث للهروب سالمين من شرارة حرب قد تبقي ولاتذر. في هذا الشأن توصل “الأيام 24″ بتسجيل صوتي لإحدى الطالبات المغربية بمدينة زابارودجي الأوكرانية، وهي تحكي بنبرة حزينة مليئة بالحسرة والغموض على مستقبلهم قد يوضع على كف عفريت كل ما ازداد الوقت وازادادت شراسة الحرب بين موسكو وكييف.
وتعتبر الطالبة أن بقية الطلبة من زملاءها المغاربة والعرب هم ضحايا هذه الحرب التي قد يتحولون إلى أذرعها البشرية، إذ يعيشون ظروف مزرية، وهم لا يعلمون ماذا هم فاعلون وأغلبيتهم لايتجاوز سنهم 23 سنة.
تقول إنه ماعاد لهم شيء يأكلونه في ظل ما اقدمت عليه البنوك الاوكرانية من تجميد للحسابات، يعني تعذر إخراج الأموال أو التوصل بها، ما وضعهم في موقف صعب مكبّلي المصير، ما دفع بهم إلأى مطالبة الحكومة المغربية باعتماد قرارات على غرار ما أبدت إياه السفارة المصرية والإسرائيلية حيث أرسلتا لمواطنيها من الطلبة حافلات تنقلهم من المدن التي يقطنون بها في اتجاه الحدود البولندية.
ولا يدرك إلى حدود اللحظة الطلبة المغاربة، سبيل الخروج من مدينة زابارودجي التي تبعد عن الحدود البولندية بأكثر من 20 ساعة علاوة عن صعوبة الطريق غير الآمنة، ” وأدعوا سلطاتنا في المغرب إلى التحرك السريع بإرسال حافلات على غرار الطلبة الآخرين لنقلنا إلى الحدود ونحن نتكفل بمصاريف التنقل”.
يذكر أن المغرب قام بإنشاء جسر جوي مباشر بين مطارات المملكة وأوكرانيا من أجل نقل الطلبة الذين يتابعون دراستهم بمختلف الجامعات والمؤسسات الأوكرانية والمقدر عددهم بما يناهز 8832 فردا.
ومكن الجسر الجوي المباشر بين المغرب وأوكرانيا من ترحيل 849 مواطن مغربي عبر خمس رحلات (الخطوط الملكية المغربية 02 – العربية للطيران 03) في حين توصل مركز النداء القنصلي بأزيد من 6000 مكالمة، 70 % منها صادرة عن جاليتنا بأوكرانيا و30 % من أفراد عائلاتهم بالمغرب.
على المستوى المركزي أنشئت خلية أزمة عهد إليها التتبع اليومي لتطور الأحداث بهذا البلد وسير عملية عودة أفراد الجالية المغربية القادمين من أوكرانيا بتنسيق مع سفارتنا بكييف. وفي هذا الشأن، تم تسخير رقمين أخضرين مجانيين ووضعهما رهن إشارة المغاربة القاطنين بأوكرانيا وكذا عائلاتهم بالمغرب.
