“لا حكر على الألم”..الكنيسة القبطية في لندن تدعو لمناصرة ضحايا التمييز الديني في العالم


بفيض من الدم سال طواعيةً من رقابهم، انتزع 21 مسيحيا بشجاعة مُدهشة يومًا من بين صفحات التاريخ، هو يوم 15 فبراير من عام 2015، وحولوه من يومٍ عابرٍ إلى يوم تسجيل أعظم وثيقة استشهاد وأقسي دليل اضطهاد في التاريخ الحديث، يوم اختار رجالٌ عزل بسطاء التنازل عن حياتهم مقابل الاحتفاظ بإيمانهم، ومدوا أعناقهم أمام قاتليهم و أصواتهم تعلو بدليل الإيمان صارخين “يا ربي يسوع” حتى لفظوا أنفاسهم الأخيرة.

ففي الدقائق الأولى من يوم 15 فبراير لعام 2015 بث تنظيم “داعش” الإرهابي، مقطع فيديو يُظهر عملية قتل وحشية لعدد 21 رجلاً مسيحيًا، منهم 20 قبطيًا و مواطنًا أفريقيًا من المرجح أنه من دولة غانا، وقد أُجبروا على ارتداء زيًا برتقاليًا ويسيرون في صف واحد على شاطئ مدينة سرت الليبية، حيث أجبرهم خاطفوهم الملثمون أن يجثون على ركبهم، ثم قام الملثمون بقطع رقابهم.

جاء ال20 عاملًا قبطيًا من قرى صعيد مصر إلى ليبيا، طلبًا لأكل العيش، واستشهدوا هم وزميلهم الغاني بإيمانٍ راسخ، رافضين أن ينكروا المسيح، بعدما تم اختطافهم من قبل أفراد تنظيم “داعش” في ليبيا. وتم إعدامهم لرفضهم التخلي عن عقيدتهم المسيحية، وأظهر الفيديو الذي تم بثه بعد نحو 40 يومًا من الاختطاف كل منهم يلفظ بثلاث كلمات أخيرة قبيل قطع رأسه، بصوت واضح وثابت قال كل منهم: “يا ربي يسوع”.

أعلنت الكنيسة القبطية ال21 شهداء للإيمان، وأمر رئيس الجمهورية،عبدالفتاح السيسي، ببناء كنيسة تحمل اسم كنيسة “شهداء الإيمان والوطن” بقرية العور، بمركز سمالوط بمحافظة المنيا، وهي مسقط رأس 14 من شهداء الإيمان. وفي سبتمبر 2017، أعلنت السلطات الليبية العثور على جثامين ال21 شهيدًا في مدينة سرت ، وبعد التنسيق مع وزارة الخارجية المصرية، وصلت جثامين ال20 قبطيًا الى مصر في مايو 2018، وتم وضعهم في مزار بُني خصيصًا لهم أسفل كنيستهم بقرية العور. وظل جثمان الشهيد الغاني “ماثيو اياريجا” في الحجر الصحي الليبي شهور طويلة، وعندما لم تتقدم أي جهة بالمطالبة به، طالب الأقباط أن ينضم لأشقائه المصريين في المزار الخاص بهم. وبالفعل وصل جثمان الشهيد ماثيو إلى مصر في 2020، وتم وضعه بجانب جثامين ال20 شهيدًا، وسط فرحة الأقباط.

وفي عام 2018، قرر المجمع المقدس للكنيسة القبطية الأرثوذكسيةاعتبار يوم 15 فبراير من كل عام عيدًا لشهداء الكنيسة في العصر الحديث.

“ريفسيمى”: “مناصرة” باللغة القبطية

تشهد الكنيسة القبطية كل عام بالداخل وبالخارج عدة مظاهر للاحتفال بعيد شهداء الكنيسة المعاصرين، وقد نظم الأنبا انجيلوس، أسقف لندن والنائب البابوي عن المملكة المتحدة، يوم 15 فبراير من هذا العام، “وبينار” تذكارًا لهذه المناسبة، بالتعاون مع مكتب “ريفسيمى” التابع للكنيسة القبطية الأرثوذكسية. أسس الأنبا انجيلوس مكتب “ريفسيمى” بلندن عام 2019، ليكون سفيرًا للمناصرة والسياسة العامة،. وقد اكتسب الأنبا انجيلوس عبر سنوات خدمته ثقة واحترام الجميع لما يبذله من عمل دؤوب خاصةً فيما يخص حقوق الإنسان والحريات الدينية، حتى أن الملكة اليزابيث الثانية ملكة انجلترا منحته عام 2015 وسام ضابط النظام الأكثر تميزًا في الامبراطورية البريطانية OBE، تقديرًا لخدماته المقدمة للحرية الدينية الدولية.

كلمة ريفسيمى باللغة القبطية وتعني “النصير”. ويقوم مكتب “ريفسيمي” بالتصدي لمجموعة واسعة من قضايا المناصرة، لا سيما القضايا المتعلقة بحرية الديانة أو العقيدة، من منظور مسيحي يأخذ في الاعتبار قداسة وكرامة الحياة البشرية، ووجود صورة الله ومثاله في كل شخص، بالإضافة إلى هبة الله للإنسان بمنحه الحق في حرية الاختيار والإيمان والعبادة. وعن اختيار اسم “ريفسيمى”، يقول الأنبا انجيلوس انه في بداية الألفية الثانية، اجتاحت مصر حملة اضطهادات ضارية، كانت تهدف للقضاء على الثقافة القبطية، وخاصةً اللغة القبطية. فإنه لشئٍ ملهمٍ ومفرحٍ، يقول الأنبا انجيلوس مؤسس ومدير “ريفسيمى”، أن يكون لدينا اليوم في القرن ال21، كيان يحمل كلمة قبطية ويكون هذا الكيان المسؤول عن مناصرة أشخاص ينتمون الى عقائد مختلفة.

أصوات غير مسموعة

نظمت “ريفسيمى” وبينار عيد الشهداء المعاصرين ” تحت شعار “لا حكر على الألم”، وذلك بهدف مناصرة جميع المضطهدين حول العالم بسبب إيمانهم على اختلاف مذاهبهم وعقائدهم، فبحسب الأنبا انجيلوس الوبينار يدعم فكرة التضامن في مناصرة المضطهدين. يقول الأنبا انجيلوس أنه فيما نتذكر شهداء ليبيا وجميع أبناء الكنيسة القبطية الأرثوذكسية الذين استشهدوا من أجل ايمانهم، نتذكر أيضًا الجماعات التي تعاني من انتهاكات للحريات الدينية والعقائدية حول العالم.

وقد شارك في الوبينار مجموعة متميزة من المتحدثين، ضمت الأنبا انجيلوس، والنائبة فيونا بروس، المبعوثة الخاصة لرئيس الوزراء االبريطاني لحرية الديانة والعقيدة، واللورد ألتون من ليفربول، وصاحب النيافة فيليب مونستيفن، أسقف ترورو، وميرفن توماس، رئيس منتدى المملكة المتحدة لحرية الديانة والعقيدة، وجاريث راسل، مؤسس ومدير “جيرسي رود” للعلاقات العامة. وقد ترأست الوبينار، ايڤلينا اوشاب، نائب مدير مكتب “ريفسيمي”.

شرح الأنبا انجيلوس معنى وسبب وأهمية هذا اللقاء، موضحًا أن تجربة الكنيسة القبطية مع الاضطهاد عبر القرون تؤهلها أن تتحدث بلسان حال جميع المضطهدين الذين يعانون حتى اليوم، أيًا كانت ديانتهم، وحتى من لا ديانة لهم. وأضاف الأنبا انجيلوس: “لهذا السبب نجتمع من أجل رفع الوعي ومناصرة أولئك الذين ليسوا في وضع يسمح لهم بالتحدث عن أنفسهم، والذين لا تُسمع أصواتهم.”

نور في الظلام

أشارت السيدة ايڤلينا اوشاب، في بداية الوبينار، الى أهمية انتهاز فرصة اللقاء لتسليط الضوء على المضطهدين من أجل إيمانهم في أي وقت وأي مكان.

ومن جانبه أشار الأنبا انجيلوس أننا اذا نظرنا لأنفسنا وآلامنا فقط، نفقد بُعد معين، ولذلك علينا أن نتخطى حدود أنفسنا وننظر الى ما هو أبعد. وأضاف الأنبا انجيلوس أنه بينما شاهد ولمس الجميع شجاعة وبسالة ال21 شهيد، هناك من يتألمون في صمت ويتم اضطهادهم حول العالم بسبب ايمانهم، منهم من ينتمون للمسيحية أو اليهودية أو الأويغور أوالروهينجا أوالهزارة. وأوضح الأنبا انجيلوس أن الوبينار سيقدم الفرصة لبعض ضحايا الاضطهاد من الأويغور والايزيديين والهزارة ليشاركوا قصص آلامهم. وبكلمات مؤثرة قال الأنبا انجيلوس في انطلاق الوبينار: “اذا استطعنا أن نقف ونعمل معًا الليلة… قد نصبح نورًا في الظلام لمن هم حولنا.”

خلال اللقاء ألقى الأسقف كريستوفر شيسون، من الكنيسة الأسقفية، كلمة بالنيابة عن كبير أساقفة كانتربري، جاستن ويلبي، جاء فيها ان آلام ال21 شهيدًا تشهد لمحبة المسيح الغامرة، التي غيرت حياتنا من خلال آلامه على الصليب وتضحيته الكبيرة. وأشار كبير الأساقفة في كلمته أن المحبة تُعطى مجانًا، لذلك يجب أن يتمتع من يقدمها بالحرية، والا يتسبب في معاناة كبيرة للكثيرين، مضيفًا أن الشهداء أثبتوا لنا أنه عندما تسلب مننا الحرية فإن محبة المسيح تدوم وتنتصر.

دم الشهداء: نواة الكنيسة

ثم ألقى الأسقف كريستوفر كلمته الشخصية متحدثًا عن زيارته لمصر منذ ثلاث سنوات مع الأنبا انجيلوس. تأثر الأسقف كريستوفر بهذه الرحلة، لا سيما عندما أخبرهم الأنبا انجيلوس ان الشهادة والرهبنة هما ركيزتي الكنيسة القبطية، “وبالفعل رأينا ولمسنا ذلك خلال زيارتنا” قال الأسقف كريستوفر، مشيرًا الى ما لمسه من تلمذة متجذرة في التعبد والصلاة داخل الأديرة القبطية التي زارها في مصر. وأشار الأسقف كريستوفر خلال كلمته للوبينار، الى التفجيرات الانتحارية التي شهدتها القاهرة والإسكندرية في عامي 2016 و2017، وقال إن التفجيرات أسفرت عن استشهاد 46 شخصًا من بينهم 7 من رجال ونساء الشرطة من المسلمين، بالإضافة للطفلة الصغيرة لوسيندا. وعلق الأسقف أنه لا عجب ان كثيرا من الأقباط أطلقوا اسم لوسيندا بعد ذلك على مولوداتهم من البنات. وأضاف الأسقف كريستوفر ان قصص شهداء الكنيسة القبطية أثرت فيه بشكل كبير، خاصةً إصرارهم على رفض إنكار مخلصنا أمام تحديات القوى الأخرى التي من شأنها تعزيز الحياة الدنيوية نفسها بدلًا من أن تستمر الحياة من خلال مخلصنا.

وأكد الأسقف كريستوفر انه بالرغم من أن المملكة المتحدة لا تعيش مثل تلك الآلام، ولكن علينا أن نناصر ونساند الآخرين الذين يتم عرقلتهم بسبب إيمانهم أو تجاهل احتياجهم أو تهديدهم أو أحيانًا قتلهم… علينا أن نساند كل من يتم اضطهادهم بسبب إيمانهم. واختتم الأسقف كريستوفر كلمته مؤكدًا ان دم الشهداء هو نواة الكنيسة، لا نسعى له، ولكن نكرمه، نصلي ونسعى نحو عالم خالي من الاستشهاد.

نغفر … لكن لا ننسى

بدأ لورد ألتون كلمته مستدعيًا المقولة الشهيرة “اغفر وانسى”، مؤكدًا انه لا يتفق معها بشكل كامل. اتفق االلورد التون مع فكرة الغفران، ولكن ليس النسيان، مضيفًا “ان الذكرى هي التي تجمعنا في هذا اليوم، لكي نتذكر ال21 شهيدًا او أى ال21 قديسًا الذين استشهدوا بوحشية على يد تنظيم داعش”.

قال اللورد ألتون أن بلدته ليفربول هي موطن فريق البيتلز الشهير، أصحاب أغنية All You Need is Love أي “كل ما تحتاج اليه هو الحب”. ووصف اللورد التون تلك الكلمات بالمصل المضاد للكراهية التي جسدها الملثمون على شاطئٍ في ليبيا، عندما اختاروا أن يخفوا هويتهم ويعدمون مجموعة من الرجال تركوا وطنهم سعيًا وراء الرزق لمساعدة ذويهم في مصر.

وأشار لورد ألتون الى مفارقة لطيفة، فان العالم احتفل في يوم 14 فبراير، اليوم السابق لانعقاد الوبينار، بعيد الحب أو عيد الفالنتين، نسبةً لإسم القديس الذي اتُخذ عبر السنوات كرمز للحب في العالم أجمع، هو أيضًا شهيد مسيحي استشهد عام 270 ميلادية على يد الإمبراطور كلوديوس في زمن اضطهاد المسيحيين. “أن دم الشهداء يصرخ عبر الأزمنة”، قال اللورد ألتون بحرارة.

وأضاف اللورد في كلمته، أنه قام مؤخرًا بزيارات لمصر مهد الحضارة، والعراق مهد الأديان، وخلال تلك الزيارات التقى ببعض أعضاء الكنائس المصرية والعراقية العريقة، وقال إن إيمانهم العميق ومحبتهم الرقيقة وكرامتهم الاستثنائية تمثل أقوى تنديد لأولئك الذين يستحلون اضطهادهم وتنجيسهم واختطافهم واغتصابهم وحتى قتلهم. وأوضح اللورد التون ان هناك مسلمين أيضًا مثل الأويغور والروهينجا، يقعون ضحايا لأيديولوجيات الكراهية التي قد تستهدف أيضًا من ينتمون لديانات أخرى، أو لا ينتمون لأي ديانة.

ماثيو: جرس إنذار

وعن الشهيد ماثيو أياجيرا قال اللورد التون: “كلما فكرت في أحداث ذلك اليوم في 2015 على هذا الشاطئ الدموي بليبيا، أجدني أفكر في الأفريقي ماثيو ، الذي ربما جاء من غانا. أن قرار ماثيو بالبقاء مع اخواته المصريين هو قمة المشاركة الإنسانية، ومثال للتضامن والتضحية والمحبة. عندما أخبره الجهاديون أنهم سيطلقون سراحه اذا أنكر يسوع المسيح، أبى أن يفعل ذلك، وجاوبهم ’الههم هو الهي’”.

واستطرد اللورد التون قائلًا: “من خلال فعل المحبة والتضامن هذا، أثبت ماثيو استعداده للتضحية بحريته وبحياته أيضًا، عوضًا عن أن يهجر أخواته الأقباط. فليوقظنا فعل ماثيو من سباتنا أمام اضطهاد 250 مليون مسيحيًا حول العالم. وليدفعنا تصرفه المملوء بالمحبة والتضامن أن نخجل من أنفسنا بسبب ردود أفعالنا الفاترة—التي قد تكون بسبب مصالح أو اعتبارات سياسية أو تنظيمية أو تجارية—في مواجهة التمييز الذي تتعرض له بعض الجماعات الدينية أو العرقية حول العالم. في كثير من الأحيان يتحول هذا التمييز الى اضطهاد ثم الى جرائم ضد الانسانية، حتى يصل لأبشع الجرائم وهي الإبادة الجماعية.”

واختتم اللورد ألتون كلمته التي كانت بمثابة جرس إنذار للإنسانية مشجعًا الجميع أن يتحلوا ببسالة ماثيو البطولية التي تجلت في تضامنه مع أقرانه المصريين على شاطئ الموت بليبيا في 2015.

يا رب لا ترفع عنا الاضطهاد

أشاد أسقف ترورو فيليب مونستيفن باحتفال الكنيسة السنوي بذكرى ال21 شهيدًاا، تكريمًا للجمع الهائل من ضحايا الاضطهاد حول العالم. أوضح الأسقف فيليب مستنكرًا أن 83 % من سكان العالم يعيشون بمناطق تتراوح بها القيود على الحريات الدينية من مرتفعة الى شديدة الارتفاع، وأضاف أن 80 % من نسبة الاضطهاد حول العالم موجهة ضد المسيحيين، معلقًا ان للأسف هذه النسبة في زيادة مستمرة. بالرغم من ذلك، سجل الأسقف فيليب أن هناك ارادة سياسية جديدة للتصدي للاضطهاد. وفي هذا السياق، ناشد كل من الحكومة والكنيسة البريطانية الدفاع عن الحريات الدينية والعقائدية.

وعلى صعيدٍ آخر ومن الناحية الروحية أكد الأسقف فيليب أن الاضطهاد ليس جديدا على كنيسة الله، وأشار الى مقولة القديس يوحنا الحبيب عندما كان فى المنفى بسبب ايمانه، قال القديس يوحنا: “أنا يوحنا أخوكم وشريككم في الضيقة وفي ملكوت يسوع المسيح”. وذكر الأسقف فيليب موقف شهده مؤخرًا وقت انعقاد اجتماع سينودس كنيسة انجلترا، فقد قال أحد المتحدثين أنه يصلي من أجل انتهاء الاضطهاد في الشرق الأوسط. فاندفع أحد الحضور من سكان الشرق الأوسط ردًا: “لا يا رب! في الغرب حيث لا اضطهاد، هناك فقر في الفرح وفي محبة الرب يسوع، فإن كان رفع الاضطهاد يعنى ان نعيش نحن ايضا هذا الفقر في المحبة والفرح اذا أرجوك يا رب لا ترفعه.”

تشجيع… وشهادات حية

ثم جاء دور النائبة فيونا بروس المبعوثة الخاصة لرئيس الوزراء البريطاني لحرية الديانة والعقيدة، قالت السيدة فيونا اننا اذ نتذكر اليوم ال21 شهيدًا، ندين لهم ولأسرهم أن نسعى لكي لا تتكرر أحداث مثل هذه بعد اليوم، معربة عن أسفها لاستمرار تلك الأعمال الوحشية في كثير من بقاع العالم. في الوقت نفسه، أشارت السيدة فيونا للجهود الجمة المبذولة على المستوى الجماعي و الفردي والمؤسسي وحتى الدولي للتصدي لتلك الانتهاكات. أشادت السيدة فيونا بجهود المملكة المتحدة في هذا الصدد، موضحة أن المجموعة البرلمانية البريطانية المختصة بالحريات الدينية والعقائدية باتت من أكبر وأنشط المجموعات التى تخطى الانتماء الحزبي في بريطانيا. وأكدت النائبة أن تلك التجربة من شأنها أن تحفز مجموعات أخرى من بلدان مختلفة على العمل على القضية.

تلا خطاب السيدة فيونا مجموعة مؤثرة من المشاركات الحية، والتي سلطت الضوء على معاناة مجموعات دينية وعرقية مختلفة مثل الهزارة الشيعة في افغانستان، والإيزيديين في العراق و الإيغور في الصين.

تكلم كما يقول الكتاب

تحدث بعد ذلك السيد ميرفن توماس رئيس منتدى المملكة المتحدة لحرية الديانة والعقيدة، مشددًا على أن مجرد الوعي بقضية الاضطهاد الديني ليس كافيًا، وموضحًا أهمية إشراك الحكومة والمجتمع المدني والرأي العام الدولي في جهود مؤازرة حرية الدين والعقيدة. قال السيد ميرفن: “اذا كنا نريد أن نصل الى حرية الديانة، فعلينا أن ننتقل من مرحلة الوعي إلى مرحلة العمل”. ثم تحدث عن تجربته مع صديقه البرلماني الراحل ديفيد اتكينسون عندما أسسا معًا عام 1979 مجموعة عمل لمناصرة المضطهدين دينيًا في شرق أوروبا. “بعد مرور 10 سنوات على انشاء مجموعتنا، وبسقوط الشيوعية تساءلنا أنا وصديقي ديفيد اذا كان لا يزال هناك احتياج لعمل مجموعة العمل التي كوناها، ولكن سرعان ما اكتشفنا أن المسيحيين يتعرضون للاضطهاد في مناطق عديدة حول العالم.” واستطرد السيد ميرفن انه في 2002 عندما رأى بعينيه اضطهاد الروهينجا ببورما، وجد نفسه يتساءل ما اذا كان عليه أن يناصر المضطهدين جميعًا يلتزم فقط بمناصرة المسيحيين المضطهدين. قال السيد ميرفن “ووجدت الإجابة فى الإنجيل في سفر الأمثال، ’تحدث عن أولئك الذين لا يستطيعون التحدث عن أنفسهم ، من أجل حقوق جميع المعوزين’، وأيضا في مثل السامري الصالح الوارد فى انجيل لوقا على لسان السيد المسيح عندما رد على سؤال ’من هو قريبك’”.

الإعلام

وأخيرًا أخذ الكلمة جاريث راسل ، مؤسس ومدير جيرسي رود للعلاقات العامة، بدأ السيد جاريث كلمته بملاحظة أن العالم مقسم بين مقدس وعلماني، يسار ويمين، متحفظ ومتحرر، شرق وغرب. تتجلى الانقسامات بشكل أكبر من خلال عالم الأونلاين الافتراضي، لأن الكل يتمسك بكينونته ولا يتعرض دون للآخر. قال السيد جاريث انه في الواقع مبادئ الفردية، وما بعد الحداثة، والعلمانية، كلها قد ثبت فشلها واستمر العالم يبحث عن قضية مختلفة تكشف له معنى وقيمة الحياة والهدف منها، وتربط الإنسان بشئٍ آخر أكبر من نفسه. وشدد السيد جاريث على الاحتياج المتزايد وغير المسبوق لرسالة الأديان في الوقت الحالي، بينما يتم تهميش الدين بشكلٍ أكبر يوم بعد يوم.

على صعيدٍ آخر، أوضح السيد جاريث، أن الجماعات الدينية تتقاعس عن التحدث بانفتاح عن إيمانها بسبب مخاوفها من أن يتم الاستهزاء بها أو اضطهادها. قائلًا: “من خلال شركة العلاقات العامة التي أمثلها، نقوم بصياغة قصص للأعمال الجليلة والخدمات التي تقدمها جماعات الإيمان لكي نبعث الأمل في الآخرين.” ودعا السيد جاريث للتعاون بين الإعلام والكيانات الدينية، خاصةً في ظل افتقار الإعلام لبعض المعلومات الأساسية عن الأديان. ومن ناحية أخرى، أشار السيد جاريث، أنه لسنوات طويلة اعتبرت الجماعات الدينية الإعلام عدو لها. اذًا هناك احتياج لتعاون متبادل، فإذا تناول الإعلام قصص الاضطهاد، ستؤثر قطعًا في العامة خاصةً اذا تم تناولها من زاوية كشف الظلم والشر والمطالبة بتطبيق العدالة.

وأشار السيد جاريث لتفصيلة بسيطة ولكن مهمة وتدعو للتأمل عندما قال أن الفيديو الذي عرضه تنظيم داعش في فبراير 2015 لمقتل شهداء ليبيا، كان الغرض منه إثارة خوف المؤمنين حول العالم. ولكن على العكس، فقد أصبح مثال لامع لقوة الإيمان.

أمل ونور للكثيرين

وفي نهاية اللقاء المثمر، تقدم الأنبا انجيلوس بالشكر لكل المشاركين في الوبينار وللداعمين والناشطين في مجال الحريات الدينية والعقائدية. قال الأنبا انجيلوس: “هناك الكثير من العمل في انتظارنا، وهناك الكثير من الألم حولنا، ولكن ليس هناك حكر على الألم، نستطيع أن نقول ونفعل الكثير، وعندما نعمل معًا نأتي بالمزيد من الأمل والنور لحياة من هم حولنا.” وانتهى اللقاء بعرض أسماء ال21 شهيد الذين استشهدوا من أجل المسيح في 2015، والذين بشهادتهم تسببوا في نقطة تحول جمعت العالم على قلب رجل واحد.

 

تاريخ الخبر: 2022-03-02 12:21:11
المصدر: وطنى - مصر
التصنيف: غير مصنف
مستوى الصحة: 58%
الأهمية: 56%

آخر الأخبار حول العالم

قالمة: 45 رخصـة استغـلال واستكشـاف للثـروة المنجميـة

المصدر: جريدة النصر - الجزائر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-04-29 03:24:16
مستوى الصحة: 48% الأهمية: 59%

تبسة: اتفاقية للتقليل من تأثيرات منجم الفوسفـات ببئر العاتـر

المصدر: جريدة النصر - الجزائر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-04-29 03:24:18
مستوى الصحة: 55% الأهمية: 53%

إبادة جماعية على الطريقة اليهودية

المصدر: RT Arabic - روسيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-04-29 06:06:57
مستوى الصحة: 75% الأهمية: 92%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية