قالت موسكو الأربعاء إنها سيطرت على مدينة خيرسون التي يقطنها نحو ربع مليون نسمة على الجبهة الجنوبية، لتصبح بذلك أول مدينة أوكرانية كبيرة يسيطر عليها الروس منذ شنّ هجومهم قبل 7 أيام.

في المقابل نفى أوليكسي أريستوفيتش مستشار الرئيس الأوكراني الأربعاء، سيطرة روسيا على خيرسون، وأكّد أن القتال يتواصل في العاصمة الإقليمية التي تقع عند مصبّ نهر دنيبر في البحر الأسود.

وقال أريستوفيتش في إحاطة بُثّت مباشرة على الموقع الإلكتروني لمكتب الرئيس، إن "المدينة لم تسقط، ونحن مستمرون في الدفاع"، مضيفاً: "المعلومات بشأن سقوط خيرسون ليست صحيحة، إذ يواصل جيشنا والمدافعون المحليون المقاومة داخل المدينة وحولها".

وقال حاكم المنطقة إن المدينة حوصرت ليلاً تحت وطأة إطلاق النار، في حين نهبت القوات الروسية المتاجر والصيدليات.

وفي الجنوب أيضاً كثّفَت روسيا الضغط على ميناء ماريوبول الذي تقول إنها حاصرته في حلقة محيطة بساحل بحر آزوف بأكمله. وقال رئيس بلدية المدينة إنها تعرضت لقصف مكثَّف منذ وقت متأخر مساء الثلاثاء، مضيفاً أنهم لا يستطيعون إجلاء المصابين.

مفاوضات وسط نتائج عسكرية مخيّبة

لكن على الجبهتين الرئيسيتين الأُخرَيَين في الشرق والشمال لم تحرز روسيا تقدُّماً يُذكر مع استمرار صمود كييف وخاركيف، أكبر مدينتين في أوكرانيا، في مواجهة قصف يستعر.

ومع فشل روسيا في تحقيق هدفها بالإطاحة بالحكومة الأوكرانية بعد نحو أسبوع من بدء الغزو، يساور القلق البلدان الغربية من تحوُّل موسكو الآن إلى تكتيكات جديدة أكثر عنفاً لشقّ طريقها إلى داخل المدن التي كانت تتوقع السيطرة عليها بسهولة.

واستهدف القصف الأعنف مدينة خاركيف التي يقطنها 1.5 مليون شخص في شرق البلاد، مما أسفر عن تحوُّل وسطها إلى أنقاض ومبانٍ مهدمة.

وقالت السلطات إن 21 شخصاً قُتلوا في القصف والضربات الجوية على المدينة في الساعات الأربع والعشرين الماضية، فيما قُتل أربعة صباح الأربعاء.

على صعيدٍ مُوازٍ قالت روسيا إنها أرسلت مندوبين للمشاركة في ثاني جولة لمحادثات السلام مع أوكرانيا في روسيا البيضاء قرب الحدود، لكن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي ذكر أنه يتعين على روسيا وقف قصف المدن الأوكرانية إذا كانت تريد التفاوض من أجل السلام.

وفي كييف العاصمة التي يبلغ عدد سكانها ثلاثة ملايين نسمة حيث يحتمي السكان ليلاً بمحطات مترو الأنفاق، فجّرت روسيا برج الإرسال التليفزيوني الرئيسي قرب نصب تذكاري للمحرقة الثلاثاء، مما أسفر عن مقتل بعض المارة.

وقال زيلينسكي وهو يطلع المواطنين على أحدث المستجدات، إن الهجوم أثبت أن الروس "لا يعرفون شيئاً عن كييف، عن تاريخنا. لكن لديهم جميعاً أوامر بمحو تاريخنا، ومحو بلدنا، ومحونا جميعاً".

وفي وقت سابق قال زيلينسكي الذي بدا عليه التعب ولم يكُن حليق الذقن، في مجمع حكومي شديد الحراسة خلال مقابلة مع رويترز وCNN، إن القصف يجب أن يتوقف لإجراء محادثات لإنهاء الحرب.

وأضاف: "من الضروري على الأقل الكفّ عن قصف الناس، فقط قِفُوا القصف ثم اجلسوا إلى طاولة المفاوضات".

"جرائم حرب"

من جهته قال رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون الأربعاء إنه يعتقد أن أعمال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في أوكرانيا تُعتبر بالفعل جرائم حرب.

وقال مكتب المدعي العام في المحكمة الجنائية الدولية الاثنين، إنه سيسعى للحصول على موافقة المحكمة لفتح تحقيق في جرائم حرب مزعومة في أوكرانيا.

وقال جونسون أمام البرلمان: "ما رأيناه بالفعل من نظام فلاديمير بوتين في استخدامه للذخائر التي يلقونها على مدنيين أبرياء... يُعتبر في رأيي جريمة حرب مكتملة الأركان بالفعل".

وتوقّف التقدم الرئيسي الذي حققته روسيا في العاصمة، من خلال رتل مدرعات ضخم امتدّ لعدة كيلومترات على طول الطريق المؤدي إلى كييف، إلى حد كبير منذ عدة أيام. وأشار مسؤول دفاعي أمريكي كبير الثلاثاء، إلى مشكلات لوجستية من بينها نقص الغذاء والوقود وعلامات على تدنّي الروح المعنوية بين القوات الروسية.

وقالت وزارة الدفاع البريطانية في تحديث استخباراتي صباح الأربعاء، إنه "بينما وردت أنباء عن تقدُّم القوات الروسية إلى وسط خيرسون في الجنوب فإن المكاسب الإجمالية عبر المحاور كانت محدودة في الساعات الأربع والعشرين الماضية".

وأضافت: "ربما يرجع ذلك إلى مجموعة من الصعوبات اللوجستية والمقاومة الأوكرانية الشرسة".

أكثر من 874 ألف لاجئ

وعلى الصعيد الإنساني أعلنت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، أن أكثر من 874 ألف لاجئ أوكراني عبروا إلى البلدان المجاورة منذ بداية التدخُّل الروسي في بلادهم وحتى مساء الثلاثاء.

وأضافت في بيان لها الأربعاء، أن 51.9% من اللاجئين الأوكرانيين عبروا إلى بولندا.

وإلى جانب بولندا تَوجَّه اللاجئون الأوكرانيون إلى كل من المجر ومولدوفا وسلوفاكيا ورومانيا وروسيا وبيلاروسيا وغيرها من الدول الأوروبية، حسب البيان الأممي.

وحذّر البيان من نزوح قرابة 4 ملايين مدني من أوكرانيا حال تصاعد وتيرة الأحداث هناك.

وبدأت روسيا فجر 24 فبراير/شباط الماضي، هجوماً واسعاً على أوكرانيا، تبعته ردود فعل دولية غاضبة وفرض عقوبات اقتصادية ومالية "مشددة" على موسكو.

TRT عربي - وكالات