تسعى الحكومات الغربية منذ إعلان روسيا حربها على أوكرانيا، لعزل البلاد ورئيسها فلاديمير بوتين دبلوماسياً، ضغطاً عليه لوضع السلاح والعودة إلى طاولة المفاوضات، عزل بلغ حدّ تهديد بريطانيا والولايات المتحدة بتجريد موسكو من عضويتها الدائمة في مجلس الأمن.

فيما تُعَدّ هذه التهديدات، إن طُبّقت، تحولاً جذرياً في العلاقات الدولية والإطار القانوني للأمم المتحدة. وتطرح أسئلة كثيرة حول إذا ما توافر هذا الإطار على آلية لتجريد بلاد من عضويتها الدائمة بمجلس الأمن، وحول مدى إمكانية تنفيذ تلك التهديدات.

تهديدات بطرد روسيا من الأمم المتحدة

استمراراً في مساعيه للضغط على بوتين من أجل رفع يده عن أوكرانيا ووقف الحرب، ولتكريس عزل موسكو دبلوماسياً، هدّد الغرب بتجريد روسيا من عضويتها الدائمة في مجلس الأمن، إذ صرّح الناطق باسم رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون يوم الثلاثاء، بأن الحكومة البريطانية منفتحة على طرد روسيا من مجلس الأمن الدولي، وهي من الأعضاء الدائمين فيه، إثر غزوها لأوكرانيا.

وقال المتحدث باسم جونسون إن "رئيس الوزراء لم يتخذ موقفاً من ذلك بعد، لكن يمكننا القول إننا نريد عزل روسيا دبلوماسياً، وسندرس كل الخيارات التي تُفضِي إلى ذلك".

وفي مساعٍ مماثلة، اقترح وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن طرد روسيا من عضوية مجلس حقوق الإنسان، وقال في كلمة ألقاها عبر تقنية الفيديو أمام المجلس: "يمكننا بشكل عقلاني أن نتساءل عما إذا كان ينبغي السماح لدولة عضو في الأمم المتحدة بمحاولة الاستيلاء على دولة عضو أخرى، فيما ترتكب انتهاكات مروعة لحقوق الإنسان، وتتسبب في معاناة إنسانية هائلة، بالبقاء في هذا المجلس".

وندّد الأمين العام للأمم المتحدة أنتونيو غوتيريش في وقت سابق، بالهجوم الروسي على أوكرانيا، معتبراً إياه خرقاً لميثاق الأمم المتحدة. وقال غوتيريش إن "العملية العسكرية الروسية خاطئة ومخالفة للميثاق وغير مقبولة"، وناشد بوتين مرة أخرى وقف العملية وإعادة القوات إلى روسيا.

هل يمكن تجريد روسيا من عضوية مجلس الأمن؟

ليس في الإطار القانوني للأمم المتحدة آلية يمكن من خلالها تجريد أي دولة من عضويتها في مجلس الأمن، مهما كانت طبيعة تلك العضوية، دائمة أو مؤقتة، وبالتالي، من أجل المضي قدماً في تنفيذ تلك التهديدات البريطانية والأمريكية، يجب تغيير الإطار القانوني للمجلس بأكمله، أي ميثاق الأمم المتحدة.

وينص ميثاق الأمم المتحدة على أن تغيير مقترح في نص الميثاق يجب التصديق عليه خلال جمع عامّ، ويصوَّت عليه بالموافقة بأغلبية ثلثَي المؤتمرين، وبموافقة جميع الدول المتمتعة بالعضوية الدائمة في مجلس الأمن. الأمر الذي يجعل تلك التهديدات قابلة للتحقق فقط إذا صوّتت روسيا ضدّ نفسها.

لكن يروم تحركٌ الطعن على عضوية روسيا، التي تسلّمَت مقعدها الدائم في مجلس الأمن مكان الاتحاد السوفييتي المنحلّ، بتفويض من الدول الاشتراكية المستقلّة عنه. وقتها وجّه الرئيس الروسي بوريس ييلتسن رسالة إلى الأمين العامّ للأمم المتحدة مفادها أنه "سيتابع الاتحاد الروسي عضوية اتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفييتية في الأمم المتحدة، بما في ذلك مجلس الأمن وجميع الأجهزة والمنظمات التابعة للأمم المتحدة بدعم من بلدان الرابطة في الدول المستقلة".

وخلال اجتماع ليلة الأربعاء طلب السفير الأوكراني لدى الأمم المتحدة سيرجي كيسليتسيا، من غوتيرش أن يوزّع على مجلس الأمن المذكرات القانونية التي كتبها المستشار القانوني للأمم المتحدة بتاريخ 19 ديسمبر/كانون الأول 1991، والتي تسمح للاتحاد الروسي بالانضمام إلى مجلس الأمن خلفاً للاتحاد السوفييتي، في إشارة إلى وجود مساعٍ للطعن عليها.

TRT عربي