أزمة روسيا-أوكرانيا..السياسة المغربية الخارجية “نأي بالنفس” والحفاظ على “مسافة الأمان”


ما تزال الحرب في أوكرانيا التي تشنها القوات الروسية تثير المخاوف والقلق الدولي من الاستمرار فيها، ومن ثم الدخول في حرب مدمرة تنتج عنها كارثة إنسانية تعيد إلى الأذهان ما خلفته الحربين العالميتين الأولى والثانية، بيد أن هذه المرة ستكون أكثر ضراوة. “وضع خطير” استدعى تصويت بالجمعية العامة للأمم المتحدة بالأغلبية الساحقة لقرار يدين الغزو الروسي لأوكرانيا، بل تعداه إلى مطالبة روسيا بإنهاء عدوانها فورا.

 

ومن إجمالي 193 دولة عضو بالأمم المتحدة، صوتت لصالح القرار أغلبية 141 دولة فيما عارضته 5 دول وامتنعت 35 دولة. والمغرب من بين الدول التي اختارت عدم المشاركة في التصويت، ما فتح الباب أمام طرح تساؤلات حول دوافع الرباط عدم المشاركة في التصويت؟ وما أبعاد ذلك استراتيجيا لاسيما على المستوى السياسي والاقتصادي؟.

 

قرار..بمصالح

 

وعن اختيار المغرب عدم التصويت، يقول محمد يحيى أستاذ القانون العام، أن الرباط اختارت النأي بنفسها عن أي اصطفافات أو مصالح بعينها، “ولنا في التاريخ القريب عبرة من الأزمة الخليجية حينما اختار المغرب موقف الحياد ورأينا كيف عادة الأمور إلى سياقها الطبيعي بين العواصم الخليجية”، وبالتالي المغرب حافظ على مسافة الاعتبار والاحترام الواجبين في القرارات السيادية للدول.

 

وفي حديثه لـ”لأيام 24″ يضيف المتحدث أن موقف المغرب من الأزمة الأوكرانية واضح لا لبس فيه، فقد سبق للملكة أن عبرت عبر بلاغ لوزارة الخارجية عن دعمها للوحدة الترابية والوحدة الوطنية لجميع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة وعدم استخدام القوة لتسوية الخلافات بين الدول.

 

الاصطفاف مع أي طرف لا يخدم بحسب المحلل السياسي، المصالح العليا للمغرب، إذ يعني مباشر خسارة حليف سواء بالنسبة للغرب بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية والدول الأوروبية أو روسيا التي ما فتئت هي الاخرى تمتنع عن التصويت حينما يتعلق الأمر بقضية الصحراء المغربية”. فروسيا هي عضو دائم في الأمم المتحدة وبالتالي “علينا عدم معاداتها وفي نفس الوقت عدم دعمها في حربها”.

 

تداعيات الأزمة ليست مرتبطة فقط بطبيعة المصالح التي تربط الدول بأطراف الصراع الروسي الأوكراني، ومعها واشنطن وبروكسل، وإنما هي مصالح مشتركة بحكم التفاعل والتغير في العلاقات نظير الطبيعة المستجدة والتطورات لأدوات التأثير في العلاقات الدولية. يضيف المتحدث.

 

ملفات استراتيجية

بين روسيا والمغرب نقلة نوعية على المستوى الاقتصادي خاصة في العشر سنوات الماضية، فرغم الفتور الذي شهدته العلاقات بين البلدين، بحكم ظروف الحرب الباردة والتكتلات التي فرضتها، وسخونة العلاقات بين روسيا السوفياتية والجزائر؛ فإن العلاقات في حدها الأدنى ظلت محافظة على نوع من التوازن.

 

ووفق المحلل الاقتصادي، المهدي السعيدي، فإن الزيارة التي قام بها الملك محمد السادس في 2002 إلى موسكو، والتي توجت بالتوقيع على اتفاقية شراكة إستراتيجية؛ أحدث نقلة مهمة في العلاقات بين البلدين على المستوى الاقتصادي والتطور الأكبر في العلاقات، ثم جاءت زيارة الرئيس الحالي فلاديمير بوتين للدار البيضاء في شتنبر 2006 لتؤكد هذا المنحى التصاعدي في العلاقات الثنائية.

 

ولتعزيز هذه الشراكة الاستراتيجية، يضيف المتحدث في اتصال مع “الأيام 24” أتت الزيارة الثانية للملك محمد السادس إلى روسيا في  مارس 2016، حيث تم التوقيع على الشراكة إبّان الزيارة الأولى، حيث يسعى كلا الطرفين لمواكبة التحولات الجيوسياسية وتحقيق مكاسب غير خافية في الظرفية التي يمرّ بها البلدان.

 

وشهدت المبادلات التجارية بين البلدين تطورا كبيرا، حيث تضاعفت 12 مرة بين سنتي 2001 و2010، لتنتقل من نحو مئتي مليون دولار إلى أكثر من 2.5 مليار دولار سنويا؛ مما جعل المغرب شريكا تجاريا كبيرا لروسيا في أفريقيا والعالم العربي.

 

فروسيا تدرك الأهمية الاستراتيجية للمغرب كبوابة إفريقية ومعبر رئيسي للواردات الأوروبية، والعكس صحيح بالنسبة لروسيا، ووفق المحلل الاقتصادي، فالمغرب استفاد من توتر العلاقات بين موسكو وأنقرة في فترة زمنية ليعزز موقعه الاقتصادي داخل السوق الروسي، ومعلوم أن موسكو تعد أكبر مصدري الغاز والنفط في العالم ما يضعها ضمن مصادر الطاقة العالمية.

 

العلاقات الأوكرانية المغربية..احصائيات معتبرة

 

ويسجل المحلل الاقتصادي انتعاش تصاعدي في العلاقات التجارية بين المغرب وأوكرانيا،على اعتبار أن  الواردات المغربية من السلع الأوكرانية تعرف بدورها ارتفاع سنويا هاما، حيث انتقلت من 321 مليون دولار في سنة 2018 إلى 351 مليون دولار في 2019، في حين بلغت في سنة 2020 إلى أكثر من 437 مليون دولار.

 

ولا تشمل الواردات المغربية من السلع الأوكرانية القمح اللين فقط، يقول المتحدث، بالرغم من أنه يتصدر حجم الاستيراد المغربي من هذا البلد الشرق أوروبي، فبالنسبة لإحصائيات سنة 2020 التي تُعتبر هي الإحصائيات المتوفرة حاليا، فإن مخلفات الصناعات الغذائية وأعلاف الحيوانات تأتي في المرتبة الثانية بقيمة تتجاوز 71 مليون دولار.

 

ويستورد المغرب العديد من السلع المصنعة المتنوعة، والدهون والزيوت الحيوانية والنباتيية بقيمة تتجاوز 20 مليون دولار، إضافة إلى الحديد والصلب والتبغ بقيمة تفوق 16 مليون دولار، في حين تتوزع السلع الأخرى بقيم مالية مختلف تتراوح بين الآلاف وأقل من 5 ملايين دولار.

 

وتشير الإحصائيات أن العلاقات التجارية بين المغرب وأوكرانيا بدأت تكتسي طابع الأهمية في السنوات الأخيرة، كما أن أوكرانيا كانت تدرس في الفترة الأخيرة توقيع اتفاق التبادل التجاري الحر مع المملكة المغربية، وبالتالي فإن الأزمة الحالية من المتوقع أن يكون لها تداعيات سلبية على العلاقات التجارية بين الرباط وكييف.

 

 

تاريخ الخبر: 2022-03-03 12:17:47
المصدر: الأيام 24 - المغرب
التصنيف: سياسة
مستوى الصحة: 72%
الأهمية: 74%

آخر الأخبار حول العالم

36 رياضيا في فريق اللاجئين بأولمبياد باريس

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-02 21:26:19
مستوى الصحة: 60% الأهمية: 54%

36 رياضيا في فريق اللاجئين بأولمبياد باريس

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-02 21:26:14
مستوى الصحة: 51% الأهمية: 60%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية