منبــــر: البطولة الوطنية للمطالعة: المسار والتحدي


والرقمية والعمل على إتاحتها لجميع شرائح المجتمع بمختلف ميولاتها ومستوياتها العلمية والاجتماعية ، وهي محطة مهمة لتأكيد فعل القراءة ودورها في نحت شخصية الإنسان من خلال تطوير زاده اللغوي والمعرفي
و تسهر على فعاليات هذه التظاهرة المكتبات العمومية بكامل تراب الجمهورية وتمتد على مراحل من المحلي إلى الوطني وهي منافسة فكرية وذهنية بين جميع المشاركين يتوج فيها الفائزون بجوائز هامة .
ومعلوم ان ما شهده المجتمع التونسي من عزوف غير مسبوق عن المطالعة خاصة بعد ظهور تكنولوجيا المعلومات التي اجتاحت العالم أدت سرعة تدفق وانسياب المعلومات إلى الاستعانة بها في البحوث والدراسات بغية ربح الوقت معتمدة في ذلك على شبكة الانترنت التي ساهمت في سرعة نشر المعلومات والوصول إليها بطرق ميسرة وقد ساهمت هذه المعطيات وغيرها في بناء مجتمع المعلومات الذي يعتمد في تطوره بصفة رئيسية على المعلومات والحاسبات الآلية وشبكات الاتصال، أي أنه يعتمد على التكنولوجيا الفكرية، تلك التي تضم سلعا وخدمات جديدة مع التزايد المستمر للقوة العاملة المعلوماتية التي تقوم بإنتاج  وتجهيز ومعالجة ونشر وتوزيع وتسويق هده السلع والخدمات إذ أنه أينما اتجهت ثمة حواسيب ووسائل اتصال وأجهزة نعرف شيئا منها وكثير لا نعرفه ، إنها في الحقيقة واسطة النشاط في عصر الكتروني . ومما لا شك فيه ، إن الانسياق في هذا العالم الجديد والتيار الإلكتروني الجارف أثر حتما على الكتاب والمطالعة لهذا كان لابد علينا أن نطور أساليبنا في التعامل مع المكتبة والكتاب وخلق طرق جديدة لتعميق العلاقة بين القارئ والكتاب من أجل فرض مكانة المطالعة في المجتمع نظرا لما لها من انعكاس ايجابي في تطوير حياة البشر ودورها في تنمية قدرة القارئ الفكرية والذهنية والإبداعية.
إلى جانب الوسائل السابقة التي اعتمدتها إدارة المطالعة للترغيب في المطالعة، أسست تظاهرة البطولة الوطنية للمطالعة لاستقطاب أكثر عدد من القراء وتقريب الكتاب منه باعتبار وأن الكتاب هو المصدر الرئيس للمعلومات معتمدة في ذلك على أسلوب المنافسة والتصفيات، وهذه المنافسة ستحفز المشاركين على قراءة أكثر ما يمكن من الكتب وفي ذلك فائدة فكرية لهم لأن عندما يقرأ الإنسان الكثير من المفاهيم والكلمات التي قد تكون جديدة كلّما قرأ كتاباً جديداً، ممّا يعني توسعة المفاهيم والقدرة على الحديث بلباقة وبثقة نتيجة المصطلحات الكبيرة التي يُخزنها، والذي سيؤدي لزيادة ثقته بنفسه وتقديره لذاته، كما سيجعله محبوباً أكثر في النقاشات الاجتماعية نظراً لأنّه سينخرط في أيّ موضوع ويُبدي رأياً صائباً أو منطقياً فيه، بالتالي سيكون مثالاً للأشخاص المُلمّين بالأحداث العلمية والعالمية.
تندرج للبطولة الوطنيّة للمطالعة ضمن التثقيف الذاتي للإنسان من خلال المطالعة لما لها من دور فعّال في بناء الإنسان في مختلف أبعاده: المعرفيّ والتعليميّ والوجدانيّ والتأهيليّ ، وعملا على تحقيق مبدأ تكافؤ الفرص عملت إدارة المطالعة العموميّة على أن تنطلق التّظاهرة في مرحلة أولى تصفيات على المستوى المحلّي ثمّ الجهوي وتنتهي البطولة بتصفيات نهائيّة على المستوى الوطنيّ.
هذا هو الهدف الأساسي من تظاهرة البطولة الوطنية للمطالعة وكل المشاركين فيها فائزون ، فكل مشارك إن لم يفز بالكثير فقد فاز بالقليل باعتبار وأن المخزون المعرفي الذي أكتسبه خلال مشاركته في البطولة هو فوز له في حد ذاته .
أهداف تظاهرة البطولة الوطنيّة للمطالعة
لم تكن دراسة تظاهرة البطولة الوطنية دراسة اعتباطية بل كانت دراسة هادفة تسعى من خلالها إدارة المطالعة إلى تحقيق عدة أهداف:
• ترسيخ تقاليد المطالعة في المجتمع التونسي وتعميق الوعي بأهمّيّة دور الكتاب و الوسائط الأخرى في عملية التنشئة الاجتماعيّة
• حثّ القارئ على ارتياد المكتبة و الاستفادة من رصيدها و تشجيعه على المطالعة و فهم المحتوى العلميّ للكتب وتنمية زاده اللّغويّ و بيان قيمة التثقيف الذاتيّ في تعزيز فعل التعلّم.
• مزيد تمتين العلاقة بين القارئ و الكتاب و دعوة القارئ إلى متابعة كافّة الأنشطة الثقافيّة التي تؤمّنها وزارة الشّؤون الثّقافيّة وبصفة أخصّ إدارة المطالعة العموميّة و المكتبات
• حثّ المكتبات العموميّة على تنظيم تظاهرة وطنيّة كبيرة تعريفا بالكتاب التونسيّ وتشجيعا على قراءته.
• ترسيخ عادة المطالعة باعتبارها ممارسة ثقافيّة ثابتة في المجتمع التونسي عامّة وفي مرحلة الطفولة خاصّة.
• المساهمة في الحدّ من معضلة العزوف عن الكتاب و القراءة بحسب تراجع المؤشّرات القرائيّة في تونس.
• تثمين انخراط العائلة في الفعل الثقافيّ من خلال إعادة نشر ثقافة الكتاب والمطالعة للأسر
• تشريك المكتبات العموميّة في إصلاح الخارطة التّعليمية و التفاعل الإيجابيّ مع تطوير البيئة المساندة للعمليّة التعليميّة و التربويّة
• التعريف بدور المكتبات العمومية في الوساطة الثقافيّة على المستويات المحلّي والجهويّ والوطنيّ.
• تثمين الدّور الرياديّ للمكتبات العموميّة فضاء لمعاضدة المدرسة في وظيفتيْ التّربية والتّعليم.
• استثمار رصيد الكتب المخزون في المكتبات لتطوير كفاءات القرّاء ومهاراتهم في التّعليم وفي مجالات الحياة الكثيرة.
مسار البطولة الوطنية للمطالعة
لإنجاح أي مشروع لابد من دراسة تقنية ناجعة، لهذا وضعت إدارة المطالعة العمومية خطة تنفيذية وآليات لتحقيق الأهداف المرصودة ، وبما أن هذه البطولة مفتوحة لجميع شرائح المجتمع وتوفر 434 مكتبة منتشرة في كامل تراب الجمهورية ، فقد كانت المكتبة العمومية هي المحطة الأولى على المستوى المحلي حيث تتولى إدارة المكتبة تسجيل المشاركين وتمكينهم من دفتر مشاركة كل حسب سنه ، كما أنها تتولى تكوين لجنة محلية لتقييم المشاركين خلال التصفيات المحلية حيث تجري العديد من الاختبارات الكتابية والشفوية معتمدة في ذلك على شبكة التقييم التي أعدتها إدارة المطالعة وذلك من أجل إضفاء الشفافية والنزاهة عند التقييم الذي بنتهي باختيار المتميزين خلال اجتماع ختامي للجنة في الدور المحلي ويتم توجيه القائمة النهائية من الفائزين في الدور الأول إلى المكتبة الجهوية التي هي بدورها كونت لجنة جهوية التي ستنظر في القائمات الواردة من المكتبات المحلية من خلال عدة لقاءات تقييمية مع المشاركين لتنتهي باختيار قائمة جهوية ( 60 مشارك) من المتميزين للمشاركة في الدور النهائي
يصل إلى الدور النهائي كل مشارك متميز صادقت اللجنة الجهوية على قدرته الثقافية والمعرفية
خلال الدور النهائي تعمل اللجنة الوطنية التي أعدت في الغرض على إعداد جملة من الاختبارات الكتابية حسب الفئات العمرية المشاركة وتنتهي بإصلاح تلك الاختبارات والإعلان عن النتائج النهائية للفائزين.
وخصّص المنظمون جوائز هامة للمتوجين في البطولة الوطنية الأولى للمطالعة، حيث تبلغ قيمة الجائزة الأولى 5 آلاف دينار وهي للشريحة العمرية المتوجة بكأس البطولة، مع إهداء 50 كتابا. وتبلغ قيمة الجائزة الثانية 3 آلاف دينار والثالثة الفيْ دينار مع تخصيص 50 كتابا أيضا لكل شريحة عمرية متوجة، وتقديم ميداليات ذهبية تحمل شعار البطولة لكافة المترشحين .
بعض الإحصائيات من الدورة الأولى للبطولة الوطنية للمطالعة
بالرغم من حداثة هذه التظاهرة والظروف الصحية والمتمثلة في جائحة كورونا التي ألقت بضلالها على الوضع في تونس سنوات 2020/2021 مما انجر عنه صدور عدة قرارات عطلت بموجبها الأنشطة الثقافية في فترات متعددة فقد عمل جميع المتدخلون في هذه التظاهرة على إنجاحها ويتجلى ذلك من خلال الإحصائيات التي أعدتها إدارة المطالعة العمومية التالية :
• بلغ عدد المشاركين في هذه التظاهرة من الدور المحلي إلى الدور النهائي 130 ألف
• عدد المشاركين الذين وصلوا للدور النهائي 1440 مشارك
• خلال الدورة الأولى للبطولة الوطنية تم مطالعة 840 ألف كتاب
• تراوحت أعمار المشاركين في الدورة الأولى بين 6 و80 سنة
• شارك 42 سجين في الدورة الأولى من البطولة
• شارك 02 من فاقدي وضعيفي البصر في الدورة الأولى من البطولة
• شارك 03 من أصحاب الإعاقة العضوية في الدورة الأولى للبطولة
في الختام تعد البطولة الوطينة للمطالعة تظاهرة تثقيفية فكرية تهدف إلى تطوير الزاد المعرفي للقارئ التونسي مهما كان مستواه العلمي من خلال مطالعته للكتب ولبقية أوعية المعلومات بمختلف أشكالها ولابد لهذه التظاهرة أن تستمر وتصل إلى كافة التونسيين أينما كانوا وحثهم على المشاركة فيها لأن مشاركتهم حتما ستؤدي بهم إلى حب الكتاب والمطالعة وهو الهدف الذي نسعى إليه جميعا .
وعلى هذا الأساس لابد من تكثيف الحملات التحسيسية في جميع المرافق العمومية والخاصة والاتصال بجميع الشرائح العمرية من عائلات وحرفيين وعمال و ... للتعريف بهذه التظاهرة ولابد من تكاتف الجهود من جميع الأطراف المتدخلة من مكتبات عمومية ، ومؤسسات تربوية وشبابية ومؤسسات خاصة ووسائل أعلام بمختلف أصنافها.

بقلم: نور الدين موعود

تاريخ الخبر: 2022-03-04 18:18:19
المصدر: جريدة المغرب - تونس
التصنيف: سياسة
مستوى الصحة: 59%
الأهمية: 66%

آخر الأخبار حول العالم

رئيس نيجيريا يصل إلى الرياض - أخبار السعودية

المصدر: صحيفة عكاظ - السعودية التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2024-04-27 03:23:49
مستوى الصحة: 53% الأهمية: 60%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية