صدّقَت الجمعية العامة للأمم المتحدة، خلال جلسة طارئة دعا إليها مجلس الأمن الأربعاء، بالأغلبية الساحقة على قرار يُدين الغزو الروسي لأوكرانيا، ويدعو موسكو إلى سحب جميع قواتها على الفور من هناك. تأتي هذه الخطوة ضمن سلسلة مساعٍ لعزل روسيا سياسياً.

وأتت نتائج التصويت على هذا القرار بتأييد 141 دولة ومعارضة 5 وامتناع 35. وحثّ نصه موسكو على "أن تسحب على نحو فوري وكامل وغير مشروط جميع قواتها العسكرية" من أوكرانيا، كما أدان "قرار روسيا زيادة حالة تأهب قواتها النووية".

واختارت الخارجية المغربية أن تعتزل التصويت على القرار ولم تحضر الجلسة المذكورة، في تصرف شابه عديد من الأسئلة، ومثَّل مادة للتحليلات السياسية والاستراتيجية. فيما أكدت خارجية المملكة أن قرارها يتّسق مع موقفها المعارض للمساس بالوحدة الترابية للدول الأعضاء في الأمم المتحدة، كسياستها التي تناهض استخدام القوة في حل الخلافات الدولية.

"موقف لا يقبل التأويل!"

وقالت وزارة الشؤون الخارجية والتعاون المغربية في بيان، إن "عدم مشاركة المغرب في هذا التصويت لا يمكن أن يكون موضوع أي تأويل بشأن موقفه المبدئي المتعلق بالوضع بين روسيا الفيدرالية وأوكرانيا".

هذا الموقف الذي أوضحته عنه في بيان سابق بتاريخ 26 شباط/فبراير الجاري، إذ عبّرَت عن تشبُّثها "باحترام الوحدة الترابية والسيادة والوحدة الوطنية لجميع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة"، و"بمبدأ عدم اللجوء إلى القوة لتسوية النزاعات بين الدول، وتشجّع جميع المبادرات والإجراءات التي تسهم في تعزيز التسوية السلمية للنزاعات".

وأضاف البيان الأخير للوزارة بأن المملكة المغربية تواصل "بقلق وانشغال" تتبُّع تطورات الوضع، وتدعو إلى "مواصلة وتكثيف الحوار والتفاوض بين الأطراف من أجل وضع حدّ لهذا النزاع، وتشجيع جميع المبادرات والإجراءات لتحقيق هذه الغاية".

ومن الدول العربية كانت سوريا هي المعارض الوحيد لقرار الأمم المتحدة المُدين للغزو الروسي لأوكرانيا وتهديد موسكو باستخدام الأسلحة النووية، فيما امتنعت كل من الجزائر والسودان والعراق عن التصويت عن القرار.

ما وراء القرار

ولحق عدد من علامات الاستفهام خيار المغرب عدم حضور الجلسة، هو المعروف عنه قربه الكبير من المعسكر الغربي وعلاقاتهما الوثيقة، فيما فسّر موقع "هبة بريس" المحلي قرار خارجية بلاده بأنه كان "موقفاً حيادياً يأخذ بعين الاعتبار المصالح الاستراتيجية للمملكة".

يضيف الموقع أن "تأييد القرار كان سيؤجّج لا محالة علاقة الرباط بموسكو، والامتناع بدوره كان سيثير حفيظة الشركاء الغربيين لكونه أقرب إلى تأييد الموقف الروسي، ما حدا بالرباط إلى اتخاذ قرار الغياب عن الجلسة". ورجع ذلك أيضاً إلى "الحياد (البارد) للدول الأوروبية تجاه الوحدة الترابية للمملكة"، التي دفعت المغرب في الآونة الاخيرة إلى "اتخاذ مواقف صارمة ازاء عدد من البلدان (الكبرى) داخل الاتحاد الأوروبي".

وحسب الباحث المغربي محمد زين الدين، أستاذ العلوم السياسية بجامعة الحسن الثاني، فإن "المغرب أمام شريكين استراتيجيين في الأزمة الأوكرانية: القطب الغربي المساند لأوكرانيا، والقطب الشرقي المؤيد لروسيا"، فيما "ستكون تداعيات الأزمة الأوكرانية خطيرة على العالم، وستجعل المستقبل مفتوحاً على كل الاحتمالات، بما يجعل المغرب يتعامل بتعقُّل مع الموضوع لأنه يستحضر الرؤية الاستشرافية في قراراته السياسية".

TRT عربي