وزيرٌ سابقٌ "يَجلِد" الشّعبويّةَ في "ما بعد الحقيقة والفايكنيوز" ويُؤكّد أنّها "تضرّ بأسسِ الدّيمقراطيّةِ"
وزيرٌ سابقٌ "يَجلِد" الشّعبويّةَ في "ما بعد الحقيقة والفايكنيوز" ويُؤكّد أنّها "تضرّ بأسسِ الدّيمقراطيّةِ"
أخبارنا المغربية- الرباط
سلّط لحسن حداد، وزيرُ السياحة السّابقُ في عهد حكومة عبد الإله بنكيران، الضوء على الشعبوية في كتابه "ما بعد الحقيقة والفايكنيوز"، معتبرا أنها "شبه إيديولوجيا تحكمُ سياسات ومُقاربات للشَّأن العامِّ في هنغاريا وإيطاليا والولايات المتَّحدة وسري لانكا وفنزويلا وبوليفيا والبرازيل وغيرها".
وزاد حداد، في تدوينة له على صفحته الفيسبوكية، أنَّ الشعبوية "لم تَعُدْ حركةً هامشيَّة كما كانت في السَّابق؛ بل إنَّ شرائح عديدة من المجتمع تلجأ إليها في ظلِّ تنامي حركات الهِجرة وتأثير الأتمتة على سوق الشُّغل وتنامي التَّأثيرات السَّلبيَّة للعولمة، علماً أنَّ الشَّعبويَّة لم تَعُدْ تقتصر على دولة دون غيرها، أو على منطقة دون سواها".
"إنَّها 'شبه حركة' أفرزتها العولَمة والرَّقمَنة وتوالي الأزمات وانهيار النَّماذج الاقتصاديَّة المُعتمَدة منذ عقود، بالإضافة إلى التَّغيُّرات المناخيَّة والحروب الأهليَّة وحركات الهجرة واللُّجوء وغيرها"، يقول الوزير السابق قبل أن يضيف: "لهذا عمَّت الشعبوية كلَّ أنحاء المعمور؛ إذ تُذَكِّرُ شعبيَّتُها بانجذاب أجيال مُتعدِّدة ومتوالية لحركات شموليَّة واستبداديَّة مثل الفاشيَّة والنَّازيَّة والشُّيوعيَّة".
وزاد حداد أن الفرق بين الشعبوية وباقي الحركات المذكورة يكمن في "النَّسَق والبناء والتَّعقيد الإيديولوجيِّ؛ والفارقُ الأساسيُّ هو أنَّ الشَّعبويَّة ليست نظاماً إيديولوجيَّاً وسياسيَّاً مُتكاملاً كما هو الحال مع الفاشيَّة والنَّازيَّة والشُّيوعيَّة؛ إنَّها حساسيَّة وثقافة هجينة يختلط فيها الحسُّ القَوْمَجِيُّ ومقولة فَضْفَاضة للشَّعب، وجَلدٌ جماعيٌّ للذَّات وخَلقٌ مُنتظم ومُستمرٌّ لأكباش الفداء".
وتابع الوزير السابق أن "الشَّعبويَّة هي تعبير عن قلقٍ جماعيٍّ غير عقلانيٍّ تتحكَّم فيه العاطفة والأحكام الجاهزة، ومقاربة مؤامراتيَّة للواقع، تحمل سرداً يكون بموجبه الوطن والأُمَّة ضحايا لخطط 'شيطانيَّة'، مُدبَّرة من طرف أُناس يحملون أفكاراً مُضرَّة بالمصلحة العامَّة وقضايا الشَّعب. تُقدِّم الشَّعبويَّة حلولاً سهلة وتُهاجِم النُّخَب ووسائل الإعلام الجادَّة والمجتمعَ المدنيَّ، وهي بذلك تضرُّ بأُسس الدِّيمقراطيَّة ومجتمعات التَّعدُّد والنِّقاش والاختلاف في العُمق".
وفي محاولة منه للتمييز بين الشعبوية والدِّيمقراطيَّة؛ شدّد على أن الأخيرة "عمليَّة مُتأنِّية تتطلَّب الوقت والنِّقاش والطَّرحَ والطَّرحَ المُضادَّ للوصول إلى رأيٍ تقول به الأغلبيَّة، نسبيَّةً كانت أو مُطلَقة؛ وهي كذلك مُسلسل يتبنَّى الحلول المُعقَّدة، لا الوصفات السِّحريَّة"، خالصا إلى أن "الموقف الشَّعبويُّ يرى في الدِّيمقراطيَّة هدراً للزَّمن (المغاربة يتفنَّنون مثلاً في وصف الوقت الَّذي يأخذه العمل الدِّيمقراطيُّ: "هدر الزَّمن السِّياسيِّ"، و"هدر الزَّمن الحكوميّ"، ويرون فيه محاولةً للتَّراجع عن المشاريع والمُخطَّطات والالتفاف عليها وتهريب الموارد".