قيادة الألحان في الكنيسة القبطية

عزيزي القارئ ، في المقال السابق تكلمنا عن قيادة الألحان في الكنيسة القبطية،وذكرنا آية ذُكر فيها “كننيا رئيس اللاوين”، تعالى بنا الأن نستكمل الحديث عن القيادة بعد أن نتعرف على شخصية كننيا المحورية في القيادة.

فكننيا هذا كان رئيس اللاويين الموسيقيين قائماً على تدريبهم وتعليمهم أصول الغناء والأداء وكان يرشدهم ويقودهم لأنه كان خبيراً. هذا، وقد “أَمَرَ دَاوُدُ رُؤَسَاءَ اللاَّوِيِّينَ أَنْ يُوقِفُوا إِخْوَتَهُمُ الْمُغَنِّينَ بِآلاَتِ غِنَاءٍ، بِعِيدَانٍ وَرَبَابٍ وَصُنُوجٍ، مُسَمِّعِينَ بِرَفْعِ الصَّوْتِ بِفَرَحٍ”[1].

فهذا يؤكد وجود رؤساء أى قادة كثيرين ليقودوا المغنين والعازفين لآلات الغناء والعيدان والرباب والصنوج، فلم يكن هناك قائد واحد أو اثنان، إنما رؤساء كثيرون.

“وقد أَفْرَزَ دَاوُدُ وَرُؤَسَاءُ الْجَيْشِ لِلْخِدْمَةِ بَنِي آسَافَ+ وَهَيْمَانَ· وَيَدُوثُونَ الْمُتَنَبِّئِينَ بِالْعِيدَانِ وَالرَّبَابِ وَالصُّنُوجِ”[2]. “‫كُلُّ هؤُلاَءِ تَحْتَ يَدِ أَبِيهِمْ لأَجْلِ غِنَاءِ بَيْتِ الرَّبِّ بِالصُّنُوجِ وَالرَّبَابِ وَالْعِيدَانِ لِخِدْمَةِ بَيْتِ اللهِ، تَحْتَ يَدِ الْمَلِكِ وَآسَافَ وَيَدُوثُونَ وَهَيْمَانَ”[3].

وَكَانَ عَدَدُهُمْ مَعَ إِخْوَتِهِمِ الْمُتَعَلِّمِينَ الْغِنَاءَ لِلرَّبِّ، كُلِّ الْخَبِيرِينَ مِئَتَيْنِ وَثَمَانِيَةً وَثَمَانِينَ”.(أخبار الأيام الأول 25 : 7).

فعدد 288 من الخبراء القائمين علي تعليم الغناء يدل على الصورة التي كان عليها الغناء العبادى للإله الخالق، وكيف كانت متقنة وبدرجة علمية عالية الجودة. والتعبير “تحت يد أبيهم” يدل على التلمذة فى الغناء على يد الآباء، أى أن البيت كله مكرساً للغناء الدينى. ثم يجئ “كننيا ليتوَّج رئيساً وقائداً للحمل، ووجود عدد كبير من رؤساء المغنين يدل على إهتمام “داود” النبى بالقيادة، فرؤساء الغناء هم قادة الكورالات الغنائية، وكثرة رؤساء الغناء يدل على كثرة الفرق المغنية.

فالتسبيح أيام داود النبى والملك كان تسبيحاً متقناً له قواعد وله أصول، وله قادة للتدريب، وخبراء للإرشاد والتوجيه، وله ميزانية للصرف حتى يكون تسبيح الرب متقناً. وكان المنطق في ذلك أنه ليس من اللائق أن يكون الغناء الدنيوى الذي يُقدَّم للبشر متقناً، والتسبيح الذى يُقدًّم للإله الخالق البشر غير متقناً. ولكن في النهاية لابد ان يُذكر أن الفضل في ذلك يرجع أولا لمصر ولبلاط فرعون الذي نشأ فيه موسى وسلمه لشعب بني إسرائيل، ليصل الى حقبة داود النبي والملك بعد نحو حوالي خمسمائة سنة. فلقد تربى “موسى النبى” على هذا النحو فى بلاط فرعون مصر، ثم تعلم القراءة فى سن العاشرة، وبعد ذلك تعلم الحساب والهندسة والموسيقى بكافة أشكالها، وتشتمل على الموسيقى الهارمونية والإيقاعية والصوتية وموسيقى الشعر (البحور والأوزان)، ثم درس الطب، وبعد أن تلقى كل العلوم المدنية والعسكرية، تلقى على يد أكثر أساتذة مصر شهرة ، دراسة العلوم الفلسفية واللاهوت.[4] والمقصود أن أهمية القيادة فى الموسيقى العبادية موجودة من سالف الزمان، كعلم وكفن وكضرورة لتسبيح يليق بالإله. لذلك أيضاً كانت هناك أهمية لوجود قائد للألحان القبطية.

عزيزي القاريء، سوف نستكمل هذا الحديث الشيق عن قيادة الألحان القبطية في الكنيسة القبطية، وسوف تتعجب في المقال القادم أن هناك قيادة أمامية وقيادة خلفية!!

[1] الكتاب المقدس – العهد القديم – سفر أخبار الأيام الأول– أصحاح 15 آية 16

+ ” آساف” المرنم | آساف اللاوي المرتل اسم عبري ومعناه “الجامع” أو ربما هو اختصار “يهوه ساف” أى “الرب جمع” وهو:اسم للاوى هو ابن برخيا من عشيرة الجرشوميين (1 اخبار 6: 39 و43). وكان يقف مع المغنين بآلات غناء ورباب وصنوج مستمعين برفع الصوت بفرح، هو وهيمان بن يوئيل وايثان بن قوشيا (1 اخبار 15: 16-19) ثم بعد ذلك عين في وظيفة دائمة في ضرب الصنوج في الخدمة في الهيكل (1 اخبار 16: 4، 5، 7). ويدعى آساف، بالرائي، كغيره من رؤساء المغنين (2 اخبار 29: 30 وقارنه مع 2 اخبار 35: 15&1 اخبار 25: 5). ولما حان الوقت لوضع ترتيب كامل نهائي للخدمة، عُهد بصفة دائمة إلى عشيرته، وآساف على رأسها، بالجزء الموسيقي لأجل غناء بيت الرب بالصنوج والرباب والعيدان لخدمة بيت الله (1 اخبار 25: 1-9).
· هيمان ابن زارح :اسم عبري معناه “امين” وهو اسم: ابن زَارَح من بني يهوذا (1 أخبار 2: 6). وقد عُرف بحكمته المتناهية حتى ضُرب بها المثل (1 مل 4: 31). وهو ناظم المزمور الثامن والثمانين. ويوجد ايضا هيمان ابن يوئيل وهو من بني قورح اللاويين (1 أخبار 6: 33 و 15: 17). وكان مغنياً عند داود. كما كان يعزف على صنوج النحاس (1 أخبار 15: 19). وكان من كبار المغنين أمام تابوت الرب (1 أخبار 1: 41 و 42).
[2] الكتاب المقدس – العهد القديم – سفر أخبار الأيام الأول– أصحاح 25 آية 1

[3] الكتاب المقدس – العهد القديم – سفر أخبار الأيام الأول– أصحاح 25 آية 7

[4] الكتاب الأول “حياة موسى” للمؤرخ “فيلون اليهودى”.

[5] مرجع الهوامش السابقة:كتاب كل العصور “برنامج الكتاب المقدس”