في أعقاب بدء الهجوم العسكري الروسية على أوكرانيا في الفترة التي بدأت فيها آثار جائحة كورونا في التقلص، أعلنت العديد من الشركات الأجنبية العاملة فوق الأراضي الروسية أنها تفكر في سلْك المسار الذي سلكته دول الشرق الأقصى بعد انسحابها من الصين ونقل استثماراتها ومصانعها إلى تركيا التي جعلت من نفسها خلال العقديْن الماضيين مركزاً استراتيجياً مهماً على مستوى العالم في المجالات الصناعية والتجارية.

ومع مراعاة أسباب مثل فرص الاستثمار وأسعار الطاقة وارتفاع رسوم النقل، بالإضافة إلى بيئة القوى العاملة القوية والمتنوعة، كلها عوامل تجعل من تركيا مركز الجذب الأبرز والأهم لهذا الاستثمارات التي بدأت فعلياً بالبحث عن بدائل تزامناً مع فرض موجة عقوبات اقتصادية وسياسية غير مسبوقة على موسكو بسبب الهجوم على أوكرانيا.

وحسب رئيس مجلس الأعمال التركي الأمريكي التابع لمجلس العلاقات الاقتصادية الخارجية، محمد علي يلجينداغ، الذي تحدث لصحيفة "جمهورية" التركية نهاية الأسبوع الماضي، فإن 5 آلاف شركة ومصنع أمريكي في روسيا، يبحثون عن مكان جديد لهم، مشيراً إلى أن السفارة الأمريكية دعت ممثلي الشركات لزيارة تركيا التي ستكون ملاذاً آمناً بالنسبة إليهم.

تمتلك المؤهلات الجغرافية واللوجستية وقدرات الإنتاج.. هل تكون #تركيا مرشحاً بديلاً لـ #الصين في السوق العالمية بسبب جائحة #كورونا؟

Posted by ‎عربي TRT‎ on Friday, October 9, 2020

هجرة الاستثمارات الأمريكية من روسيا

بالتزامن مع تصاعد حدة العقوبات الغربية على روسيا وإعلان كبرى الشركات العالمية الانضمام إليها للضغط على بوتين لوقف الهجوم على أوكرانيا، وفي حين اكتفت بعض الشركات بوقف أعمال مؤقت في روسيا، أعلنت آلاف الشركات، وبالأخص الأمريكية، نيتها الانسحاب من السوق الروسي.

ولهذا، بدأت هذه الشركات عملية بحث دقيقة لاختيار بديل آمن ومستقر لتنسيق عملياتها واستثماراتها في المنطقة مع مراعاة بيئة الأعمال التجارية ومتطلبات واحتياج السوق، فضلاً عن البحث عن المكان الذي يوفر حلول النقل والتوريد بما يلائم ارتفاع أسعار الطاقة والشحن.

وضمن مساعي الولايات المتحدة إيجاد البديل الأفضل لشركاتها، لفت يلجينداغ إلى أن 10 أعضاء من الكونغرس الأمريكي سيزورون تركيا في نيسان/ أبريل المقبل. مشيراً إلى أن نائب رئيس غرفة التجارة الأمريكية مايرون بريليانت سيزور تركيا في 18 آذار/ مارس الجاري.

تركيا الوجهة الأبرز

بالتوازي مع خطط الانسحاب من روسيا، بدأ عديد من الشركات الدولية بمراجعة فرص الاستثمار في تركيا ضمن مساعيها للبحث عن خيارات آمنة ومستقرة تكون قريبة من السوق الأوروبية والآسيوية على حداً سواء.

ومن أبرز الدلالات على أن تركيا هي البديل الأكثر ترجيحاً، هو ازدحام الأجندة التركية بلقاءات مع أعضاء من الكونغرس ووزارة ومؤسسات التجارة الأمريكية.

فيما ستستضيف تركيا الحدث التي تنظمه AmCham، التي تمثل 110 شركة مقرها الولايات المتحدة باستثمارات تقترب من 50 مليار دولار، إذ تستعرض فرص الاستثمار في تركيا لبريليانت ورجال الأعمال الذين سيرافقونه.

من جانبهم أكد خبراء اقتصاد أتراك أن من شأن قدوم الشركات المشهورة عالمياً أن يرجح كفة إسطنبول على حساب موسكو ودبي التي تتنافس لتصبح إحداها مركزاً إقليمياً للشركات الأمريكية والشركات العملاقة العالمية.

تركيا تنافس الصين

في أعقاب دخول الولايات المتحدة معركة سياسية واقتصادية مع روسيا بشأن أوكرانيا، تحاول محاصرة الصين بعقوبات اقتصادية منذ عهد ترمب، فخفضت وارداتها من الصين بمقدار 90 مليار دولار في السنة، ومن المتوقع أن يصل هذا الرقم إلى 200 مليار دولار في عام 2023.

بالمقابل، فإن على الصعيد التجاري بين الولايات المتحدة وتركيا حركة نشطة، إذ بلغت الزيادة في صادرات تركيا إلى أمريكا نحو 30% لتصل لنحو 16 مليار دولار.

اقرأ أيضاً:

وخلال السنوات الأخيرة، نجحت تركيا في جذب انتباه العديد من المستثمرين الدوليين من خلال أداء النمو المذهل والإصلاحات الهيكلية التي نفذتها في السنوات العشر الماضية. أصبحت البلاد في المرتبة التاسعة بين أكثر وجهات الاستثمار الدولي المباشر رواجاً في جميع أنحاء أوروبا في عام 2020.

كما يبرز موقع تركيا الاستراتيجي، الذي يوفر حوافز كبيرة لكل من المستثمرين الدوليين والدوليين، أحد أهم المزايا التي تقدمها للمستثمرين الدوليين. بالإضافة إلى ذلك، فإن حقيقة أنه يمكن الوصول إلى 1.3 مليار شخص واقتصاد يبلغ 26 تريليون دولار في المراكز المهمة في أوروبا وشمال إفريقيا ومنطقة الخليج وآسيا الوسطى بالطيران 4 ساعات، يجعل من تركيا قاعدة إنتاج وإدارة مهمة .

TRT عربي