«بابا الوطنية».. لقب يستحقه البابا شنودة حيًا وميتًا فمازال اسمه مقترنًا بالمواقف الوطنية التي حرص من خلالها الحفاظ على نسيج الأمة وعدم السماح لأي دولة أو منظمة التدخل في شؤون الدولة بذريعة الحفاظ على حقوق الأقليات وحماية المسحيين ودور العبادة القبطية من التخريب والتطرف.

وهو ما يذكره الداعية الحبيب على الجفري، الذي كان شاهدًا على أحد تلك المواقف وفي ذكرى رحيل البابا شنودة العاشرة، نعيد سرده، فحينما زادت حوادث التعدي على الكنائس والتجمعات القبطية والمواقف المتطرفة اتجاههم في السبعينات، حاولت الدول الأجنبية والاتحاد الأوروبي وكذلك بابا الفاتيكان استمالته بدعوى مساعدة المسحيين، رد شنودة الثالث الملقب بـ«بابا العرب» كان صارمًا ووقف وقفة صلبة في وجههم وقال لهم: «لا تتدخلوا حتى لو حرقت جميع كنائسنا، فلو حرقت سنصلي في المساجد مع إخواننا المسلمين».

وهو أول من قال: «لأن أعيش في وطن دون كنائس، خير لي من أن أعيش في كنائس بلا وطن»، التي أصبحت مقولة تمثل الوطنية وتبرهن عليها، واقتباسها عنه الرئيس السيسي ليحي ذكراه ويشيد بفضله أثناء الاحتفال بافتتاح الكاتدرائية الجديدة بالعاصمة الإدارية في يونيو من عام 2019.

واستخدمها البابا تواضروس الثاني، بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية «وطن بلا كنائس خير من كنائس بلا وطن» عقب الاعتداء على الكنائس بعد فض اعتصامي رابعة والنهضة، لوقة تأثيرها على قلوب المسحيين الذين لازالوا يربطون على قلوبهم بحب البابا شنودة.

ويسجل للبابا شنودة أيضًا حفاظه على الوطن إبان ثورة يناير، حيث رفض أي ممارسة عقب تفجير كنيسة القديسين بمحافظة الإسكندرية في 1 يناير 2011 بتمام الساعة الثانية عشرة وعشرين دقيقة، أثناء احتفال المصريين بليلة رأس السنة الميلادية، لتكون النواة التي يبنى عليها ما جرى في 25 يناير 2011، فسألته الإعلامية لميس الحديدي تجري لقاء مع البابا شنودة في المقر البابوي، تطرق خلاله إلى الدعوة لتظاهرات 25 يناير، وقال البابا نصاً في الحوار الذي مُنعت إذاعته في هذا الوقت على التليفزيون المصري: «لا نوافق على تلك التظاهرات ونريد السلام للبلد، ولكن ليس كل مظاهرة يسكتونها بالعنف والقمع ولكن الوضع السليم هو معرفة الأسباب».

وأشار البابا إلى أن المتظاهرين يتحدثون عن «الجوع والأسعار والبطالة»، مقترحاً أن تؤجل الدولة المشروعات التي تصرف عليها المليارات، وأن تعطي الأولوية للغذاء ومواجهة الأزمة الاقتصادية، قائلاً: «جوع الناس هيربك أمن البلد».