الدار- خاص
طبقا للتوجيهات الملكية السامية القاضية بالحرص على قيام المجلس الأعلى للحسابات بمهامه الدستورية، لاسيما في ممارسة المراقبة العليا على المالية العمومية، وفي مجال تدعيم وحماية مبادئ وقيم الحكامة الجيدة والشفافية والمحاسبة، أصدر المجلس الأعلى للحسابات تقريره السنوي برسم سنتي 2019 و 2020.
وفي هذا الصدد، أكد محمد كمال الداودي، المنسق العام لأعمال المحاكم المالية بالمجلس، في حديث للقناة المغربية الأولى، أن ” صدور هذا التقرير يأتي تنفيذا للتوجيهات الملكية السامية، القاضية بقيام المجلس بمهامه الدستورية، وتطبيقا للفصل الـ148 من دستور المملكة، و المادة 100 من قانون رقم 62-99 المتعلق بمدونة المحاكم المالية”.
واعتبر محمد كمال الداودي أن ” التقرير يتضمن نتائج أعمال المجلس الأعلى للحسابات، ونتائج المجالس الجهوية للحسابات لسنتي 2019-2020، وهو التقرير الذي يشكل فرصة للمساءلة من طرف المواطنين والبرلمانيين وأصحاب المصلحة تجاه المسؤولين الحكوميين، أو المحليين عن جودة تدبيرهم، وتسييرهم للمال العام”، مضيفا أن ” عناصر الشفافية والمساءلة أمورا لا غنى عنها في أي ديمقراطية مستقرة، أو في أي دولة مؤسسات”.
ويأتي صدور هذا التقرير في ظل دخول المغرب مرحلة التعافي التدريجي من تداعيات جائحة “كوفييد19″، و آثارها الاقتصادية، والاجتماعية، وكذا في خضم تنزيل النموذج التنموي الجديد، وما يرسمه من معالم مستقبلية للسياسات العمومية، بالإضافة الى تنصيب حكومة جديدة.
وما يميز التقرير الأخير للمجلس الأعلى للحسابات، هو أنه صار مركزا أكثر، وهو ما يسهل قراءته، والاطلاع عليه من طرف الجهات المعنية، كما ان التقرير صار يركز على مواضيع ذات أهمية وذات قيمة مضافة.
ويتمتع المجلس الأعلى للحسابات باختصاصات غير قضائية، تتعلق أساسا بمهام مراقبة التسيير، اذ انطلاقا من 665 مهمة رقابية أو افتحاص قام به المجلس الأعلى للحسابات، و المجالس الجهوية للحسابات، يتضمن التقرير 35 ملخصا تركيبيا موضوعاتيا يهم المجالات التي تهم المواطن، والاقتصاد الوطني، حيث تطرق الى محور المالية العمومية، الميزانية، المديونية ديمومة التقاعد، ومحور متعلق بالقطاعات الاجتماعية كالتعليم القروي، التربية الدامجة، حكامة التعليم العالي، الصحة، التغطية الاجتماعية، ومحور قطاعات التجهيز والسكن واللوجستيك، ومحور رابع يخص المجالات الإنتاجية، سلسلة الدواجن في المجال الفلاحي، أو وكالة انعاش الشغل والكفاءات، كما سيجد القارئ في التقرير محاور تهم البعد الترابي والمحلي، التصاميمن التخطيط للجماهعات، مقاله مطارح النفايات، وكذلك أمور وعناصر تهم اختصاصات التصريح بالمملتكات من طرف المجالس الجهوية والتدقيق في حسابات الأحزاب السياسية.
واعتمد المجلس الأعلى للحسابات تنفيذا للتوجيهات الملكية السامية منذ تعيين الرئيس الأول، السيدة زينب العدوي، توجها استراتيجيا جديدا هم بالأساس جانب البرمجة، حيث سيتم اتخاذ برمجة متعددة السنوات تأخذ بعين الاعتبار الأوراش الكبرى للمملكة، والمشاريع الكبرى ذات الراهنية، كما سيتم تحسين جودة التقارير، ومقروئيتها، واستغلالها، الى جانب تحسين التوصيات وتتبعها من خلال منصة رقمية، لضمان تنفيذها، فضلا عن إرساء سياسة عقابية تتوخى إرساء جسور بين الاختصاصات، وجسور بين المحاكم المالية والسلطة القضائية.
كما تروم هذه الاستراتيجية الجديدة للمجلس الأعلى للحسابات، بالإضافة الى الحرص على تنمية العنصر البشري، إرساء ثقافة الجودة، والمعايير المهنية، و الانخراط في التحول الرقمي وتحليل المعطيات، فضلا عن ضمان الأمن المعلوماتي للموارد الرقمية الموجودة في المجلس.
ويصدر المجلس الأعلى للحسابات تقاريره السنوية من منطلق حرص المغرب على غرار الدول المتطورة، على الارتقاء بالمجلس الأعلى للحسابات إلى مصاف مؤسسة دستورية تضطلع بدور المساهمة الفعالة في عقلنة تدبير الأموال العامة و تمارس كليا وظيفتها كمؤسسة عليا للرقابة مستقلة بذات الوقت عن السلطة التشريعية و السلطة التنفيذية.
ووفقا للباب العاشر من الدستور، فان المجلس الأعلى للحسابات يتولى ممارسة الرقابة العليا على تنفيذ القوانين المالية و يبذل مساعدته للبرلمان و الحكومة في الميادين التي تدخل في نطاق اختصاصاته بمقتضى القانون، و يرفع إلى جلالة الملك نصره الله بيانات جميع الأعمال التي يقوم بها في إطار تقريره السنوي.
كما نص الدستور، في إطار سياسة اللامركزية، على إحداث المجالس الجهوية للحسابات المكلفة بمراقبة حسابات الجماعات المحلية و هيئاتها و كيفية قيامها بتدبير شؤونها.
يمارس الوكيل العام للملك بالمجلس الأعلى للحسابات، مهام النيابة العامة. و يعين لهذا الغرض بواسطة ظهير يحدد وضعيته الإدارية، ولا يقوم بمهام النيابة العامة إلا في المسائل القضائية المسند النظر فيها إلى المجلس، ويساعده في ذلك محامون عامون. كما يمارس هذه المهام، على مستوى المجالس الجهوية للحسابات، وكلاء الملك بمساعدة نائب أو عدة نواب.
ويعمل المحامون العامون تحت إشراف الوكيل العام للملك، فيما يلزم وكلاء الملك لدى المجالس الجهوية للحسابات بإطلاع الوكيل العام للملك بواسطة تقارير على سير أعمال النيابة العامة لدى هذه المجالس.
وهكذا يتجلى تدخل النيابة العامة، بواسطة الوكيل العام للملك، في الجوانب ذات الصبغة القضائية التي تطبع عمل المحاكم المالية في مادة التدقيق والبت في الحسابات، و في مادة التأديب المتعلق بالميزانية والشؤون المالية.
يسهر مجلس قضاء المحاكم المالية على تطبيق النظام الأساسي للقضاة سواء فيما يخص التعيين وتدبير المسار المهني أو فيما يخص تطبيق للإجراءات التأديبية عليهم. يترأس الرئيس الأول هذا المجلس.
يتم تسيير شؤون القضاة بمقتضى نظام أساسي خاص وهم يشكلون هيئة واحدة ويتمتعون بعدم قابلية العزل و النقل. يتوزع القضاة على الدرجات التالية : خارج الدرجة : الرئيس الأول والوكيل العام للملك، الدرجة الاستثنائية : المستشار المشرف، الدرجة الأولى : المستشار الأول، الدرجة الثانية : المستشار الثاني.
وتفرض أخلاقيات المهنة الخاصة بالقضاة التحلي، في جميع الظروف، بواجب التحفظ والنزاهة والكرامة التي تتطلبها طبيعة وظائفهم، كما تحمي الدولة القضاة ضد كل تهديد أو تهجم أو سب أو قذف ويتمتعون بحق الامتياز القضائي.
وتترأس المجلس الأعلى للحسابات السيدة، زينب العدوي، التي عينها جلالة الملك في هذا المنصب يوم الاثنين 22 مارس 2021، وذلك في اطار الحرص الملكي السامي على قيام هذه المؤسسة بمهامها الدستورية، لاسيما في ممارسة المراقبة العليا على المالية العمومية، وفي مجال تدعيم وحماية مبادئ وقيم الحكامة الجيدة والشفافية والمحاسبة.
