عام المجتمع المدني “3”..مواجهة الكوارث وعبور الأزمات
عام المجتمع المدني “3”..مواجهة الكوارث وعبور الأزمات
دور كبير ومهم تقوم به الجمعيات والمؤسسات الأهلية, إلي جانب دور الحكومة والقطاع الخاص, وهو دور أساسي في المجتمعات الحديثة والأمم الراقية والدول الناهضة, إذ لا غني عنه في تقدم المجتمعات ونموها وتحقيق تنميتها, ورفع الوعي بين مواطنيها,خاصة وأن الحكومة/ الحكومات لا تستطيع وحدها تأدية مختلف الخدمات للمواطنين, أو القيام بها منفردة, مثل الخدمات الصحية والتعليمية والثقافية والفنية, وغيرها من تقديم المساعدات الاجتماعية للأسر الفقيرة والمعدمة, هنا كان لا بد من ذراع أخري, تدعم وتساهم وتشارك وتساند, تمثلت في تأسيس الجمعيات والمؤسسات الأهلية التي تقوم بالأساس علي تعظيم قيمة النشاط التطوعي والعمل المؤسسي للمواطنين, باعتبارهم شركاء الوطن, يجمعهم وطن واحد ومصير مشترك, حيث تشارك تلك الجمعيات والمؤسسات الأهلية بنصيب غير قليل في مواجهة الكوارث وعبور الأزمات التي تواجه الأفراد والجماعات.
يتجلي الأمر بوضوح عند وقوع بعض المشكلات والكوارث والأزمات التي تحل بالمجتمع/ المجتمعات, فمن الكوارث الطبيعية- هنا وهناك- تبرز السيول والزلازل والبراكين واحتراق الغابات, ومن الكوارث البشرية اندلاع الصراعات والحروب, فضلا عن مشكلات أخري من نوع التغيرات المناخية والتصحر, وانتشار الجوائح والأوبئة, ولعل جائحة فيروس ‘كورونا المستجد’ ليست ببعيدة علينا, إذ مازال العالم يواجه آثارها الاقتصادية والاجتماعية والنفسية, حيث تتسبب الكوارث بدورها في وقوع الأزمات والمشكلات, مثل ارتفاع أسعار السلع الغذائية والخدمات الأساسية, واتساع رقعة الفقر, وانتشار الأمراض الجسدية والنفسية, وحدوث هجرات داخلية وأخري خارجية, وغيرها من مشكلات, كان للمجتمع المدني جهد كبير- إلي جانب الجهود الحكومية ـ في العمل علي حلها وتجاوزها.
في مصر, وحسب إحصائيات نشرتها وسائل الإعلام نهاية العام الماضي (2021م), فقدوصل عدد الجمعيات والمؤسسات الأهلية إلي نحو52 ألفا و500 جمعية, تختلف بطبيعة الحال في درجة نشاطها وجديتها وانتظام العمل داخلها, فهناك جمعيات ومؤسسات قوية في نشاطها, وثانية متوسطة النشاط, وثالثة ضعيفة وربما هي هيئات كارتونية تعبر عنها لافتات فحسب, ما يعكس أهمية المتابعة الدورية لعمل تلك الجمعيات والمؤسسات, بهدف مساعدتها وتمكينها أولا, ثم محاسبتها ثانيا.
وحسب موقع الاتحاد العام للجمعيات والمؤسسات الأهلية, في مصر, فإنه تتنوع ميادين العمل التي تعمل بها الجمعيات والمؤسسات الأهلية, منها: رعاية الطفولة والأمومة, رعاية الأسرة, المساعدات الاجتماعية, رعاية الشيخوخة, رعاية الفئات الخاصة والمعاقين, الخدمات الثقافية والعلمية والدينية, تنمية المجتمعات المحلية, التنظيم والإدارة, رعاية المسجونين, تنظيم الأسرة, الصداقة بين مصر والشعوب الصديقة, النشاط الأدبي,الدفاع الاجتماعي,التنمية الاقتصادية للأسرة وتنمية الدخل, أرباب المعاشات, حماية البيئة والحفاظ عليها, حماية المستهلك, حقوق الإنسان.. حيث ترتكز جهود الجمعيات والمؤسسات الأهلية ـ بشكل رئيس وحسب موقع الاتحاد العام للجمعيات والمؤسسات الأهلية ـ علي محور أساسي هو تعبئة جهود الأفراد والجماعات لإحداث التنمية في المجتمع, لصالح هؤلاء الأفراد والجماعات وحل مشكلاتهم والإسهام في مؤازرة جهود الدولة في تلبية الاحتياجات الإنسانية والاجتماعية والاقتصادية للمجتمع.
وإذا كان المجتمع المدني, إلي جانب الهيئات الحكومية ومؤسسات القطاع الخاص, يشارك بدوره في عبور الأزمات, فإنه ينبغي الإشارة إلي معني الأزمة, فمن الناحية اللغوية فإن مادة أزم في اللغة تعني الشدة والقحط, والمأزم هو المضيق, فالأزمة عبارة عن ظروف صعبة قد تتعرض لها الدولة مثل الأزمة السياسية, أو قد تتعرض لها المنظمة الإدارية مثل العجز المالي,وقد تتعرض الدولة لأزمات سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية. والأزمة قد تكون اجتماعية لها أبعاد سياسية وأخري اقتصادية, وقد تكون لها انعكاسات قومية, وقد تبدأأزمة محدودة ثم تتسع, كما يمكن تصنيف الأزمات حسب النوع, والمضمون, والنطاق الجغرافي,وحجم الأزمة, والمدي الزمني,وطبيعة التهديدات, وطبيعة أطراف الأزمة.. إلخ.
ولأن الأزمات أصبحت جزءا أساسيا وواقعا حياتيا في عالمنا المعاصر, فلا يخلو أي مجتمع من أزمة ما, فقد اهتمت بعض المؤسسات والهيئات بتأسيس إدارة للأزمة داخلها. وإدارة الأزمة Crisis Management, هي عملية إرادية مقصودة تقوم علي التخطيط والتدريب بهدف التنبؤ بالأزمات والتعرف علي أسبابها الداخلية والخارجية, وتحديد الأطراف الفاعلة والمؤثرة فيها, واستخدام كل الإمكانيات والوسائل المتاحة للوقاية من الأزمات أو مواجهتها بنجاح, بما يحقق الاستقرار وتجنب التهديدات والمخاطر, مع استخلاص الدروس والعبر واكتساب الخبرات الجديدة التي تحسن من أساليب التعامل مع الأزمات في المستقبل.
وإذا كنا نؤمن بدور وأهمية المجتمع المدني, بجمعياته ومؤسساته وهيئاته المختلفة, باعتباره عملا إيجابيا ونشاطا مفيدا للأفراد والجماعات, والمجتمع ككل, فهو لذلك يستحق الدعم والمساندة وتذليل العقبات والصعوبات والتحديات المختلفة التي تواجه العاملين به, من أجل أداء أفضل لما يقوم به من أدوار كثيرة في مجالات إنسانية متنوعة, سواء في الحاضر أو في المستقبل.
[email protected]