في 3 مارس/ آذار الجاري، أعلنت الحكومة البريطانية تنزيل عقوبات على عدد من الأوليغارشيين الروس، الذين تربطهم علاقات ببوتين، يدعم هذا الأخير بفضلها الهجوم الواسع الذي شنه على أوكرانيا في 24 فبراير/شباط الماضي. وقالت الحكومة أنها "جمَّدت كل الأصول وحظرت السفر على اثنين من الأوليغارشيين الروس ذوي المصالح المهمة في المملكة المتحدة والعلاقات الوثيقة مع الكرملين".

على رأس هؤلاء الذين شملهم التجميد والحظر، كان عليشر عثمان، الملياردير الروسي من أصول أوزبكية. والذي جمدت أصول استثمارية وعقارية في المملكة بلغت قيمتها 19 مليار دولار، منها قصر في منطقة "هاي غيت" تبلغ قيمته 63.4 مليون دولار، وقصر "ساتون بالاس" الذي يعود بناءه إلى القرن 16م.

غير أن هذه العقارات المشمولة بقرار التجميد لم تمثل إلا جزءاً من أملاك عثمانوف في المملكة، هذا ما كشفته صحيفة الغارديان البريطانية، قائلة إن الأوليغارشي نجح في تهريب أصوله من العقاب، وبالتالي لم تطله العقوبات بالشكل الذي كان مطلوباً.

كيف خدع عثمانوف العقوبات البريطانية؟

حسب "متعقب الأصول الروسية" لـ "مشروع الإبلاغ عن الجريمة المنظمة والفساد" (OCCRP) فإنه من الصعب معاقبة شخصية كعليشر عثمانوف، ذلك لصعوبة تعقب وتحديد مجموع الأصول المرتبطة به، والتي نقل ملكيتها لأشخاص آخرين في محيطه العائلي للتهرب من أي ملاحقات غربية، كما يستعمل شبكات التهرب الضريبي والحسابات البنكية السرية لإخفاء آثار ملكيته لتلك الأصول.

فإلى جانب أصوله العقارية في بريطانيا، يملك عثمانوف شققاً فاخرة وقصوراً في كل من إيطاليا وألمانيا ولاتفيا، تقنياً لم تسجل ملكيتها باسمه بل أشخاص من عائلته، ما يجعل من الصعب مصادرتها بحكم قرار العقوبات الغربية التي طالته.

كما يملك أيضاً يختاً خاصاً بمساحة 512 قدماً يرسو في ميناء هامبورغ الألمانية، تبلغ قيمته 600 مليون دولار، تجد سلطات تلك البلاد صعوبة في الحجز عليه. ذلك عائد إلى ما ذكرته مجلة فوربس الأمريكية كون "اليخت مسجل في جزر كايمان ومملوك لشركة Klaret Continental Leasing التي مقرها مالطا، مما يجعل من الصعب ربطه مباشرة بعثمانوف وإدراجه موضوعاً للعقوبات".

أما بالنسبة إلى الاستثمارات، يملك عثمانوف 49% فقط من شركته القابضة USM، ما يجعلها كذلك من الصعب أن تكون موضوع عقوبات، كون الخزينة الأمريكية تعتمد عتبة 50% كحد أدنى لذلك.

وارتبط اسم عثمانوف بعدد من الفضائح المالية، آخرها كان فضيحة أوراق "بارادايس" وتسريبات كريدي سويس. وكشفت تلك التسريبات أن شقيقة الأوليغارشي الروسي، سودة نارزييفا، تملك 27 حساباً في البنك السويسري، أحدها بقيمة 2 مليار دولار. ويرجح أن هذه الحسابات مرتبطة بأعمال شقيقها، إذ لا يمكن لوظيفتها الرئيسية كطبيبة نساء بمستشفى في العاصمة طاشقند من أن توفر لها كل تلك الثروة.

عثمانوف لا يملك شيئاً

ورد ناطق رسمي باسم عثمانوف على استفسارات الغارديان حول هذا الموضوع، بأن الملياردير لا ملك تلك الأصول، وأن معظم ممتلكات الملياردير، وكذلك يخته، "جرى تحويلها منذ فترة طويلة إلى صناديق اتئمانية غير قابلة للإلغاء".

وأردف الناطق الرسمي أنه "من تلك اللحظة فصاعداً لم تعد في ملكية السيد عثمانوف، ولم يعد قادراً على إدارتها أو التعامل مع بيعها، ولم يكن بإمكانه استخدامها إلا على أساس الإيجار. فقد انسحب السيد عثمانوف من المستفيدين من الصناديق، متبرعاً بحقوقه المفيدة لعائلته".

وحسب الصحيفة البريطانية، ستكون الصعوبة في تنفيذ تلك العقوبات على عثمانوف رهينة القدرة على تحديد ارتباطه بملكية تلك الأصول. وهذا ما سيجعل لجنة العقوبات أمام تحدٍ قانوني كبير قد يعرضها للإحراج إذا ما هي تفادته.

هذا ويعد عثمانوف أحد الأوليغارشيين المقربين من الرئيس بوتين ورئيس الوزراء الروسي دميتري ميدفيدف، كما عُرف باستثماره في أندية كرة القدم البريطانة الكبيرة كإيفيرتون وأرسنال. فما تقدر ثروة عمانوف بـ 13 مليار دولار.

TRT عربي